تشير إحصاءات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2016، إلى ارتفاع استهلاك الطاقة في الدول العربية نحو 3.7 في المئة عام 2015 بنحو 520 ألف برميل مكافئ نفط يومياً عن العام السابق، ليصل إجماليه إلى نحو 14.7 مليون برميل مكافئ نفط يومياً، مقارنة بـ14.1 مليون برميل مكافئ نفط يومياً عام 2014. وكان مستوى الاستهلاك من الطاقة في الدول العربية في 2011 نحو 13.3 مليون برميل مكافئ نفط يومياً.
تعتمد الدول العربية في شكل شبه كامل على النفط والغاز لتلبية متطلباتها من الطاقة، ومثّلا نحو 98.2 في المئة من استهلاك الطاقة الإجمالي في الدول العربية في 2015، نظراً إلى تناقص حصة المصادر الأخرى المتمثلة بالطاقة الكهرومائية والفحم.
وتدل الإحصاءات الواردة في التقرير على أن الغاز «يأتي في المرتبة الأولى في تغطية متطلبات الطاقة في الدول العربية، التي بذلت جهوداً للتوسع في استغلال الغاز الطبيعي وزيادة الاعتماد عليه في تغطية متطلباتها، خصوصاً في مجال توليد الكهرباء. أدت هذه الجهود إلى زيادة في استهلاك الغاز بمعدلات سنوية متزايدة خصوصاً في السنوات الأخيرة. ووصل حجم استهلاك الغاز إلى 7.4 مليون برميل مكافئ نفط يومياً في 2015، في مقابل 7.2 مليون برميل نفط مكافئ يومياً عام 2014، أي بارتفاع 3.2 في المئة. وأدى هذا بدوره إلى حفاظه على أهميته النسبية في موازين الطاقة عند حدود 50.5 في المئة من استهلاك الطاقة الإجمالي في الدول العربية عام 2015.
وتباين استهلاك الطاقة ضمن الدول العربية، في ضوء عوامل كثيرة «تتمثل في شكل أساس في تفاوت مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وما تعكسه من اختلاف درجات عملية التصنيع من جهة، ودرجات الرفاه المتباينة التي وصلتها الدول العربية من جهة أخرى. ويتجلى هذا العامل في شكل تقريبي في مؤشر التاتج المحلي الإجمالي. يُضاف إلى ذلك عدد السكان وحجم ما تملكه الدول العربية من احتياطات من النفط والغاز ودرجة استغلالهما، ما يضطلع بدور حاسم في كل من التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي مستوى استهلاكها من الطاقة».
تدهورت أسعار النفط الخام منذ منتصف 2014 حتى نهاية 2016. ووصلت الأسعار عام 2015 إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2005. فبحسب التقرير تراوحت المعدلات الشهرية لسعر خامات «أوبك» ضمن نطاق واسع بين 33.6 و 62.2 دولار للبرميل. وبلغ المتوسط السنوي لسلة نفوط «أوبك» 69.5 دولار للبرميل، «مشكلاً بذلك انخفاضاً بحدود 46.7 دولار للبرميل، أي ما يعادل نسبة تدنٍ بلغت 48.5 في المئة مقارنة بالأسعار المسجلة خلال 2014».
وبما أن مصدر جزء كبير من الزيادة في الإمدادات النفطية، الإنتاج النفطي غير التقليدي (النفط الثقيل، رمال النفط، النفط الصخري، الصخر النفطي، ونفوط المياه البحرية الفائقة العمق) من الدول غير الأعضاء في «أوبك»، فقد عالج التقرير بإسهاب هذه الظاهرة الجديدة في الصناعة النفطية، وآثارها على الأسواق العالمية والصناعة النفطية العربية.
وتُقدَّر مصادر النفط غير التقليدية المكتشفة في العالم بكميات ضخمة جداً. فيما يصل تقدير الكميات القابلة للاستخلاص من الناحية الفنية، وفق التقرير إلى نحو 3298 بليون برميل كما في نهاية 2014، وهو ما يقدر بضعف مصادر النفط التقليدية والتي تصل إلى نحو 1700 بليون برميل نهاية 2014.
وتدل إحصاءات التقرير حول إنتاج النفوط غير التقليدية عالمياً وعربياً، على أن الإنتاج العالمي من النفط الثقيل بلغ نحو 10.3 مليون برميل يومياً في 2014. وسجل معدل إنتاج النفط الثقيل عربياً نحو 356 ألف برميل يومياً. فيما وصل إنتاج النفط الصخري عالمياً إلى نحو 5.6 مليون برميل يومياً في 2015، أو ما يعادل 7.1 في المئة من الإنتاج العالمي للنفوط المختلفة. واستحوذت الولايات المتحدة على الإنتاج العالمي للنفط الصخري في 2015. وكانت شهدت ثورة في هذا المجال منذ عام 2009. ولم يُنتج النفط الصخري في الدول العربية في 2015. أما الإنتاج العالمي من رمال النفط فبلغ نحو 2.52 مليون برميل يومياً في 2015، أو نحو 3.2 في المئة من الإنتاج العالمي من الخامات المختلفة. وأُنتج معظم هذا النفط (91 في المئة) من المقاطعات الغربية الكندية. وبلغ الإنتاج من المياه العميقة في المحيط الأطلسي مقابل الشاطئ البرازيلي، بالذات ما يعرف بمنطقة «ما قبل الملح» نحو 493 ألف برميل يومياً في 2014.
تواجه صناعات النفوط غير التقليدية تحديات، منها ارتفاع تكاليف الإنتاج، والآثار السلبية على البيئة وتحديداً مصادر المياه الجوفية والهواء. لكن تدل التجارب على أن هذه الصناعات تلاقي دعماً واسعاً من حكومات الدول الصناعية، خصوصاً بتشجيع البحوث والتطوير، لما تزوده من مصادر الوقود المحلية التي تساعد في التعويض عن الاستيراد.
ويشير التقرير إلى أن «زيادة مستويات الإنتاج من المصادر غير التقليدية ساهمت في انخفاض واردات النفط الخام الأميركية من الدول العربية بنحو 35.2 في المئة بين عامي 2008– 2014. وتباين تأثير التطورات في إنتاج النفط الصخري على صادرات النفط الخام من الدول العربية المختلفة إلى السوق الأميركية، تبعاً لنوعيات نفوط التصدير لتلك الدول. إذ تراجعت واردات النفط الخام الأميركية من الجزائر، باعتبارها منتجة للنفوط الخفيفة بنسبة 80 في المئة. وفي المقابل، حققت الكويت، باعتبارها منتجة للنفوط الثقيلة زيادة في صادراتها من النفط الخام الى السوق الأميركية بنحو 48 في المئة».
يصدر التقرير الاقتصادي العربي الموحد منذ عام 1980 سنوياً. ويشارك في تحريره كل من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق النقد العربي ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوبك)، التي حررت الأقسام النفطية. ويُعتبر التقرير المرجع الاقتصادي السنوي الرئيس والأهم عن اقتصادات الدول العربية. إذ يوفر قاعدة موحدة من البيانات والمعلومات عن (التطورات الاقتصادية والاجتماعية، والزراعة والمياه والصحة وموازين المدفوعات إضافة إلى مجموعة من الجداول الإحصائية).
نقلا عن الحياة