فرض الرسوم والضرائب يضعف النمو الاقتصادي

30/08/2016 17
محمد عبدالله السويد

عالميا، عندما تواجه اقتصاديات معينة خطر الركود أو حتى الانكماش، تحرص القيادات الاقتصادية فيها على عدم فرض ضرائب إضافية أو رفع تكاليف الأعمال لكي لا يزيد ذلك من مصاعب النمو الاقتصادي ويقلص من قدرة الاقتصاد على خلق وظائف جديدة أو المحافظة على الوظائف المتوفرة والنمو بشكل مستمر.

رغم ذلك، فالوضع حاليا في السعودية يعتبر الأمر مختلفا نوعا ما، ففرض رسوم جديدة أو رفع الرسوم الحالية من غير المحتمل أن يزيد المصاعب على الاقتصاد السعودي، بل بالعكس، هذا الأمر سيكون فاتحة للاقتصاد لكي ينمو بشكل أكبر خلال العقد القادم بإذن الله.

اقتصاديات الدول المتقدمة اعتمدت بشكل عام على سياسات رأسمالية لمدة طويلة جعلها تبني بيئات أعمال فعّالة تنمو بذاتها في الغالب بدون الاتكال دائما على الدعم أو الصرف الحكومي.

حيث يمكننا مشاهدة سهولة الأعمال بها في مختلف القطاعات الحيوية في الاقتصاد وانخفاض تكلفة المعاملات وغيرها من العوامل الجاذبة لعمل القطاع الخاص مع وجود رسوم وضرائب متنوعة وبأحجام مختلفة سواء متعلقة بدخل الفرد أو حتى رسوم مقابل الخدمات المقدمة بمختلف أنواعها.

أما بالنسبة للسعودية، فقد ضعفت بيئات الأعمال بشكل كبير وحصل تدخل حكومي مباشر وشبه دائم في الاقتصاد وقطاعات الأعمال المختلفة منذ أكثر من عقدين على شكل استثمار حكومي مباشر في أنشطة مختلفة، ودعم حكومي لا محدود لقطاعات متعددة، بالإضافة إلى الصرف الحكومي الكبير الذي شكل زيادة في الميزانية العامة بمعدل 25% سنويا منذ للسنوات العشرة السابقة لـ 2015م.

هذا التدخل بحسب تصوري جعل نمو الاقتصاد محدودا ومتذبذبا بشكل حاد بسبب ربطه بعائدات النفط مباشرة مع عدم وجود أي رسوم أو ضرائب.

الان مع خفض السياسات الاقتصادية وفرض رسوم وضرائب، لن يكون نمو الاقتصاد محدودا بالدعم أو الصرف الحكومي كما كان سابقا وسيقوم الاقتصاد بشكل تدريجي باستخدام موارده المحدودة بشكل أكثر كفاءة ليساهم في وقف الهدر من جميع الأطراف وتعظيم الفائدة من استخدام هذه الموارد.

على سبيل المثال، استخدام رسوم البلدية في تمويل عملياتها ومشاريعها سيدفعها لتحسين خدماتها تدريجيا فالجميع الآن سيراقبها ويحاسبها في طريقة إدارتها لهذه الموارد، وسيتم قياس أداء الوزارة بحجم رضاء قاطني المدن والأحياء، لأنهم في النهاية من سيدفع هذه الرسوم.

في الجانب الآخر، ستتجه الإدارات الحكومية لتعظيم حجم الرسوم المحصلة سنويا ولكن الزيادة ستتوقف عند سقف معين، مما يعني أنها ستقوم لاحقا بزيادة سعة أسواقها التي تحصل منها هذه الرسوم أو إعادة تنظيمها كما رأينا مؤخرا من وزارة العمل عندما قررت أن تستخدم نظام نطاقات بشكل ذكي وبيع النقاط على المؤسسات الراغبة في تحسين تصنيفها لتستطيع الاستقدام، فهي بهذه الطريق ابقت على تكلفة العامل الأجنبي مرتفعة، وساهمت بشكل غير مباشر في معالجة مسألة السعودة الوهمية التي يعاني منها سوق العمل، ولم تحرم المؤسسات الجديدة من فرصة استقدام عمالة أجنبية لكي لا تعرقل عمل القطاع الخاص.

باختصار، الرسوم والضرائب في اقتصاد ناشئ من الصعب التأكد من تأثيرها المباشر خاصة إذا كان الاقتصاد يمر بهيكلة عامة تتضمن توجهات رئيسية كالدعم الحكومي والصرف والاستثمار العام.

على خلاف المعتاد، فرض الرسوم والضرائب الآن سيعيد تنظيم الصرف العام والخاص ويحسن من كفاءة العمليات لمختلف الأطراف ويدفعهم للابتكار والإبداع.

الأهم في المرحلة الحالية هو أن تستوعب الشركات القائمة حجم هذا التغيير في الاقتصاد وسياساته العامة والتأقلم معه بالشكل الذي يضمن على الأقل بقاؤها واستمراريتها أثناء فترة التحول الوطني.

نقلا عن الرياض