من يعرف تجربة اليابان لا يمكن إلا أن يقدر دور ( ميتي- MITI ) وزارة الصناعة و التجارة الدولية، لاحظ الربط بين الصناعة والتجارة الدولية - يحمل مدلول على التوجه الاقتصادي، هذه الوزارة كانت تقود التحول والتطور الاقتصادي من خلال طبقة تكنوقراطية على درجة عالية من الكفاءة و الدقة في علمها و توجهاتها لخلق قيمة مضافة تصاعديا.
يأتي ويذهب السياسيين و الوزراء وهذه الطبقة عينها على سلم القيمة المضافة أفقيا ورأسيا.
التكنوقرات في الغالب شخصيات غير معروفة عالية التعليم وتعشق عملها والبعض منهم يتطلع إلى وظيفة في القطاع الخاص في مرحلة لاحقة والبعض الآخر يرتقي لإدارة مؤسسات حكومية وشبكة حكومية بعد تجربة مقنعة في معرفة ما يدور في الحلقات الاقتصادية.
هذه الطبقة على تواصل مع نظراءهم في الكيانات الخاصة والعامة لكي تكون جميع الكيانات على درجة من التنسيق والمؤاومة و قوة التوجه و فعالية العطاء.
يقابل ذلك تجربة الوزارات لدينا في ضعف الكادر التكنوقراطي من ناحية وعلاقة ذلك بانتظار وزير جديد و خطته لإعادة توجيه الجهاز ودعوة فريق استشاري أجنبي ليسدي النصح دون معرفة الثقافة العامة ( السياسات العامة ) والثقافة الخاصة ( كفاءة القائمين - التكنوقراط).
النقص في أعداد الكوادر عام ولكنه نقص وعيب هيكلي غير مفهوم في وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط والتجارة والصناعة على مدى عقود واستمر تحت مسميات مختلفة لهذه الوزارات . في ظل هذا النقص والتقصير وجدت ماكنزي واخواتها فرصة ذهبية ولكنها لن تقدم الكثير لنا.
يشتكي الكثير بموضوعية أنه كلما جاء وزير أو مسؤول كلما تغيرت السياسة العامة والأولويات وكبار موظفي الوزارة ودراسات من مكاتب استشارية أغلبها أجنبية وكأننا لم نتعلم شيء أو لم نراكم أي معرفة .
في بيئة من هذا النوع تجد ماكنزي فرصة لملء فراغ بسبب نقص الكوادر في الوزارات المؤثرة اقتصاديا و خاصة في السنوات العشرون الماضية .
بل إن تجربة المملكة في السبعينات ( هناك مكان للاستشارات ) كانت أفضل حيث كان التكنوقراط السعودي يقوم بدور أكثر حيوية في الادارة الاقتصادية .
نفهم الحالة الماضية أنها كانت لإرضاء سياسة إشباع لمجتمع متعطش لذلك كان دور النخبة التكنوقراطية نسبيا سهل ولكنها بذلت مجهود حسن الأداء.
هذه المرحلة انتهت في نهاية التسعينات ولكن النخبة لم تتطور بل أنها سمحت للعامة أن تتقدم عليها في الوعي والمعرفة . قد يكون العصر المعلوماتي كشف دور الكثير منهم .
لما تصل الحالة إلى أن يصل أحدهم من جامعة غير ذات تخصص إلى منصب اقتصادي / مالي فني في وزارة مؤثرة اقتصاديا من خلال دورة مقتضبة من معهد الادارة وزيارة للبنك الدولي دون معرفة مقبولة باللغة الإنجليزية نكون وصلنا إلى مستوى جديد من اللامسائلة .
اليوم وبعد أن جاءت " الرؤية " وخطة التحول الوطني نحن أمام مفترق جديد نحو ايجاد النخبة الفنية.
