كتب أستاذ الاقتصاد وأحد عرابي الصناعة السعودية الدكتور محسون بن بهجت جلال -توفي في يوليو من العام ٢٠٠٢م- كتاباً بعنوان "زراعة البترول" ودعا فيه المؤلف رحمه الله إلى الاستفادة بالشكل الأمثل من العوائد البترولية الضخمة من خلال تحويلها إلى مؤسسات تابعة للدولة بغرض استثمارها وبالتالي إحداث صناعات متنوعة وجديدة، وتزامن اصدار ذلك الكتاب مع الطفرة الاقتصادية الاولى وكذلك خطة التنمية الأولى في التسعينيات الهجرية من القرن الهجري الماضي.
بعد ذلك بسنوات قليلة وفي العام ١٩٧٥م تحديداً، تم انشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع بهدف إنشاء اقتصاد متنوع وقطاعات صناعية جديدة كالبتروكيماويات والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة وبالتالي تقليل الاعتماد على الإيرادات البترولية، وبعدها بسبعةٌ وعشرون عاماً أعلن ملك الانسانية عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- موافقته لانطلاق الجبيل وينبع (٢)، وبعدها بسبعة أعوام تم إنشاء مدينة رأس الخير الصناعية وضمها إلى الهيئة الملكية، والآن تعتبر إنجازات الهيئة مفخرة للمملكة العربية السعودية حيث أضحت مدينتي الجبيل وينبع نموذجاً دولياً يحتذى به حيث بلغت نسبة حجم انتاجهما اكثر من ٧٠٪ من اجمالي انتاج الصناعات السعودية بشكل عام و٨٥٪ من اجمالي انتاج الصناعات السعودية غير النفطية على وجه الخصوص من خلال أكثر من ٦٠٠ مصنع واستثمارات بأكثر من ترليون ريال، وبالتوازي مع ذلك فقد حققت الهيئة نجاح مُلفت في تحقيق معدلات مرتفعة في الحماية البيئية بشهادة الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية والإقليمية وهو ما يمكن اعتباره مرحلة أولى ناجحة من مراحل زراعة البترول.
شاهدت بإعجاب لقاء أمير الشباب والطموح ومهندس رؤية ٢٠٣٠ الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- يوم الثلاثاء الماضي وخصوصاً حديث سموه عن الخصخصة ودعم القطاع الخاص والاستفادة من العوائد البترولية الضخمة واستثمارها في الصناعات الثقيلة من خلال عدة قنوات من بينها طرح جزء من أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام وتحويل السيولة إلى صندوق الاستثمارات العامة بغرض الاستثمار في الصناعات التعدينية والعسكرية وصناعة السيارات وغيرها بالإضافة إلى الاستثمار في قطاع الترفيه والخدمات اللوجستية كالنقل بكافة أنواعه.
بعد انتهاء اللقاء، تساءلت كثيراً عما إذا كانت رؤية ٢٠٣٠ هي المرحلة الثانية من مراحل زراعة البترول! أعتقد شخصياً بأن الإجابة هي أن الرؤية أعم وأشمل وأعمق من مجرد أن تكون مرحلة، حيث راعت الرؤية جميع جوانب حياة المواطن السعودي وليس فقط الجوانب الاقتصادية والمالية، كما أن الرؤية تعد نموذج حياة ونمط معيشة متكامل، فحري بنا جميعاً أن نقف وقفة رجلٌ واحد وأن نساهم بكل ما نملك من طاقات وإمكانيات وأفكار وخبرات في سبيل تحقيق هذه الرؤية الطموحة وتحويلها إلى واقع نسمو ونرتفع من خلاله وألا نكتفي بالمشاهدة وترقب القرارات وانتظار ما ستؤول إليه الأمور فقط!
خاص_الفابيتا
اما عراب الصناعة السعودية فكثر منها. المرحوم بعد تقاعده تقاطوا مجموعة من رجال الاعمال واسسوا له شركة التصنيع براس مال 600 مليون في 1984 اي ما يعادل مليارات هذه الايام وخلال بضع سنوات اوشكت على الافلاس. عاد شوف مشاريعه مراتب نوم طفايات حريق الخ.
الدكتور محسون خدم في وزارتي المالية والتجارة مدة طويلة وله بصمات واضحة بشهادة الجميع ودرس في جامعة الملك سعود، كما مثل المملكة العربية السعودية بالبنك الدولي وكان مديراً تنفيذياً له وأسس الصندوق السعودي للتنمية وشركة الدوائية والبنك المتحد وغير ذلك، وكان عضو مجلس ادارة سابك. اما فيما يتعلق بموضوع افلاس شركة التصنيع الوطنية فاتمنى منك تحري الدقة والتثبت من المعلومة فشركة التصنيع لم تتعرض لأي خسارة في تاريخها إلا في العام ٢٠١٤م وهي من اسوء السنوات المالية على الجميع. كلامك صحيح فقد تمت مساهمة عدد من المستثمرين بمبلغ ٦٠٠ مليون ريال عند تأسيس التصنيع وتم دفع ٥٠٪ منها فقط (٣٠٠ مليون) وعند اول جمعية غير عادية طلب الدكتور محسون من المساهمين عدم دفع المتبقي لعدم الحاجة له، والشركة ناجحة وقائمة وفي ازدهار مستمر حتى يومنا هذا وجميع مجالس اداراتها وإداراتها التنفيذية تُدين للدكتور محسون بالفضل. كما قدم رحمه الله الكثير من المؤلفات والأفكار التي تُدرس حتى الان، وكان صاحب فكرة اول مشروع لصناعة الورق والغابات الصناعية بتبوك وتمت الموافقة عليه من الجهات الرسمية، وعُرف عنه الروح الوطنية والرغبة الجامحة في النهوض بالصناعة السعودية، فجزاه الله عنا خير الجزاء. لست مدافعاً عنه رحمه الله ولكن هذا التاريخ وهذه الحقائق، وأرحب باي رأي مختلف بشرط ان يكون مبني على حقائق وأدلة.
انا عاصرت تأسيس الشركة واعرف عما اتحدث عنه وتستطيع مراجعة ميزانياتها لدى ادارة الشركة وتم اعفاء المرحوم وتغيير مجلس الادارة ودخول ملاك جدد ودعم راس مالها وتغيير نشاطها الى الصناعات الكيميائية واصبحت من افضل الشركات المساهمة اداء حتى نكستها في السنوات الماضية. انا لا انتقص من قيمة الراحل كاكاديمي و موظف حكومي لكن قطاع الاعمال الحرة لم ينجح فيه فالتجارة موهبة قبل كل شيء. وهو بالمناسبة ليس الوحيد فشركات مثل النقل البحري حصل لها نفس الشي في تلك الفترة. انا اتفهم اختلاف الاراء لكن في ما يتعلق بالحقائق الموضوع مختلف وانصحك بتحري الدقة عند الكتابة والامر يتطلب جهداً في البحث والتحري.
شكراً على نصيحتك والتي اتمنى تطبيقها من الجميع، واسمح لي هنا بأن أتوقف عن هذا الجدل. شكراً
استاذ عبدالعزيز الله يعطيك العافية ونتفق معك ان نماذج الجبيل وينبع صعب ان تتكرر وصعب ان يتعلم منها مسؤولي هذه الايام!!
الله يعافيك، من استطاع ان ينشئ الجبيل وينبع ابتداءا يستطيع انشاء المئات غيرها، المواطن السعودي قادر على عمل المستحيل.