وقع كل من شركة «أرامكو السعودية» وشركة «بتروناس» الماليزية في 28 شباط (فبراير)، اتفاقاً للبيع والشراء استطاعت الأولى من خلاله شراء حصة في مشروع التطوير المتكامل للتكرير والبتروكيماويات (زايد) في مجمع «بينغيرانغ» الواقع في ولاية جوهر في جنوب ماليزيا. وسيترتب على هذا الاتفاق حصول كل من الشركتين على حصص متساوية في أجزاء متعددة من مشروع التكرير والبتروكيماويات المتكامل. ويهدف المشروع إلى دعم مصفاة التكرير التي تبلغ طاقتها نحو 300 ألف برميل يومياً، إضافة إلى اللقيم لمصنع البتروكيماويات.
وستزوده «أرامكو السعودية» بمعظم الإمدادات النفطية، بينما تؤمّن ماليزيا الغاز الطبيعي والطاقة للمجمع. ويذكر أن مجمع «بينغيرانغ» يهدف إلى لعب دور صناعي إقليمي في قطاعي النفط والغاز وتطوير التقنية في جنوب شرق آسيا.
من الجدير بالذكر أن «أرامكو السعودية» كانت وقعت قبل عشر سنوات كاملة (25 شباط 2007)، اتفاقاً مع كل من «اكسون موبيل» الأميركية و «سينوبيك» الصينية للشراكة في مجمع للتكرير والبتروكيماويات في محافظة «فوجيان» الصينية. ويهدف الاتفاق إلى زيادة طاقة التكرير للمصفاة من 80 ألف برميل يومياً إلى 340 ألفاً من النفط الثقيل. وستزود «أرامكو السعودية» المصفاة بالنفط الثقيل. كما تشمل الشراكة تشييد مصنع للبتروكيماويات لإنتاج البلاستيك ووحدة لإنتاج 80 ألف طن سنوياً لإنتاج الإيثلين. وتبلغ حصة كل من «إكسون موبيل» و «أرامكو السعودية» 22.50 في المئة، وتمتلك «سينوبيك» ومحافظة فوجيان بقية الحصص.
بدأ توسع شركة «أرامكو السعودية» في تسويق النفط الخام في الدول الآسيوية الناشئة منذ مطلع الألفية، وازدادت كمية الإمدادات الخليجية عموماً والسعودية بخاصة للدول الآسيوية تدريجياً، لتغذي الدول الناشئة ذات التنمية المستدامة بالوقود اللازم. كما ازدادت صادرات قطر الغازية للأسواق الآسيوية في الوقت ذاته.
نذكر هنا أن تغيراً اقتصادياً ذا أبعاد جيوسياسية طرأ على وجهة الصادرات النفطية الخليجية والسعودية منذ مطلع الألفية. فبدلاً من اتجاه معظم الصادرات غرباً إلى دول السوق الأوروبية وأميركا الشمالية، تغير الاتجاه شرقاً، خصوصاً مع تقلص استيراد النفط في الدول الغربية وزيادته المهمة في الدول الآسيوية. وما هذه الاستثمارات الضخمة في مصافي التكرير والبتروكيماويات إلا محاولات مستمرة لتأمين الأسواق للنفوط الخليجية في مشاريع تشترك فيها الشركات الوطنية.
وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والوفد الضخم المرافق له ضمن هذا السياق، لتعزيز المصالح النفطية السعودية في أسواقها الجديدة، من خلال استثمارات مشتركة، تضمن الأسواق النفطية المستقبلية. ومن المتوقع أن تتطور هذه الاستثمارات والأسواق المشتركة لفتح الأبواب تدريجياً لتوسيع المصالح الاقتصادية والتقنية والتجارية المشتركة.
وقد شرح وزير البترول السعودي السابق علي النعيمي في مذكراته التي صدرت أخيراً عن الجهد الذي بذله كل من «أرامكو السعودية» ووزارة البترول، لإقامة علاقات مع الشركات الآسيوية، منذ عقد الثمانينات. فقد بدأت تتضح منذ العقد الرابع للقرن العشرين مجالات توسع الأسواق الآسيوية. ومن ثم، بدأ العمل والاتصالات للتفاعل مع هذه السوق الكبيرة الجديدة. وقد أخذت المفاوضات سنوات ما بين الشركات الوطنية لدى الطرفين. وقد تبوأت هذا الدور سابقاً شركات النفط العالمية الكبرى. ومن ثم استمرت المفاوضات سنوات. واهتمت الشركات الصينية بالاستثمار في أكبر عدد من الدول العربية المنتجة للنفط. وحازت هذه الشركات على عقود مهمة في تطوير الحقول العراقية بعد عام 2003، فاقت بذلك العقود التي حصلت عليها الشركات الأميركية.
وبدأت فعلاً زيادة صادرات النفط الخام تدريجياً، تبعتها الاتفاقات الاستثمارية التي ضمنت حيزاً مهماً من الأسواق، كما حصل مع الاتفاق مع ماليزيا وقبلها مع الصين. وتوسعت أعمال البناء والتشييد الآسيوية في الدول الخليجية، وتبنت شركة كورية أول مشروع إعماري في الخليج، حيث تم بناء الحوض الجاف في البحرين عام 1975. وقد ازداد التعاون في شكل ملحوظ، كما يتبين في المشروع المشترك ما بين «سينوبيك» و «أرامكو السعودية» في بناء مصفاة مشتركة بالقرب من البحر الأحمر بطاقة 400,000 برميل يومياً، وقد بدأت الإنتاج عام 2014.
استعرضت الأستاذة المشاركة في قسم الاقتصاد، كلية ادارة الاعمال، في جامعة الملك سعود، نورة اليوسف، في ورقة بحثية شاملة قدمتها في شباط الماضي في بيروت خلال ندوة مشتركة لكل من مركز دراسات الوحدة العربية ومعهد دراسات الشرق الأوسط، جامعة شنغهاي في الصين، استعرضت الباحثة بالتفصيل تطور الصادرات النفطية العربية عموماً والسعودية بخاصة للدول الآسيوية من عام 2001 إلى عام 2015. ويتبين فيها بوضوح الزيادات السنوية في الصادرات، بحيث تم تصدير نحو 70 في المئة من نفوط دول الخليج العربي إلى الدول الآسيوية. ويضيف البحث، كيف أن السعودية أخذت توفر 16 في المئة من إجمالي واردات الصين، ليصبح حجم الصادرات النفطية السعودية للصين (أكبر مستورد للنفط في العالم) نحو 1.15 مليون برميل يومياً.
نقلا عن الحياة
اخبار لها وقع ايجابي مستقبلا .. اختيار شركات الشرق الاقصى لنفط دول الخليج يعتبر استثمار جيد لها لقرب المسافة بينها وبين الدول العربية مقارنة بالمسافة الدول الاجنبية مثل امريكا