لأننا عزمنا في رؤية المملكة 2030 على تحويل مزايانا النسبية الناتجة عن ثروة النفط والغاز، إلى مزايا تنافسية قائمة على التقنية والمعرفة، بادرت المملكة في توطيد تكاملها الاقتصادي مع الصين واليابان من خلال مقايضة عناصر مزايانا النسبية مع مقومات المزايا التنافسية لهاتين الدولتين، بهدف تحقيق النجاح في زيادة دخلنا الصافي وكسب الأسواق العالمية لصالح صادراتنا.
فاليابان التي طالما اعتمدت على استيراد النفط والغاز السعودي لإنتاج أفضل أنواع الصناعات وتسويق أعقد أجهزة الاتصالات وتقنية المعلومات وابتكار أشهر معدات تحلية المياه ومحطات توليد الكهرباء، لا بد أن تكون الشريك الأمثل للمملكة في التكامل الاقتصادي، لنستفيد من مزايا اليابان التنافسية مقابل استفادتها من مزايانا النسبية، مما يؤهلنا كدولتين صديقتين لتطوير صناعاتنا التقنية ورفع مستوى كفاءتنا الإنتاجية، وفتح المزيد من الأسواق العالمية لتنمية صادراتنا وتجارتنا الدولية.
كما أن اليابان التي تعتمد في تصنيع منتجاتها على 86% من المواد الأولية المستوردة، كانت أفضل من أبدع في تطبيق نظرية التفاضل التقني التي تعتمد على تفوق التقنية عند تساوي الأسعار العالمية لمنتجات معينة في أسواق معينة، لتصبح التقنية اليابانية الفاصل النهائي في المفاضلة بين كافة المنتجات.
لذا كان تركيز اليابان على التقنية وتطويرها لغزو الأسواق، مما أدى إلى تفوق منتجاتها على مثيلاتها الأوروبية والأميركية، فحققت اليوم المركز الرابع كأكبر اقتصاد في العالم، والمركز الثالث كأكبر مُصَدِّر للمنتجات في مختلف أرجاء المعمورة.
وعلى عكس ما تنتهجه الدول الأخرى، لجأت اليابان إلى تخفيض الرسوم الجمركية على وارداتها من السلع التي لا تمتلكها، مثل النفط والغاز، وفتحت أسواقها للاستثمار الأجنبي وإلغاء تحكّم الدولة في الأسعار، وذلك لتوطين تقنية الصناعات الثقيلة التي تعتمد على استيراد الطاقة والمواد الأولية، وتحقيق أفضل المستويات العالمية في خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، وتوجيه مخرجات التعليم لإنشاء جيل من الخبراء والمهنيين والمصنعين لتصبح ثالث أكبر مُصدر للمنتجات الصناعية في الأسواق العالمية.
أما الصين التي اتخذت قراراً إستراتيجياً قبل عقدين من الزمن يهدف إلى الانفتاح على العالم الخارجي، فلقد نجحت في تخفيض مساهمة الدولة في شركاتها الحكومية إلى 53% خلال 10 سنوات ثم إلى 34% في العام الماضي، مما أدى إلى سرعة تنفيذ سياسة التكامل الاقتصادي وزيادة تدفق المزايا النسبية إلى الأسواق الصينية، فأصبحت المملكة اليوم أكبر دولة مُصَدِّرة للنفط إلى الصين بنسبة 14% من إجمالي احتياجات الصين من النفط، ومن المتوقع زيادة هذه النسبة إلى 37% نتيجة ارتفاع استهلاك الصين إلى 20 مليون برميل يوميا بحلول 2030.
ولتعزيز قدراتها التنافسية في مختلف أسواق دول العالم، لجأت الصين في عام 2012 إلى إبرام اتفاقية التجارة الحرة مع مجموعة "آسيان" المكونة من 11 دولة في شرق آسيا، ليفوق حجم إجمالي الناتج المحلي للمجموعة في العام الجاري 15 تريليون دولار أميركي، يعادل 20% من الناتج الإجمالي العالمي و70% من الإجمالي الآسيوي، لتحتل هذه المجموعة المركز الثالث عالمياً بعد مجموعتي الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية.
ولكي تحقق المملكة أهداف رؤيتها 2030 وبرنامج تحولها الوطني 2020، وتعظيم مبادئ التجارة الحرة واقتصاد السوق التي تتحلى بها، كان لا بد لنا من توجيه دفة العولمة لصالحنا وتوطيد اتفاقياتنا مع الصين واليابان لتعزيز تكاملنا الاقتصادي في الأسواق العالمية المتنامية، لنحقق المرتبة الـ17 ضمن أكبر الاقتصادات في العالم، والمركز الثالث بين الدول الأسرع نمواً في القرية الكونية.
لذا يأتي تطوير مشروع الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، من أهم خطوات التكامل الاقتصادي مع الصين، خاصة أن التجارة السنوية للدول المطلة على هذا الطريق ستتجاوز خلال العقد القادم قيمة 2.5 تريليون دولار، ليصبح حزاما اقتصاديا لرفاهية شعوب هذه الدول.
كما أن الفوائد الاقتصادية والإستراتيجية لهذا الطريق تدفع المملكة والصين إلى مضاعفة تجارتهما الخارجية مع الدول العربية من 240 مليار دولار في العام الماضي إلى 600 مليار دولار خلال العقد القادم. لذا ستستهدف المملكة والصين رفع رصيدهما من الاستثمار في المنطقة من 10 مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، بالإضافة إلى رفع حجم تجارتهما مع إفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول 2020.
ولكونه يخترق قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا فإن هذا الطريق يمتلك إمكانات هائلة للتنمية الاقتصادية في دول هذه القارات لمساهمته في تعظيم التبادل التجاري بينها، لترتفع قيمتها إلى أكثر من 257 مليار دولار مع دول الشرق الأوسط، ونحو 192 مليار دولار مع الدول الإفريقية وفقاً لأحدث بيانات صندوق النقد الدولي.
وبما أن المملكة تعتبر إحدى أهم الدول المطلة على طريق الحرير، البالغ عددها 65 دولة، لكونها تقع على 3 من أعظم الممرات البحرية التجارية في العالم، وهي الخليج العربي وباب المندب والبحر الأحمر، والتي يمر من خلالها 31% من التجارة العالمية، فإن المملكة ستستفيد من قدرات الصين واليابان التنافسية لنقل التقنية ورفع قيمة الاستثمارات وتنمية الصادرات وتوليد الوظائف وزيادة القيمة المضافة المحلية.
نجاح المعجزة الصينية واليابانية شجع المملكة على المضي قدما في تطبيق التكامل الاقتصادي معهما، بهدف تركيز أهدافنا المشتركة على رفع قدراتنا الإنتاجية وفتح أسواق دول العالم أمام منتجاتنا التنافسية.
نقلا عن الوطن
ههههههه لسا الزياره ما نتهت وعملت فيها تكامل و وو هههههههه