تشهد صناعة البتروكيماويات تحولات كبيرة من شأنها تغيير كثير من المفاهيم الحالية. ومن اهم هذه التحولات دخول الغاز الصخرى على خط انتاج الصناعات البتروكيماوية مما ادى الى ظهور طفرة جديدة فى امريكا الشمالية استطاعت ان تنافس دول الخليج بتكاليف الانتاج المنخفضة.
وسوف تستطيع امريكا رفع محصلة تصدير المواد الكيميائية من 20 مليار دولار فى 2014م الى حوالى 50 مليار دولار بحلول 2030م.
لا شك ان مادة الايثيلين هى عماد الصناعات البتروكيماوية، حيث تصنع منها مواد بلاستيكية متنوعة وتبلغ قدرة انتاج العالم الحالية للايثيلين حوالى 144 مليون طن سنويا وسيضيف العالم حوالى 30 مليون طن من الايثيلين بحلول 2020م.
وسيكون معظم النمو قادما من امريكا الشمالية والصين كالتالى: ستضيف امريكا الشمالية حوالى 11 مليون طن والصين حوالى 9 ملايين طن والشرق الاوسط حوالى 4 ملايين طن وآسيا حوالى 5 ملايين طن، اى ان النمو العالمى السنوى للايثيلين يقدر بحوالى 5-6 ملايين طن، وهذا يعنى ان العالم بحاجة الى تشييد 5-6 مصانع تكسير حرارية لانتاج الايثيلين سنويا.
تتنافس دول العالم والشركات العالمية الآن على انتاج المزيد من الايثيلين باستخدام انواع مختلفة من اللقيم كل دولة بحسب ظروفها، ولكن يبقى اهم عامل فى انتاج الايثيلين فى الوقت الحالى هو كلفة الانتاج التى ترتبط ارتباطا مباشرا بنوعية اللقيم المستخدم وباسعار النفط العالمية.
ومن المعلوم ان لقيم الايثان هو اقل كلفة واكثر انتقائية لانتاج الايثيلين من اللقائم الاخرى مثل النافثا والبروبان.
ولقد حصلت تغيرات كثيرة فى هذا السياق، فى الماضى كان انتاج الايثيلين فى منطقة الخليج يمتاز بانخفاض تكاليف الانتاج بسبب استخدام لقيم الايثان المدعوم والمرافق لانتاج النفط المدعوم بالمقابل كان الانتاج فى امريكا ينتج باستخدام خليط من اللقائم من ضمنها الايثان وكانت مرتفعة الكلفة وقليلة الربحية كما فى الشكل.
اما فى الفترة الحالية فمعظم الزيادة فى الانتاج الامريكى للبتروكيماويات ستكون من لقيم الايثان الرخيص الذى يستخرج من الغاز الصخرى بكلفة قليلة. وصاحب هذا التطور بامريكا زيادة اعتماد بعض دول الخليج على السوائل فى انتاج الايثيلين، وبالتالى ارتفاع نسبى لتكاليف الانتاج واما الصين فستكون الزيادة فى انتاجها باستخدام لقيم الميثانول المشتق من الفحم الحجرى المنتج محليا، وتعتبر الصين اكبر منتج للفحم الحجرى بالعالم حيث انتجت العام الماضى وحدها نصف انتاج العالم من الفحم.
بمعنى آخر فإن تكاليف الانتاج فى امريكا تنخفض مقابل ارتفاع تكاليف الانتاج فى الصين والخليج وهذا ما سيؤدى الى ارتفاع اداء الشركات البتروكيماوية العاملة فى امريكا. وهذا لوحظ فعلا فى اداء الشركات البتروكيماوية فى عام 2015م حيث كان اداء الشركات التى لها مصانع فى امريكا لافتا للنظر.
فلقد جاء اداء كل من داو كميكال واكسون وليونيديل باسل رائعا ولقد ساعدت ربحية البتروكيماويات على تخفيف خسائر شركات النفط والغاز الكبرى مثل اكسون وشل.
وبحسب شركة (IHS) تبلغ كلفة انتاج طن الايثيلين فى امريكا من لقيم الايثان حوالى 200 دولار وهو يباع الآن بأكثر من الف دولار.
واما كلفة الانتاج فى عام 2020م من لقيم الايثان فتقدر بحوالى 400 دولار على الاكثر وهذا يعرض بكل وضوح تفوق صناعة البتروكيماويات فى امريكا على كل دول العالم فى انتاج البتروكيماويات الاساسية لان اللقيم المناسب متوافر وباسعار لم تحلم بها الشركات البتروكيماوية الامريكية.
