الميزة النسبية التي يتفوق بها الاقتصاد السعودي في المنطقة العربية والشرق أوسطية هي امتلاكه لسوق كبيرة تمتاز بوجود عدد جيد من المستهلكين الذين توصف دخولهم بالجيدة أو فوق المتوسطة، ولذا فإن الرسوم والضرائب ما لم تكن مقننة جداً قد تضعف هذه الميزة في الاقتصاد.
في نظرة إلى المنطقة نجد أن عدد سكان منطقة الخليج العربي التي توصف بالغنية يصل إلى حوالى 50 مليون شخص يمثل سكان السعودية غالبيتهم بعدد يربو على 30 مليون شخص، ما يعني تفوق السعودية على شقيقاتها الصغرى لجهة العدد، ولا مقارنة جائزة البتة مع أي دولة خليجية في شكل منفرد في هذا المجال.
وعند مقارنة السعودية بالدول الأكثر سكاناً في المنطقة لجهة الدخول الفردية، نجد أن السعودية تتفوق في هذا المعيار على مصر وإيران وغيرها من الدول الأكثر منها كثافة سكانية.
هذا العدد السكاني الجيد والدخل الجيد الذي تنفرد به السعودية في منطقتها جعلها تتصدر كل التصنيفات والأخبار، فهي الاقتصاد الأكبر، والســوق المالية الأكبر، وعدد سياحها في المنطقة هو الأكبر، والأموال الأجنبية التي تحول إلى خارجها هي الأكبر، واستثمارات الســعودية في تركيا ودبي هي الأكبر، وفي أوروبا وأميركا هي كذلك، مقارنة ببقية دول المنطقة.
وانطلقت السعودية وشقيقاتها الأصغر في الخليج باقتصادات معتمدة على الرعي والزراعة والحرف اليدوية البسيطة لتتحول إلى اقتصادات الاستهلاك الكبير من دون أن تمر بمراحل التنمية المعروفة في كتب التنمية الاقتصادية.
وعلى رغم أن الاستهلاك ليس هدفاً لذاته حالياً في ظل اقتصاد تعتمد موارده على النفط أساساً، إلا أن كبر حجم الاستهلاك والطلب الكلي في هذه الأسواق يجب أن ينظر إليه على أنه ميزة نسبية محركة لدعم الإنتاج المحلي وتنميته واستقطاب المشاريع الأجنبية وشراء أسهم المشاريع الحكومية المزمع تخصيصها في ظل الرؤية الجديدة، فلا مشاريع جديدة تنشأ ولا مال أجنبي يأتي ولا تخصيص سينجح ما لم تكن القدرة الاستهلاكية للسوق جيدة وهو ما يتوافر في السعودية اليوم.
والتحدي المهم أمام متخذي القرار الاقتصادي اليوم هو كيفية الاستفادة من هذه القوة الشرائية الجيدة في السوق السعودية لإنشاء مشاريع صناعية وخدمية ودعمها وجلبها بما يساهم في نمو الاقتصاد ويدعم التوظيف ويخلق فرص العمل فيه.
والملاحظ اليوم أن هذا الأمر ليس مطروحاً للنقاش، فكل جهة حكومية همها أن تقترح وتخطط لتحصيل رسوم جديدة نقص مواردها التي خفضتها وزارة المال تحت بند التقشف وتقليل النفقات.
فالمواطن زادت عليه خلال الأشهر القليلة الماضية تكاليف الكهرباء والمياه والوقود بأنواعه، ويجري اليوم حديث عن رسوم أخرى لعداد الكهرباء ورسوم لجمع النفايات ورسوم كذا ورسوم كذا.
وعلى رغم أن فرض رسوم جديدة وزيادة رسوم قائمة له ما يبرره أحياناً، كتهذيب سلوك احتكاري مفرط أو منع حوادث مرورية فاجعة أو تقليل استهلاك التبغ والمشروبات غير الصحية، يجب أن لا يتجاوز الأمر ذلك، فإنهاك الدخل الشخصي للمواطن بالرسوم سيمنع الاستفادة المشار إليها في السطور السابقة.
الخلاصة أن فرض رسوم جديدة على المواطن يجب أن يمر عبر دوائر طويلة وأن يحظى بنقاش مستفيض، وأن لا يترك الحبل على الغارب لكل جهة حكومية لتفرض أو تزيد ما تشاء من رسوم، فالقدرة الشرائية والإنفاق الاستهلاكي الجيد للمواطن السعودي يجب أن ينظر له كعامل حفز لدعم إنشاء مشاريع جديدة وورقة رابحة للتفاوض مع الأجانب لدخول السوق الأكبر في محيطها، وسبيلاً لإنجاح التخصيص المعلن لكثير من الأجهزة والخدمات الحكومية.
ويجب أن لا تُحرَق هذه الورقة بأي حال بكثرة الرسوم وانهاك جيب المواطن، وإن حدث ذلك فللأسف لن تنافس السعودية بقية دول الخليج في معيار الدخول ولن تنافس بقية دول المنطقة الكبرى وفق معيار الكثافة السكانية، ما يعني تراجع قدرة اقتصادها لميزة نسبية يتفوق بها حالياً، وهو أمر لا بد من أن ينتبه لأثره متخذو القرار الاقتصادي في السعودية.
نقلا عن الحياة
كلام صحيح ولكن ليت قومي يعلمون !! كل مسئول خائف على كرسيه ولذلك فهو يبحث عن الحل الاسرع والاسهل !! لانه لا توجد معايير منافسة وواضحة لزيادة دخل الخدمات الحكومية بدون المرور على جيوب المواطنين !!
30% هبوط في أرباح شركة جرير مؤشر على نزول القوة الشرائية للسكان
كلام صحيح جدا جدا