أعلنت زعيمة الدولة المضيفة لقمة العشرين مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل أبرز وأخطر التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي والتي تعد أهم ما سيناقش بالقمة بعد أيام قليلة.
حيث قالت: «من يظنون أنه بالإمكان حل مشكلات العالم من خلال الحمائية والانعزالية يرتكبون خطأ كبيرًا». ولم يفتها أن تحذر من النزعة التوسعية الاقتصادية للصين حيث قالت: إن الصين تعد أوروبا «شبه جزيرة آسيوية» داعية للوقوف خلف دعوة الرئيس الفرنسي ماكرون لتعزيز الدفاع عن القطاعات الصناعية الإستراتيجية لأوروبا في مواجهة أطماع الخارج.
من الواضح أن قمة العشرين لن تكون عادية في مواجهة الواقع العالمي دون أي مجاملات أو تجميل فالحقيقة تبدو شاخصة بأن الحمائية تتزايد وأصبح إطلاق التصريحات عنها علنًا، بل مثار للتفاخر من خلال شعارات قادة بعض الدول الكبرئ اقتصاديًا بأن بلدهم أولاً، فالجميع يدرك خطورة الحمائية وما ستؤول له الأوضاع الاقتصادية العالمية إذا استشرت واستفحلت فقد تؤدي إلى حروب ونزاعات اقتصادية، بل قد تصل إلى مواجهات عسكرية طاحنة، خصوصًا أن توجهات دولة كبرى مثل أمريكا باتت أكثر وضوحًا نحوها وكذلك عديد من الدول مارستها بأساليب وطرق مختلفة أدت لميزة نسبية لصادراتها وهو ما يبرر ما قالته المستشارة ميركل عن الصين ونزعتها التوسعية التي تربطها بالاتحاد الأوروبي أكبر حجم تبادل تجاري لها مع العالم بنحو 1.6 تريليون دولار سنويًا، فالحمائية الدولية ستكلف الاقتصاد والتجارة الدولية نحو 8 تريليونات دولار كما نشر على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي العام الماضي مما ينذر بكارثة ستعيد الاقتصاد العالمي لازمة أشد من أي وقت مضى لأنه لا يمكن وضع حلول لها لو وقعت بسبب استنفاد الدول الكبرى لكثير من الذخيرة بحلول السياسات النقدية والمالية في السنوات الثماني الماضية
إن اقتصاد العالم سينظر لقمة العشرين بألمانيا على أنها مصيرية في فهم مدى تعاون تلك الدول التي تشكل نحو 75 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، فالواضح أن زعيمة ألمانيا تطمح لتشكيل جبهة من عدة دول لمواجهة الحمائية التي بدأت تطلق شعاراتها من أمريكا وتمارسها أيضًا بعض الدول الأعضاء بالمجموعة وتعول ألمانيا على موقف أوروبي موحد ومدعوم من بعض الاقتصاديات الناشئة لدول أعضاء بالمجموعة لكي تلزم داعمي الحمائية أو المتوجهين لها وعلى رأسهم أمريكا لكي يتعاطوا مع مصلحة الاقتصاد العالمي قبل النظر لمصالحهم الضيقة، إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه إذا كان الجميع يعرف خطورة الحمائية وما تفرزه من انعزالية للدول التي تمارسها ولعل أمريكا أكثر دولة تعي ذلك فلماذا تتجه لها وما هي المصلحة الكبرى التي ستحصل عليها بالرغم من أنها ستتكبد بالبداية خسائر من الحمائية لأن الدول ستعاملها بالمثل فهل نحن مقبلون على أزمات اقتصادية مصطنعة لتحديد من سيكونوا قادة العالم اقتصاديًا للقرن الحالي؟
قمة ستحدد توجهات التعاون الدولي اقتصاديًا، بل حتى سياسيًا بالتوازنات العالمية وترى المستشارة ميركل أن للدول العشرين دورًا كبيرًا عند تعاونهم بتجاوز كل التحديات التي تواجه العالم اقتصاديًا ولتحسين مستوى التوازنات الاقتصادية التي يهددها النهج الحمائي بخسائر كبيرة ستتضرر منها دول عديدة وستخلق أزمات اقتصادية لن ينجو أحد منها وستكون الأضرار جسيمة وعلاجها قد لا يكون تقليديًا بل سيكون أكثر كلفة فهل ستنجح قمة العشرين في معالجة مشكلات الاقتصاد العالمي بالتصدي للحمائية ومنع النزعات التوسعية وتعزيز مفهوم الشراكة والتعاون الاقتصادي الدولي؟
نقلا عن الجزيرة