لم يعد الفشل في زمننا هذا خطئاً عابرا، كون ان وسائل التقنية الحديثة عملت على معالجة الاخطاء التى تقع بشكل عفوى وتتسبب في الفشل، فنظام الايزو على سبيل المثال يساعد على اكتشاف الاخطاء وتصحيحها والعمل على عدم تكرارها من خلال معالجة الاسباب التى ادت اليها .. وانظمة الكمبيوتر المتعددة المحاسبية والانتاجية جميعها تعمل على تقليل الاخطاء التى تقود الى الفشل .. لكن عند البعض (ونسأل الله الا نكون منهم ) اصبح الفشل صناعة لها اسس ومعايير وقواعد يتورثها الاجيال جيلا بعد جيل .. لن اطيل عليكم وسأستعرض بعضاً من ملامح هذه الصناعة العظيمة ، وهي على النحو التالي :
1-(أنا رايح للدوام) .. كيف لا، فالدوام هو الهدف لا العمل بحد ذاته ، فانت مطلوب منك ان تداوم حتى لو كنت خلال الدوام نائما، أومنشغلا بالجوال، او بخفة الدم مع الزملاء، او بشرب الشاي والقهوة وخصوصا اذا كنت مقرباً من (السيد الرئيس) .. وطبعا لابد من الخروج للفطور أولاً، ثم الصلاة ثانياً ، وتوصيل اخوانك واهلك الى المدرسة ثالثاً !!.. وبهذه الطريقة تستطيع هدر الموارد وتتقاضى أجراً دون مقابل ، وتساهم في مفاقمة خسائر المجتمع من خلال عدم انجاز معاملات الاخرين، الذين خرجوا هم الاخرين من (دوامهم) او من (عملهم) ..
2-(ما أدري) عندما بحثت عن هذه الكلمة في الانساب، وجدت ان حمولة (ما ادري) هي من اكبر الحمولات قاطبه، وافراد هذه الحمولة هم من الاجواد الذين لايشق لهم غبارا ، فهم المؤسسين الاوائل لـ (صناعة الفشل) على مستوى العالم، وتتميز هذه الكلمة بأنها تُريح الرأس، وتستطيع استخدامها في جميع الاوقات وفى جميع المراحل العمرية، ومن قبل جميع افراد العائلة، وبموجبها لا يمكن ان تقع في الخطأ اطلاقا .. لكن مع الاسف افراط البعض في استخدام هذه الكلمة بدأ يتسبب في تسرب سر هذه الصناعة العظيمة .. فاذا سألك شخص ما هى الاوراق المطلوبه، قل له (ما ادري)، طيب كم تستغرق هذه المعامله، والله (ما ادري)، لكن لما يسألك شخص سؤال مباغت (وش اسمك او وش اسم ابوك ) وتقول له (ما ادري) هنا تحدث الكارثة .. لذا احذر ان تقع في هذا الخطأ الجسيم في المرات القادمة ..
3-(بكره) هذه الكلمة تحديدا عندما تفتح القاموس لتبحث عن مرادف كلمة (فشل) ستجدها من ضمن المرادفات، فأخونا الحبيب صاحب مقولة (انا رايح للدوام)، اذا افترضنا انه موجود جسديا (بالدوام) فإذا واجهه مراجع بالصدفة، وساله عن شيء ما طبعا سيقول له (ما ادري)، لكن خلينا نفترض انه نسى يقول (ما ادري)، فما الحل ؟ .. الحل بسيط جدا هو ان يقول له : تعال (بكره) .. احذر ثم احذر ان تنجز اى شيء في نفس اليوم فهذا بالضرورة يؤدى الى فشل (صناعة الفشل) ..
4-(يقولون) طبعاً اذا اردت ان تنقل اى شيء، تعميم رسمى، خبر من وكالة الانباء، قرار محكمة .. انتبه تذكر المصدر حتى لو تعرفه ومتاكد منه .. عوضا عن ذلك قل: (يقولون) ان يوم الخميس القادم اجازة اليوم الوطنى ) ..!!
5-(اكذب ثم اكذب ثم اكذب) .. طيب الكذب ليس من صفات المؤمنين بنص الحديث .. مهوب مشكلة لاتصير معقد .. اى احد يسالك لازم تجاوب اجابه بعيده عن الصواب، هذه من اسرار (صناعة الفشل) ..!!
6-(سيستم داون) طبعا هذه المقولة انتجت في الاصل في البنوك، وبالتالى احذر ان تستخدمها الا اذا كنت تعمل في بنك او مستشفى وعملك يحتاج الى كمبيوتر.. اليوم الاول تقول: (ما ادري)، واليوم الثاني تقول: راجعنا (بكره)، واليوم الثالث تقول: ( سيستم دون) وبذلك تريح راسك من العملاء المزعجين الذين يحبون الجدال ..
