مثلما تتعدد المصطلحات التي عادة ما تطلق على هذا النوع من المدن، منذ أن ظهرت عام 2000، فتسمى تارة (المدن الذكية) وأحياناً أخرى (المدن الرقمية) ونحوها من المصطلحات، تتنوع كذلك التعاريف التي تحدد سمات تلك المدن، مع انها تكاد لا تتجاوز نطاق ما توصف به تلك الحواضر من انها المدن التي تعتمد بشكل أساسي على البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات، لتوظفها في تذليل المشاكل اليومية لساكني تلك المدن على نحو مبتكر، في استجابة منها لظروف بيئتهم المتغيرة، على عكس المدن التقليدية، وموجهة تركيزها على الانسان في المقام الأول، لتلبي احتياجاته على نحو يرفع من مستوى الحياة التي يعيشها داخل تلك المدن.
لقد استحدث في عام 2007 مؤشر يهتم بهذا الجانب في مدن العالم، وينشر تقارير دورية تتعلق بترتيبها في مجال تطبيقات المدن الذكية، يطلق عليه مؤشر المدن المبتكرة ((Innovation Cities Index يرصد في نطاق عمله نحو (500) مدينة حول العالم، احتلت المدن العشر الأكثر تقدماً في مجال تطبيقات المدن الذكية وفقـاً للتقرير الخـــاص بهـــذا المؤشـــر الـــذي صــدر عـــام 2016 كل من مــدن لنــدن، نيويــورك، طوكيــو سان فرانسيسكو، بوسطن، لوس انجلوس، سنغافورة، تورنتو، وباريس، أما المدن العربية التي تضمنها التصنيف في هذا التقرير فقـد جـاءت في المقدمـة كل مدينـة دبي التي نالت المرتبة (28) عالمياً، تلتها مدينتي أبو ظبي فالدوحة.
اشير إلى ذلك في أجواء انعقاد المؤتمر السعودي الأول للمدن الذكية الذي تنظمه وزارة الشئون البلدية والقروية هذا الأسبوع، ويهدف إلى جمع الخبرات في مجالات المدن الذكية لنقل وتبادل التجارب والتقنيات فيما يعود بالفائدة على عملية تحول المدن السعودية إلى مدن ذكية، ويصب في مصلحة تنفيذ مبادرة تطبيق مفاهيم المدن الذكية في المملكة، أحد مبادرات وزارة الشئون البلدية والقروية ضمن برنامج التحول الوطني 2020، في بحث عن مدى إمكانية تطوير تطبيقات يمكن أن تساعد سكان مدن المملكة في تذليل مشكلة هي من اصعب ما تعاني منه الحياة اليومية في تلك المدن، ألا وهي مشكلة البحث عن مسكن للشراء أو الاستئجار، ولو على الأقل تطبيق واحد، يماثـل في جوهره تطبيـق الكشاف العقاري ((Property Finder بمدينة دبي، الذي يتيح لمستخدمه من سكان المدينة الاختيار بين مجموعة كبيرة من العقارات المتوفرة في هذا التطبيق، من خلال الوسطاء العقاريين، وتقديم كافة التفاصيل والمعلومات المتعلقة بالعقارات في مكان واحد بالإضافة إلى خدمة تتيح معرفة معدل أسعار الوحدات وايجاراتها في كل منطقة للمقارنة فيما بينها، وذلك سعياً إلى توظيف مثل هذا التطبيق في حال تطويره لخدمة سكان مدن المملكة في البحث والاختيار بين الوحدات السكنية المعروضة للبيع أو الإيجار المتوفرة في هذا التطبيق، مقترنة بأسعارها ومواقعها في احياء تلك المدن، فهل نشهد قريباً تطوير وطرح مثل هذا التطبيق وغيره من التطبيقات التي تلبي الاحتياج في قطاع الإسكان بمدننا، التي هي على عتبة تبني مفهوم المدن الذكية؟.
نقلا عن الرياض