المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتحقيق التنمية المستدامة

29/03/2017 0
د. عامر بن محمد الحسيني

منذ صدور قرار مجلس الوزراء الموقر بتأسيس الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بتاريخ 11/7/1437هـ، استبشر هذا القطاع الهام بوجود حاضنة تتفهم احتياجاته وتعمل على معالجة نقاط الضعف التنظيمية والتنفيذية له. وبعد استلال هذا الجزء من وزارة التجارة –صوريا على الأقل، فوزير التجارة يشغل منصب رئيس مجلس الهيئة، وربما المتحكم والموجه الأول لها-، والتي يمكن أن أطلق عليها وزارة الهيئات بدلا من وزارة التجارة، ربما أصبح من اللازم التفكير وبشكل جدي فيما كتب في صحيفة الاقتصادية د. محمد آل عباس تحت عنوان "هل هناك حاجة إلى وزارة التجارة والصناعة" بتاريخ 20 ديسمبر 2014. فنشاط الصناعة نقل إلى وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، وما بقي من نشاطات إضافة إلى الاستثمار يمارس من خلال هيئات متخصصة. 

عودة إلى موضوع المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تعرف اختصارا SMEs والتي تهدف إلى تنظيم ذلك القطاع في المملكة ودعمه وتنميته ورعايته، لتحقيق إنتاجية عالية ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني بما يحقق زيادة في توليد الوظائف وتوطينها ونقل التقنية. وخصص لها ما يقارب ستة عشر مهمة لتتولاها. 

في 14 ربيع الأول 1438هـ عرفت الهيئة تلك المنشآت وصنفتها – وهي المهمة الأولى التي أسندت إليها وفق تنظيم الهيئة – إلى منشآت متناهية الصغر Micro التي يعمل بها من ١-٥ أو بمبيعات لا تزيد عن ٣ ملايين ريال، ومنشآت صغيرة Small يعمل بها من ٦ إلى ٤٩ أو مبيعات أكثر من ٣ ملايين وأقل من ٥٠ مليون، ومنشآت متوسطة Medium تضم عمالة من ٥٠ الى ٢٤٩ أو مبيعات من ٥٠ مليون وأقل من ٢٠٠ مليون. 

حتى نحدد نطاق هذه المنشآت يجب أن نتعرف أكثر على أنواع الأنشطة التجارية التي تمارس. فهناك نشاطان الأول نشاط إنتاج السلع والنشاط الآخر هو تقديم الخدمات Commodity & Services. النشاط الأول يهتم بالصناعة والإنتاج والآخر يهتم بتقديم الخدمات السابقة واللاحقة لتلك العمليات واللوجستية أيضا. النشاطان يشكلان جزء كبيرا في التنوع الاقتصادي وضرورة لتحسين وتنويع الموارد المالية للدولة والاقتصاد. 

كمتابع لنشاطات الهيئة - الوليدة - يتضح لي أنها تتوجه بشكل أكبر نحو قطاع دون الآخر، برغم أن القطاعان تكامليان ويحتاجان إلى رعاية واهتمام وتطوير. الهيئة ينظر لها كحاضنة للأعمال القائمة أولا، ومركز لتوجيه وصناعة الفرص المستقبلية للمنشآت القادمة للسوق، وهذا ما نصت عليه مواد النظام الأساس للهيئة. 

لا يجب أن تركز الهيئة في صناعة الفرص الجديدة في التقنية فقط، وترك السوق المحلي يعاني من الإجراءات والقرارات الصادرة من جهات أخرى والتي يمكن أن تساهم في الإضرار بهذا السوق. السوق القائم يعاني كثيرا من نظام العمل الحالي، وبحاجة إلى مزيد من الحماية والتسهيلات لاستمرار المشاريع القائمة. المنشآت الحالية بحاجة إلى تفعيل مهام الهيئة فيما يخص تمويل المشاريع القائمة وحمايتها من الإفلاس، وبحاجة إلى إنشاء وتفعيل مراكز الخدمة الشاملة، وقياس مدى رضا منسوبي هذا القطاع عما يقدم لهم. يجب أن تعمل الهيئة على تفعيل الشخصية المعنوية والقانونية لتلك المنشآت خصوصا متناهية الصغر والصغيرة، وتزيد من قبول هذا القطاع للعاملين بشكل دائم أو جزئي حتى يسهم ذلك في تحرير كثير من القيود على السوق، ويساعد في معالجة قضايا التستر والاحتكار. 

حجم هذا القطاع كبير جدا ففي عام 2013 أصدرت وزار العمل تقريرها السنوي محتويا البيانات التالية إجمالي المنشآت في المملكة ما يقارب مليون وثمانمائة ألف منشأة (1.778.985) منها 85 بالمئة منشآت صغيرة جدا، ونسبة 12 بالمئة صغيرة، ونسبة 2 بالمئة تمثل المنشآت المتوسطة والباقي واحد بالمئة يمثل المنشآت الكبيرة والعملاقة. تسهم حاليا بما نسبته لا تتجاوز 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنسبة تصل إلى 70 بالمئة في الاقتصاديات المتقدمة، وبطاقة بشرية تقارب عشرة ملايين موظف وموظفة منهم 15 بالمئة تقريبا سعوديين.