وعلى سبيل المقارنة يتوقع ان تصل كلفة انتاج طن الايثيلن فى الصين من لقيم الميثانول فى عام 2020م حوالى 1200 دولار ومن النافثا حوالى 800 دولار، وفى كل الاحوال يبقى انتاج الايثيلين فى امريكا من الايثان الاقل كلفة وكما يعرض الشكل فإنه اصبح قريبا من تكلفة الايثيلين المنتج فى الخليج من لقيم الايثان المدعوم.
وسينمو انتاج الايثيلين فى كل من آسيا ومنطقة الخليج العربى بين عامى 2015م و2016م بحوالى 9 ملايين طن بالسنة وستكون كالتالى: سترفع الهند انتاجها بحوالى 3.2 مليون طن سنويا ولا شك في ان انخفاض اسعار النفط قد اغرى الهند بالتوسع فى انتاج الايثيلين، وسترفع ايران انتاجها بحوالى 2 مليون طن بالسنة والمملكة حوالى 1.8 مليون طن واما الصين فستكتفى فى عام 2016م باضافة 1.6 مليون طن الى انتاجها السنوى من الايثيلين.
وهنا لابد من ملاحظة ان رفع الحظر عن ايران قد ساعدها في رفع طاقتها الانتاجية من الايثيلين وسترفع ايضا طاقتها الانتاجية من الميثانول واليوريا، وبذلك نستطيع القول ان رفع الحظر عن ايران سيكون من العوامل المهمة التى ستؤثر ايضا على الصناعة البتروكيماوية. بالاضافة الى انخفاض اسعار النفط حيث انخفض معها سعر لقيم النافثا وهو لقيم رئيس لانتاج الايثيلين بالعالم. وفى عام 2016م سيكون معظم النمو فى انتاج الايثيلين فى الهند والصين والمملكة من النافثا.
وعلى صعيد الميثانول فيتوقع ان يرتفع الانتاج العالمى من 118 مليون طن فى عام 2015م الى 185 مليون طن فى عام 2020م. وسيكون معظم النمو قادما من الصين وامريكا وايران وموزمبيق. سترفع الصين انتاجها بحوالي 25 مليون طن وامريكا بحوالى 10 ملايين طن وايران بحوالى 15 مليون طن وموزمبيق بحوالى 5 ملايين طن.
وكما يشهد البروبيلين توسعات عالمية كبيرة، وسوف يرتفع انتاجه بحوالى 24 مليون طن بحلول 2020م 60% منها ستكون للصين وسيكون معظم النمو بالانتاج الصينى باستخدام الميثانول كلقيم، وهذا يشير الى بعض التغيرات التى تشهدها صناعة البتروكيماويات بالعالم دخول الميثانول القوى كلقيم لصناعة البلاستيك.
وستضيف امريكا حوالى 3 ملايين طن من البروبلين باستخدام البروبان المشتق من الغاز الصخرى.
وباختصار فإن اهم المتغيرات التى تواجه صناعة البتروكيماويات من الآن وحتى 2022م هى كالتالى:
1- ظهورالغاز الصخرى كلقيم رخيص فى امريكا الشمالية وتصدير الايثان الصخرى الى اوروبا.
2- التحول التدريجى فى الصين من استخدام النافثا كلقيم لانتاج البلاستيك الى الميثانول المشتق من الفحم الحجرى المنتج محليا.
3- تحول دول الخليج تدريجيا من لقيم الايثان فى انتاج الايثيلين الى اللقائم السائلة الاغلى ثمنا.
4- رفع الحظر عن ايران والتوسع فى انتاج البتروكيماويات المتنوعة.
نقلا عن اليوم
للمحافظة على تنافسية صناعتنا البتروكيميائية لا نملك غير سعر اللقيم المنافس فقط والاتجاه للقيم السائل والارتفاع المتوقع للبترول في قادم الأيام ليس الاتجاه الصحيح...لا اعلم اذا OTC احد حلول المحافظة ع التنافسية.
في ظل ندرة غاز الإيثان لدينا يبقى الاتجاه للقائم الاخرى حاجة ملحة فالمسألة ليست اتجاه صحيح او خطأ ولكنه الواقع... الاتجاه الصحيح هو التحول الى انتاج البتروكيماويات المتقدمة وليس الاعتماد على تصدير المواد الاساسية كما هي صناعتنا البتروكيماوية الحالية.....