يقولون إنّ «القلم أمانة» ولذلك سنحاول في هذه الزاوية شرح ما وراء الأرقام واضعين نصب أعيننا تقبل الجميع للنقد «البناء الإيجابي والمنضبط» الذي يصب في نهاية المطاف نحو تقنين تكاليف التمويل والتوفير على خزانة الدولة.
الهدف من هذه الزاوية هو معرفة التوزيع الجغرافي للمستثمرين وتقييم تجربة اختيار الهيكلة الهجينة على إقبال المستثمرين الدوليين. سنجعل الأرقام تتكلم عن نفسها. يا ترى هل أثر اختيار الهيكلة الهجينة (البالغة التعقيد) على جاذبية الصكوك للمستثمرين الدوليين وهل كان اختيار هيكلة الإجارة سيساهم في رفع طلبات الاكتتاب لتكون أكثر من 33 مليار مقارنة مع السندات التي وصلت طلبات الاكتتاب بها إلى 67 مليار دولار؟
قد يتساءل البعض ويقول كيف نقيم الأثر ؟ المنهجية سهلة وترتكز على مقارنة نسبة امتلاك الصكوك والسندات (التي صدرت في 2016) وذلك وفق التوزيع الجغرافي. قد يقول البعض من الطبيعي أن يحصل انخفاض من المستثمرين الدوليين مع السندات الإسلامية. هذا صحيح. لذلك سوف نتجاهل الانخفاضات الطفيفة ونركز على أي انخفاض أو زيادة «لافتة» في حجم نسبة المبالغ المكتتب بها والتي تتعدى 44 %. قبل الدخول بالتفاصيل، علينا التذكير بأن السعودية قد طرحت مؤخرا صكوك دولية مقومة بالدولار، بقيمة 9 مليارات دولار، وقسم الإصدار على شريحتين، الأولى تبلغ 4.5 مليار دولار لصكوك تستحق في العام 2022، والثانية تبلغ 4.5 مليار دولار لصكوك تستحق في العام 2027.
شريحة الخمس سنوات
عندما نتحدث عن المستثمرين فنحن نقصد بذلك مديري الصناديق و البنوك التجارية والمركزية وشركات التأمين وصناديق التقاعد. فعند مقارنة معدل نسبة استحواذ مستثمري الولايات المتحدة على شريحة الخمس سنوات للسندات والصكوك، نجد أن نسبة انخفاض إقبالهم على الاستثمار في السندات الإسلامية قد وصلت إلى 51 %. ونفس الحال ينطبق على المستثمرين الأوربيين بنسبة وصت إلى 48 %. وعلى النقيض من ذلك شهدت نسبة مشاركة المستثمرين الشرق أوسطيين زيادة وصلت إلى 410 %. ليبرهنون أن شريحة الخمس سنوات هي المفضلة لديهم (ولمزيد من التفاصيل حول بيانات الاكتتاب بكل شريحة، الرجاء الاطلاع على الجدولين المرفقين).
شريحة العشر سنوات
عند مقارنة معدل نسبة استحواذ مستثمري الولايات المتحدة على شريحة العشر سنوات للسندات والصكوك، نجد أن نسبة انخفاض إقبالهم على الاستثمار في السندات الإسلامية قد وصلت إلى 44 %. ونفس الحال ينطبق على المستثمرين الآسيويين بنسبة وصت إلى 50 %. وعلى النقيض من ذلك شهدت نسبة مشاركة المستثمرين الشرق أوسطيين زيادة وصلت إلى 129 %.
تقييم التجربة
عندما تداولت بلومبرج خبراً في ديسمبر الماضي حول أن السعودية تنظر في آجال صكوك تتراوح ما بين 7 و 16 سنة، خرجنا على قناة العربية وشددنا أهمية التمسك بآجال الـ 5 وال 10 سنوات. وعللنا ذلك لتفضيل المستثمرين الشرق أوسطيين هذا النوع من الآجال وقلنا إنهم سيكونون حجر الأساس الذي سترتكز عليه السعودية في إصدارها (وهذا ما حدث عندما استحوذوا على 51 % من شريحة الخمس سنوات و 55 % من شريحة العشر سنوات).
نحن ندرك أنه سيتم إجراء دراسة تقييمية شاملة لتجربة أول صكوك سيادية في تاريخ السعودية. لعل أكثر قضية جدلية رافقة الإصدار كانت تتركز حول مدى إقبال المستثمرين الدوليين على شراء هيكلة الصكوك الهجينة. كنا نخشى أن يتأثر حجم طلبات الاكتتاب (وهذا ما حصل عندما نقارن 33 مليار دولار للصكوك مع 67 مليار دولار مع السندات). كنا نخشى أن هذه الهيكلة قد تضعف من الموقف التفاوضي للوفد السعودي حول التسعير وكذلك من احتمالية اجتذاب علاوة سعرية (وهذا ما حدث مع شريحة الخمس سنوات). مع العلم أن بعض مدراء المحافظ يعتقدون أن السعودية قد اجتذبت علاوة سعرية مع شريحة العشر سنوات إلا أنني أخالفهم في ذلك (للمزيد، الرجاء الإطلاع على الزاوية المعنونة « هل كان تسعير الصكوك السعودية داخل القيمة العادلة لسنداتها؟).
خاتمة
الاستعانة بهيكلة الإجارة (السهلة الفهم على المستثمرين الدوليين) كانت سترفع طلبات الاكتتاب لتتعدى الـ 33 ملياراً. والمفترض عند حصول ذلك أن تساهم هذه الخطوة في تضييق الهوامش التسعيرية لكافة الشرائح. ولنستغل ذلك، علينا أولاً العمل على اتقان إستراتيجية التسعير بشكل كامل.
نقلا عن الجزيرة
استاذي العزيز .. من خلال خبرتي المتواضعة في مجال الصكوك و السندات, في اغلب الاوقات نسب التخصيص تحدد بشكل كامل من مصدر هذه الصكوك او السندات (في هذه الحالة وزارة المالية السعودية) و لاتكون نسبة و تناسب.العديد من المستثمرين في المنطقة ابدو انزعاجهم من نسب التخصيص المنخفضة في اصدار السندات و التي خصصت بأغلبها للمستثمرين خارج المنطقة و اعتبرها كانت حركة ذكية من السعودية, على الرغم من الشراء القوي من المستثمرين المحليين في السوق الثانوية عند الادراج. توقعي ان وزارة المالية حاولت ان ترضي المستثمرين في المنطقة و خصوصاُ البنوك الاسلامية و التي لم تكن باستطاعتها الاستثمار في السندات من خلال تخصيص نسبة اكبر للمنطقة - اكثر من النصف حسب الجدول الذي ارفقته ! الخلاصة , المقياس لتحديد مدى القبول من المستثمرين هو حجم طلبات و نسبة التغطية, في الصكوك كانت الطلبات حوالي 33 مليار دولار (9 مليارات دولار الاصدار الفعلي) و في السندات, حجم الطلبات كانت 67 مليار دولار مقارنة باصدار فعلي عند 17.5 مليار دولار, مع العلم ان الطلبات في الصكوك كانت اكثر من الاسواق الاوربية حسب بنوك الأكتتاب ! شاكر لك مجهوداتك.