يعتقد كثير من الناس أن الاقتصاد هو المتهم الرئيسى والعدو الأول لما يعانون منه خاصة من تطاردهم المشاكل والهموم في كل زمان ومكان، كما أنهم لا يفرقون بين الاقتصاد والظروف الاقتصادية والشأن الاقتصادي فالكل بمعنى واحد.
فالعلاقة بين الاقتصاد والإنسان لا تحتاج إلى إثبات وبراهين، ففي جميع مراحل العمر التي يمر بها الإنسان، نجد أن الشأن الاقتصادي جزء لا يتجزأ من حياته فهو يلازمه في كل مكان، تارة يسير معه ويقف أمامه ويتحرك بجانبه وتارة أخرى يدفعه إلى الأمام فيصيبه بالفرحة أحيانا وبالحسرة أو الندم أحياناً أخرى.
وإذا كان محدد الدين هو المحدد الأساسي والأهم في اختيار الزوجة إلى جانب الجمال والحسب والمال من جانب الشرع، فإن قيمة المهر وتفضيل الزوجة صاحبة الوظيفة وشكل حفل الزواج ومكانه وقضاء أجازة شهر العسل أمور لايمكن تجاهلها في قائمة عادات الزواج حديثا بالمجتمعات العربية عند الكثيرين الآن.
بل إن كثيراً من الخلافات الحاصلة بين الخطيبين أثناء فترة الخطوبة وتنتهي بالفشل يوجه فيها أصابع الاتهام إلى الظروف الاقتصادية المحيطة بهما.
أما أبغض الحلال عند الله وهو الطلاق فإن كثيرا من حالاته التي تقع تكون نتيجة للظروف المالية الخانقة التي تحيط بالأسرة، مع عدم إغفال العوامل الأخرى المعتبره حتى ان العلاقات الاجتماعية والمجاملات بداخلها تخضع في جانب من جوانبها للأمر الاقتصادي.
فالبعض يستطيع المجاملة بكثير من المال والآخر لا يستطيع إلا بالكلمة الطيبة والأمنيات الجميلة، وتلعب الظروف الاقتصادية وتحسن الأحوال المادية دورا كبيرا في الزواج بزوجة ثانية وثالثة أو حتى رابعة بعيدا عن الحجج التي يسوقها البعض من أنه ما فعل ذلك إلا امتثالا للسنة والمشاركة في القضاء على العنوسة بالمجتمع
وفي بعض الأحيان يتم زواج القاصرات من الأسر الفقيرة الى كبار السن والطاعنين فيه من الأسر الغنية وقد تسبب هذه الزيجات الكثير من المشاكل الاجتماعية المعقدة.
كما أن بعض المشاكل الاجتماعية القاسية لا تخلو من بعدها الاقتصادي المؤثر، فقد حكى زميل لي بالجامعة التي كنت اعمل بها في إحدى الدول العربية الشقيقة أن جاره الذي كان يسكن بجواره في إحدى العمارات كان يرفض الموافقة على طلب كل رجل يتقدم لخطبة بناته الثلاث والتي تجاوزت أعمارهن الـ 35 عاما واللاتي كن يعملن معلمات بمدارس البنات بحجة أنهن غير موافقات، والحقيقة عكس ذلك تماما ﻷنه كان يأخذ راتبهن ويرى أنه بزواجهن سيفقد هذه الرواتب، وقد فشلت كل المحاولات من الأقارب وأهل الخير على إقناعه بالموافقة على زواجهن.
وأخيرا فإن نوعية التعليم التي يفضلها الإنسان من مدارس ومعاهد وجامعات مرموقة وتخصصات بعينها وكذلك هو الحال بالنسبة لقطاع الصحة فمستوى العلاج والعيادات والمستشفيات وشهرة الأطباء عوامل لا يمكن تجاهل الجانب الاقتصادي فيها.
لكن وبالرغم من كل هذه الاتهامات للجانب الاقتصادي يظل الإيمان بالله والرضا بما قسمه الله سبحانه وتعالى والرشد والوسطية والاعتدال هي من يسير حياة الإنسان.
نقلا عن لوسيل
عقليه اقتصاديه جباره ربنا يبارك فيك دكتور عادل