ملاحظات على مسودة تنظيم الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة

02/05/2017 8
د. فيصل الفايق

اصدرت هيئة تنظيم الكهرباء و الانتاج المزدوج مسودة (تنظيمات أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة) وطلبت من الجمهور بتزويدها باقتراحات وملاحظات، وهذا مما تشكر عليه الهيئة و دل فعلا على رغبتها بالبدء ببداية صحيحة وسليمة يكون فيها ازدهار لهذا المجال الحساس من الطاقة المتجددة ومشاركة المواطن بالاقتراحات في بلد تتوفر فيه اشعة الشمس أغلب ايام السنة، ويكون فيه منفعة للمستهلكين والمستثمرين.

ولذلك حرصنا في هذا المقال أن نطرح بعض الاقتراحات على المسودة وننشر بعضا من ثقافة الطاقة المتجددة ليستفيد منها العموم ولا تكون حصرا على النخبويين والمتخصصين فقط لأن الجميع يحتاج الى هذه الثقافة في هذه المرحلة من دخول مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكلي، وما للمواطن من دور محوري في تطبيقها عند حصوله على الدعم المناسب مما سيخفف بالتأكيد من الأعباء المليارية على الدولة!

لا شك انه في دخول هذا المزيج ودوره المهم في دعم اقتصادنا، وكما طالبنا قبل ذلك بتشجيع ودعم القطاع الخاص، ايضا يجب تشجيع المستهلكين في تبني وضع الواح الطاقة الشمسية (الكهروضوئية) في منازلهم وجعل برامج مشجعة من الدعم ومنها التعاقد مع مستثمر ثالث بالاشتراك في وضع هذه الالواح مقابل تقاسم مبلغ التوفير (او حتى البيع على الشبكة).

من الملاحظات الرئيسية على المسودة انها تستخدم اسلوب فوترة “صافي القياس” المعروف باسم (Net Metering)، ويتلخص اسلوب هذه الفوترة بوضع عداد ثنائي الاتجاه بين المستهلك و موزع الكهرباء.

هذا العداد يقيس كمية استهلاك المستهلك للكهرباء لكنه يسير باتجاه عكسي في حال ان المستهلك اصبح يزود الموزع بالكهرباء، فالذي يحدث انه في فترة المساء يقوم المستهلك باستخدام الكهرباء من الشبكة، وفي النهار عند سطوع الشمس سوف يقوم المستهلك باستخدام الكهرباء من الالواح الكهروضوئية و يكمل النقص من موزع الكهرباء، لكن اذا كان انتاج الكهرباء من الالواح الكهروضوئية اعلى من استهلاك المنزل فإن الفائض يذهب الى الشبكة ويقوم العداد بالدوران العكسي اي انه يتم طرح كمية الوحدات الفائضة من العداد الرئيسي (ثنائي الاتجاه).

افضل تشبيه لهذا النظام كانه يتم تخزين فائض الكهرباء في بطارية افتراضية (في الشبكة) ثم يتم استرجاعها من الشبكة عن الحاجة. المسودة تذكر ان في نهاية الفوترة لن يتم دفع قيمة ضخ الكهرباء في الشبكة للمستهلك اذا كان هناك فائض في نهاية الفوترة بل سوف يحسب كرصيد يتم ترحيله للفوترة القادمة على امل ان يتم استهلاك هذا الفائض في الفوترة المقبلة، وسوف يتم حمل الفائض لمدة ثلاثة سنوات وبعدها يحق للعميل المطالبة بالمبلغ المالي عن طريق اعتماد الهيئة للمبلغ المطلوب (بعض الدول لا تعطي شيء بعد انتهاء فترة معينة). هذه الطريقة مستخدمة في بعض دول العالم مثل امريكا والهند.

في المقابل توجد في اوروبا عموما و في المانيا خصوصا تجربة أخرى ناجحة جدا حيث ان انشاء هذه الالواح في اسقف المنازل فاق كل التوقعات. وهي تستخدم فوترة باسلوب (تعرفة حسب التغذية) في الشبكة المعروف باسم (Feed-in-Tariff) او التعرفة المزدوجة، بحيث يكون هناك عدادان او عداد ذكي يوضع في نقطة التقاء المستهلك والموزع. يقوم العداد الاول بحساب استهلاك الكهرباء المنزل من الموزع ويقوم العداد الثاني بحساب كمية تغذية الكهرباء من المنزل الى الموزع.

وبالتالي يكون سعر تغذية المستهلك الى الموزع أعلى من تغذية الموزع الى المستهلك. بهذه الطريقة يكون هناك حافز كبير للمستهلكين بالاستثمار في مثل هذا النظام لانه قد يدر عليه ربح، ايضا في المانيا تقوم بعض الشركات بعرض تركيب الالواح مجانا على البيوت مقابل تقاسم الارباح وهذا قد يفيد من لا يستطيع التكفل بوضع هذه الالواح.

فرق السعر بين البيع على الموزع والشراء منه يجب ان يكون مغريا وبسعر مثلا 30 هللة فوق سعر الشراء ثم يتم تدريجيا خفض الفرق على 15 سنة الى ان ينضج هذا القطاع تماما مثل ما فعلت المانيا. كما أن المفوضية الاروبية والوكالة الدولية للطاقة ترى ان هذا النظام هو من أنجح الانظمة في تشجيع المستهلكين على وضع الالواح الكهروضوئية في منازلهم.

المتوقع ان هذا الدعم للفرق بين سعر الشراء والبيع أن يأتي من الدولة في إطار تحفيز عجلة الاستثمار في هذا المجال الحيوي. ونحن الآن أمام فرصة ذهبية في تشريع نظام فعال و مشجع يفيد الوطن في التقليل من الاعتماد على النفط ويساعد المواطن في المشاركة في الوصول الى هدف 9.5 جيجا واط من الطاقة المتجددة وهذا أحد أهم أهداف واستراتيجيات  رؤية 2030.

ومن الملاحظات ايضا انه لا يوجد جدول زمني محدد لتنفيذ كامل خطة التطبيق بتفاصيلها، وايضا لا توجد تفاصيل عن تقييم ومراقبة الاستشاري او المقاول لتنفيذ عمليات التصميم والتركيب والتشغيل! وايضا لم يتم تحديد المشتري المستقل 

ISO (Independent System Operator) or (Principle Buyer)

وهي شركة دفترية تعمل كوسيط بين البائعين لمختلف مصادر الطاقة الكهربائية والمشترين لها وتكون قراراتها الشرائية مستقلة عن الطرفين الآخرين وتراعي في ذلك الظروف الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية للمنتج والمستهلك و الموزع.

بقي ان نبحث عن عناصر تشجيع الاستثمار في الطاقة الشمسية والمتجددة لدى صغار المشتركين في التنظيم الجديد والتي يجب ان تكون واضحة ومغرية في مراحلها الاولى، ثم تتجه الى التخفيف في المراحل التالية نتيجة نمو المنافسة في تكاليف التركيب وزيادة عدد المشتركين المستفيدين من تركيب الطاقة الشمسية خلال السنوات الخمس سنوات القادمة.

خاص_الفابيتا