السؤال الذي اختلفنا اختلافاً كلياً على جوابه، ولا نزال نختلف على جوابه، وسنبقى نحتلف على جوابه إلى أن تتضح لنا الصورة في المستقبل القريب هو: هل البترول الصخري الأميركي يضر (يستولي على زبائن) بترول دول االخليج؟ أو أنه يفيد (يطيل عمر) بترول دول الخليج؟
السواد الأعظم من كتابنا يعتقد -وهو الرأي الذي يحظى بقناعة العامة- أن البترول الصخري يستولي على حصة بترول دول الخليج، ويتسبب في بقائه كاسداً تحت الأرض لا يشتريه العالم.
القاعدة التي يستند عليها هذا الرأي بسيطة لا تحتاج للتفكير العميق ولا للشرح الطويل وسرد البراهين، لأنها واضحة ومفهومة ومقنعة لعامّة الناس، والسبب هو الاعتقاد السائد لدى العامة بأن شراء برميل من البترول الصخري الأميركي يعني تلقائياً عدم شراء (بوار) برميل من بترول الخليج.
لكن يوجد في نفس الوقت أقلية من مُفكرينا (وأنا منهم) يرون أن قدوم البترول الصخري الأميركي جاء في وقته المناسب ليُنقذ حكومات دول الخليج من الإحراج الذي سيقعون فيه لأنهم هم الوحيدون من دول العالم التي حباها الله بالبترول التقليدي السهل منخفض تكاليف الاستخراج؛ وبالتالي بدون قدوم البترول الصخري سيلجأ العالم مستجيراً بنخوة دول الخليج -كما يشهد التاريخ- لتلبية احتياجاتهم الماسّة من البترول الذي سيؤدي نقصه إلى إلحاق الضرر باقتصاد الدول في شتى أنحاء الأرض.
سيقول الأكثرية من كتابنا: وما هو الضرر من زيادة الطلب على بترول دول الخليج؟ أليس هذا في صالح دول الخليج لأنه يؤدي إلى زيادة إنتاجهم وتصديرهم للبترول فتزداد بالتالي إيراداتهم المالية التي سيتم صرفها على احتياجاتهم المعيشية والاحتفاظ بفوائضها فيما يسمونه الصناديق السيادية.
للأسف هذا التصور يرى اتجاهاً واحداً من طريق ذو اتجاهين، وهو تدفق أموال مبيعات البترول من الخارج إلى الداخل، ولكن لا يرى تناقص ثروة البترول المحدودة مع تدفق كل برميل من الداخل إلى الخارج.
الحد الفاصل بين وجهتي النظر المتناقضتين المذكورتين أعلاه هو أن إحداهما تأخذ بالظاهر على علاته ولا تريد أن تبذل جهداً لتعرف ماذا يحدث تحت السطح. والأخرى لا تكتفي بالظاهر بل تجمع المعلومات وتحللها وتقتفي أثر الوقائع التاريخية لتصل في النهاية إلى الرؤية الشاملة للموضوع.
الخاتمة: لكن لا شك أنه يوجد قاسم مشترك يجمع الطرفين معاً في هدف واحد سامٍ نبيل -رغم الاختلاف البيّـن بين وجهتي النظر- وهو أن كلا الطرفين بلا شك يهدف إلى تحقيق الصالح العام حسب المعطيات المتاحة والمعلومات المتوفرة والقدرة على الاستشراف لدى كل طرف منهما.
نقلا عن الرياض
اولاً انت وصفت نفسك بانك مفكر ومع تقديري لك الا ان هذا اللقب الذي تم ابتذاله كثيراً يقتصر على من يقدمون فكراً جديداً. ثانياً مقالتك ينقصها الكثير لتقييم اثر النفوط الغير تقليديه الصخري وغير ومن ذلك حجم الاحتياطات العالمية منها والتطورات التكنلوجية في مجال استخراجها وعلى المدى الطويل هل الاحتفاظ بتلك الاحتياطات الضخمة من البترول عندنا هل هو مجدي؟ بمعنى بعد عشرين سنة من الآن مثلاً ماهو نصيب النفط التقليدي من توليد الطاقة عالمياً هل سيبقى كما هو حالياً ام سيتناقص؟
أخي ابو مقص المقال لا ينكر بل يؤكد ان تفكير السواد الأعظم من العامة يعتقدون بعدم نضوب البترول وبأنه يوجد لدينا كميات ضخمة من البترول كما تعتقد أنت سيستغني عنها العالم. لكن البترول ليس هو لتوليد الطاقة بل للمنتجات التي لا تعد ولا تحصى وهدف مقالي هو تصحيح هذه المعتقدات الخاطئة التي تسيطر على أفكار العامة من الناس. ومشكور لإبداء رأيك فهذا هدف من الاهداف التي يسعى لتحقيقها المقال وهو معرفة كيف يفكر الآخرين وتبادل الآراء وتصحيحها.
شكراً على تعقيبك دكتور انور وما تفضلت به في آخره هو هدفي من التعليق. لا شك ان النسبة الاكبر من النفط تستخدم في توليد الطاقة اما الجانب التصنيعي فنسبته بسيطة لذا فالتركيز يكون على الجانب الاول. في الواقع ان اهتمامي بموضوع مستقبل سوق النفط والغاز بدأ وقت ان ادعى بعض العلماء قبل عدة سنوات توصلهم الى توليد الطاقة بالاندماج النووي وهو ما يعني بدون الدخول بالتفاصيل الفنية توليد طاقة ببلاش تقريباً ثم اكتشف كذب ادعاء هؤلاء ومن حينها وانا اتوجس خيفة من دخول اي عنصر مفاجىء يقلب المعادلة مثل ماحصل بالطفرة في انتاج النفط الصخري. مشكلتنا في الاسلوب الصحيح في ادارة مواردنا المالية فحتى لو اصبح سعر البرميل 200دولار بعد عشر سنوات وبنفس حجم الانتاج ومع احتساب التضخم والزيادة السكاني فلن يكفي هذا الدخل لتغطية ميزانية الدولة طالم الانفاق استمر بنفس الاسلوب.