مكتب إدارة الدين العام.. المسار الأفضل لتمويل العجز الحكومي

13/10/2016 0
طلعت بن زكي حافظ

ضمن الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية، التي تضمنها بيان الميزانية العامة للدولة للعام الجاري 1437/1438 (2016)، تطوير وحدة إدارة الدين العام في وزارة المالية التي تعنى بتطوير استراتيجية الدين العام ومصادر وسبل تمويله، وذلك بغرض التعزيز من قدرة المملكة على الاقتراض محلياً ودولياً.

ويتسق اتجاه تطوير وحدة إدارة الدين العام، مع توجهات الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والمالية، التي تضمنتها خطة التحول الوطني 2020 (NTP)، وذلك بهدف تطبيق وتحقيق رؤية المملكة 2030، حيث قد تم تنفيذ مبادرة إنشاء مكتب إدارة الدين العام بوزارة المالية، والتي تُعد إحدى أهم مبادرات وزارة المالية التي تهدف إلى تأمين احتياجات المملكة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة على المدى القصير، والمتوسط، والطويل، وبحيث تكون مخاطر التمويل ومصادره المرتبطة بخدمات الدين أو شروطه، متوافقة تماماً مع السياسات المالية للمملكة.

إن أحد أبرز أهداف إنشاء مكتب لإدارة الدين العام، هو تطوير سوق أدوات الدين الحكومية بشقية الأولي والثانوي، حيث قد تقرر تسجيل وإدراج وتداول إصدارات الدين العام عبر منصة السوق المالية السعودية "تداول" وبشكل تدريجي، حيث سيتم البدء بمرحلة التسجيل ويعقب ذلك مرحلتا الإدراج والتداول.

إن وجود مكتب لإدارة الدين العام بوزارة المالية، سيمكن القائمين على إدارة الدين العام للحكومة، من إدارة ديون الدولة، بأسلوب أكثر احترافية مقارنة بالماضي، لاسيما وأن وجود مثل هذا المكتب سيتيح للحكومة الاختيار من بين أفضل مصادر ووسائل التمويل، وليس ذلك فحسب، بل إنه سيمكن من المفاضلة بين الشروط والأسعار المتاحة والاختيار من أفضلها، وبما يتوافق وكما أشرت مع سياسات المملكة المالية.

كما أن وجود مثل هذا المكتب سيمكن من اختيار المزيج المناسب لمصادر التمويل سواء المحلية أم الدولية، وبالذات المحلية، بحيث لا يؤثر الاقتراض محلياً، وبالذات بالشكل المبالغ فيه والمفرط على مستويات السيولة المحلية، والذي سيتسبب بدوره بالإخلال بالاستقرار المالي للنظام الاقتصادي.

كما أن وجود مثل هذا المكتب إلى جانب أنه سيعزز من القدرة التفاوضية للمملكة للحصول على أفضل شروط التمويل، إلا أنه سيبعث بالاطمئنان والارتياح إلى نفوس الجهات الدائنة وبالذات الدولية، بأن الدين العام للمملكة، يدار بشكل احترافي ومؤسساتي، لا سيما في حال ربط هذه الاحترافية بالتقيمات الائتمانية والمالية الجيدة، التي منحتها وكالات التصنيف الائتماني العالمية للمملكة، مثل الذي منحته مؤخراً وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني للمملكة، بتثبيت تصنيفها الائتماني عند -A مع نظرة مستقبلية مستقرة.

أخيراً وليس آخراً، إن وجود مكتب لإدارة الدين، سيعزز من مستوى الشفافية والإفصاح المرتبط بحجم الديون المباشرة القائمة على الحكومة وتفاصيلها، سواء المحلية أم الدولية، مما سيمنح المزيد من الثقة للجهات الدائنة ليس على قدرة ومتانة المملكة الائتمانية فحسب، ولكن أيضاً على مستوى الحوكمة المرتبطة بالإفصاح والشفافية، والذي بدوره سينعكس على الأسعار والشروط.

خلاصة القول: إن وجود مكتب لإدارة الدين العام في المملكة، سيتحقق عنه العديد من المنافع والمزايا، التي من بين أهمها وأبرزها، تلبية احتياجات الحكومة التمويلية، بشكل مؤسساتي احترافي ينعكس بنهاية المطاف على شروط وخدمة الدين لصالح المملكة.

نقلا عن الرياض