المصرفية الإسلامية.. إثبات وجود رغم التحديات

03/11/2016 2
طلعت بن زكي حافظ

أكدت أوراق العمل التي قُدمت بندوة مصرفية، بعنوان "المصرفية الإسلامية.. واقع وآفاق"، والتي عقدت في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، برعاية معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق، عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي، وبتنظيم من البنوك السعودية ممثلة باللجنة المصرفية الإسلامية، على أهمية تعاملات المصرفية الإسلامية أو التي وكما يسميها البعض بالتعاملات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك على مستوى العالم، كونها بدأت تشكل حيزاً وتحتل مساحة لا بأس بها من حجم وأصول واستثمارات التعاملات المصرفية على وجه العموم.

وما يؤكد على أهمية تعاملات المصرفية الإسلامية على مستوى العالم، الحجم المتنامي لأصول واستثمارات ذلك النوع من التعاملات، والتي تقدر قيمتها بنحو ترليوني دولار أمريكي، وتقدم للعملاء عبر أكثر من ألفي مؤسسة ومنظمة مالية على مستوى العالم.

وما يعزز كذلك من أهمية تعاملات المصرفية الإسلامية على مستوى العالم، ارتفاع قيمة الصكوك الإسلامية المُصدرة كأدوات دين لتصل إلى قيمتها إلى قرابة 300 مليار دولار أمريكي، وأيضاً تجاوز قيمة الأصول الاستثمارية، التي تديرها الصناديق الاستثمارية الإسلامية على مستوى العالم بأكثر من 75 مليار دولار أمريكي، وكذلك ارتفاع حجم قطاع التأمين التعاوني مبلغ 20 مليار دولار أمريكي.

ولعل من بين أهم العوامل التي ساعدت على انتشار تعاملات المصرفية الإسلامية على مستوى العالم، قدرتها على ترجمة والتعامل مع المخاطر المالية والاستثمارية المبني على مبدأ المشاركة في المخاطر Risk Sharing، خلاف ما هو واقع الحال بالنسبة للمصرفية التقليدية، التي تعتمد في تعاملاتها الاستثمارية وفي منحها للتمويل بشكل كبير على ما يعرف فنياً ومصطلحاً بأخذ مخاطر محسوبة وليس المشاركة فيها Taking calculated risks but not sharing it، حيث على سبيل المثال تطبق المصرفية الإسلامية مبدأ المشاركة في المخاطر من خلال منحها التمويل بصيغتي المشاركة والمضاربة.

وعلى المستوى المحلي، فقد شهدت التعاملات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، تطوراً ملحوظاً خلال العقدين الماضيين، إذ تشير المعلومات إلى أن المنتجات المصرفية المتوافقة مع الشريعة في المملكة تمثل حالياً قرابة 20 بالمئة من إجمالي المنتجات المصرفية الإسلامية على مستوى العالم، وأن معظم أصول القطاع المصرفي السعودي متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وبالذات بالنسبة للمنتجات المصرفية التي تقدمها المصارف المحلية للأفراد أو ما يعرف بعملاء التجزئة Retail Banking Customers. هذا بالإضافة إلى وجود المصارف، فإنه يوجد بالمملكة حالياً عدد لا بأس به من شركات التمويل التي تقدم منتجات تمويلية متوافقة مع الشريعة الإسلامية للأفراد، إضافة إلى وجود 35 شركة تأمين تعاوني، تقدم منتجات تأمين متوافقة مع الشريعة.

ولكن وعلى الرغم من التطور الكبير في تعاملات المصرفية الإسلامية التي يتوقع لها أن تنمو خلال السنوات القادمة بوتيرة متسارعة، لتصل قيمتها إلى نحو 11 تريليون دولار أمريكي على مستوى العالم، إلا أنه لاتزال هنالك العديد من التحديات التي تواجه هذا النمو، التي لعل من بين أبرزها وأهمها، قدرة المصرفية الإسلامية على استقطاب السيولة وادراتها الإدارة الكفؤة التي تحقق للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية العوائد المجزية إلى جانب تحقيقها للاكتفاء الذاتي من السيولة. ومن بين التحديات كذلك، قدرة المصرفية الإسلامية الارتقاء بأداء وخبرات الكوادر البشرية بما في ذلك اللجان والهيئات الشرعية، بحيث تجمع بين العلم الشرعي والعلم المالي والمصرفي، الذي يحقق احتياجات وتطلعات عملاء المصرفية الإسلامية ويحاكي في نفس الوقت متطلبات العصر المصرفية.

أخيراً وليس آخراً إن إيجاد هيئات شرعية على مستوى البنوك المركزية في العالم، سيساعد على تطوير المصرفية الإسلامية، والتحسين من مستوى الرقابة الشرعية على تنفيذ التعلامات، باعتبار أن أحد تحديات المصرفية الإسلامية على مستوى العالم، هو التقيد والالتزام الحرفي بتطبيق التعاملات المصرفية بما يتفق تماماً مع الفتاوى التي صدرت عن الهيئات الشرعية بشأنها.

نقلا عن الرياض