وحتى نكون عمليين اكثر دعنا ناخذ مثال من الواقع ،، ناصر موظف في .. طوووووط .. احم احم .. (واضح المعنى) .. وجاك مراجع يسال عن استدعاء الكترونى قدمه بالنت ويبى يتابع وش صار عليه .. طبعا سنفترض ان الموظف راح للدوام (يعنى راح ليداوم وليس ليعمل، وبالتالي ماراح تاخذ منه لاحق ولا باطل) .. يا عزيزى ابغى مكتب الاستعلامات، اين هو ؟ .. والله (ما ادري) .. راح المراجع وسال وعرف انك انت موظف الاستعلامات، وجاك زعلان .. ( يا اخى كيف تقول ما ادرى ومكتبك هذا هو مكتب الاستعلامات ؟!!) .. معليش ما انتبهت، وش بغيت بالضبط ؟ ابغى اسال عن معاملة رقم ...، طيب مرنا (بكره) .. يا اخوى انا تعبان وجاى من مكان بعيد .. قلت لك (بكره) يعنى (بكره) .. راح المراجع المسكين وقد ضيع يومه كله في هذه الدائرة وفى زحمة الطرقات واستهلك الكثير من البنزين (المدعوم او المرفوع عنه الدعم)، ورجع للبيت ومزاجه مضروب يفرغ الشحنات السلبية في زوجته وابناءه (طبعا زوجته بفعل تكرار هذه الحالات تطلقت منه بعد سنتين وابناءه تشردوا بين بيت جدهم وزوجة ابيهم) .. اليوم الثاني جاء المراجع وساله عن رقم المعاملة، ماذا سيكون الرد ؟ .. (يقولون) انها ما جتنا حتى الان، وبعد اسبوع : (يقولون) انها راحت للمدير، وبعد اسبوع ثاني : (يقولون) انها رفضت ..!! طيب وش اسوى، اقدم مرة ثانية ؟ .. طع شورى رح بيتك ولا تقدم شيء، (يقولون) انك بتلبس تهمه وبيسجنونك ..
هكذا اخوانى تتم صناعة الفشل باحتراف تام، ويجب الا تعتقدوا ان الفشل ياتى بالصدفة، انها صناعة من اعرق الصناعات .. ونتائجها معروفة جدا لايجوز ان نتجادل فيها .. اعذرونى على استخدام لهجة شعبية، فرواد صناعة الفشل لايحبذون العربية الفصحى .. اترككم في رعاية الله .
لما قرإت المقال تذكرت طعََت الثلاثي المرح مع المرح داود الشريان في الثامنة
حياك الله اخى احمد ، تشرفت بمرورك العطر
الله يوسع صدرك معانة نعيشها يومياً في الدوائر الحكومية للأسف الرؤية لن تتحقق مدام ليس هناك قياس رضا للمواطن عن الخدمات ومحاسبة المسؤول والله المستعان .
وهذه السلوكيات كفيله بنزع بركة المال وبركة الصحة .. لان الموظف بهذه الاخلاقيات سيناله الكثير من الدعاء من المراجعين .. وما ادراك ما الدعاء .. دمت سالما غانما ومشكور على مرورك وتعليقك
انتظر مقالاتك، لا تقصر - يؤسفني موضوع مقالك اليوم، لا تكون هي صناعتنا الوطنية، للأسف الشديد - تجنيت على البنوك بأنهم أول من أبدعوا سيستم داون _ سيستم داون أبصرت النور قبل خمس وثلاثين سنه من قبل جهابذة الخطوط السعودية - مقالك يستحق الانتشار - اعمل على ذلك. وشكراً وأنتظر مقالك القادم
حياك الله ياعزيزي .. يكفينى في هذا المقال ايقاظ اصحاب القلوب الحية ، لعلهم يعودون الى رشدهم .. لقد ناديت لو اسمعت حيا .. ولكن لاحياة لمن تنادي ،، اشكرك على مرورك وتعليقك
مقال ساخر يعكس الكثير من الواقع ... بالنسبة لي الحمد والشكر لله لانني لم اواجه هذه الامور عند مراجعتي لاي جهة حكومية او اهلية مهما كانت لانني لا أيأس ابداً من الوصول لمبتغاي وخصوصاً عندما اكون صاحب حق .... وجميع من اتعامل معه من الموظفين في هذه الجهات عملهم لخدمة المراجعين فان لم يقوموا بعملهم اتجهت لمن هو اعلى منهم حتى اصل لمبتغاي.
والنتيجة المعاملات كلها تتكدس لدى المدير ، والمراجعين لاتنجز معاملاتهم الا بطرق باب المدير .. وطبعا المعاملات الغير روتينية لا تنتهى الا بالرفع لـ (امارة الرياض) او (وزارة الداخلية) او (الديوان الملكي) او (وزير .. ) .. وهكذا يهدر الوقت وتضعف الانتاجية الكلية للمجتمع .. لو كنت متخذا قرار لعاقبت كل من يقول (بكرة) او يقول (ما ادري) او يقول (يقولون) ، او يقول (سيستم داون) .. هذه الكلمت هى من قتل الانتاجية .. دمت سالما غانما ..
بالمقال الساخر تستطيع احيانا ان تلامس مشاعر واحاسيس اصابها التبلد والشلل التام .. اسال الله ان يصلح الجميع .. والف شكر على مرورك وتعليقك ..
مقالك يستحق الانتشار - اعمل على ذلك. وشكراً وأنتظر مقالك القادم
شكرا لك
من استلم الراتب حاسبه الله على العمل. ان الله يحب اذا عمل احدنا عملا أن يتقنه
اذا قدر الله عليك ولم تجد لك واسطة لتنهى اجراءاتك لدى بعض الدوائر الحكومية ، ستجد مالا يمكن ان يوصف ، فوالله لو كتبت لكم مجلدا لما وسعنى .. حسبى الله ونعم الوكيل في كل من يخون الامانه .. البعض تفاعل في هاشتاق وزير الخدمة يوظف ابنه .. وكأن المشاركين هم من الملائكة .. لكن انظر الى اصغر موظف في بعض الدوائر الحكومية ، السكرتير او المساعد او موظف الاستقبال وحجم التجاوزات التى يقوم بها بحق البشر وبحق الانسانية ..
ومجلس الشورى يستغرب من مليون مواطن يعيشون خارج وطنهم اقامة دائمة او جنسية اخرى ..!! شيء عجيب ، وكان اعضاء مجلس الشورى يقيمون في برج عاجي ولا يحتكون بالبشر ..!! يجب الا ندفن رؤوسنا في التراب كالنعامة ..