الرؤية تقدم نبراس وخطة التحول هي العظم الذي يقوم عليه الجسم الاقتصادي المرجو و البرامج المختلفة هي اللحم الذي يكسو العظم ولذلك هناك حاجة إلى طبقة تكنوقراطية والتي بمثابة العناصر الغذائية التي تعطي الجسم الحياة و الحراك .
استمرار ماكنزي وأخواتها نزيف مالي ولكنه ليس الأهم ، الأهم أن طبيعه التحدي تتطلب منبع أصيل وأن يكون للمواطن الحق في الخطأ والتعلم .
التعلم من مراقبة أو مشاركة فريق أجنبي عابر سبيل لا يحمل الهم الوطني بما يحمل من شحن معنوي وعاطفي وهذا له دور حيوي في التفاعل بين البشر والقنوات المؤسساتية والأدوات الخاصة بالمكان خاصة أن الكثير من المعلومات لدينا ضمني في مجتمع غير قارئ .
فهو تعلم ثانوي على الأحسن و راكب مجاني على الأسوأ . في ظل هذا التنازل لابد من حلول جديدة .
أحد الحلول أن تختار كل وزارة وخاصة المؤثرة اقتصاديا و كل مؤسسة رقابية من مجموعة يختارها لجنة مستقلة تكون مرجعيتها عالية.
تكون معايير الاختيار الافضل7- 10% من التخصصات ذات العلاقة خاصة القانون والهندسة والاقتصاد والرياضيات وبعض البارزين من تخصصات أخرى، على أن يكونوا من كل الجامعات لكي تكون هناك مشاركة وطنية متكفاءة من جميع المواهب في الوطن.
يعرض المختارون لدورة مكثفة في اللغة العربية ومعرفة أنظمة وخطط الحكومة والتفكير الاستراتجي والقدرات التحليلية، بعدها يكون هناك اختبار لجولة أخرى من التصفية . يتم التخلص من 10 إلى 15 % الأضعف في الاختبارات أو درجة الانضباط .
بعدها تكون هناك دورة على وزارتين في سنة واحدة بحيث يكون كل فرد مساعدا ملازما لأحد المسؤولين المعتبرين .
بعدها دراسة في دورة مكثفة أو شهادة ماجستير بالتعاون مع أحد الجامعات المعروفة . بعدها يعمل هؤلاء على التحليل و تقييم السياسات لمدة لا تقل عن خمس سنوات قبل أن يكونوا مستعدين لأي مسؤولية مباشرة .
ليس هناك حلول سهلة ولا طريق واحد لمعرفة وتربية المواهب ولكننا لم نعمل الكثير في السنوات العشرون الماضية خاصة بعد ما انتهت علاقة شيسمنهاتن بنك مع صندوق التنمية وخرج ستي بنك من سامبا وأثبتت تجربة ارامكو محدودية الفعالية في القطاع الحكومي.
اعتقد أن علينا التجريب و الأخذ بخطوات عملية بعد أن صرفنا أموالا كثيرة وبمردود محدود.
خاص_الفابيتا
لأن عنز الشعيب تحب التيس الغريب
شكرًا اخ عبد الرحمن لأسف هناك جزء معتبر و صحيح فيما تقول
نجاحها بعقولنا مع إحترامي لبقية المقال
اخ taibi شكرًا على المشاركة . لب الموضوع ليس نقد لشركه أجنبية في القطاع الخاص و لكن تقديم مقترح لتنمية كوادر بطريقة منظمه و بعيدة المدى لتقليل دور ماكنزي و غيرها
للأسف لا يوجد لدينا تخطيطات طويلة المدى .. دائما نحب الأنجازات السريعة والنتائج الفوريه وسرعة قطف الثمرة .. التخطيطات لابد أن تاتي من أعلى سلطة .. وأن يتم دعمها منهم مهما تغير الذين تحتهم .. وهذا ما يمييز الملكية أو وجود برلمان يراقب عمل الدولة وادائها
شكرًا اخ faisalia قد ما تقول صحيح و لكن الافضل عدم التوسع و التركيز على التجارب و الممارسات الفنية . تجربة المنطقة في السياسه اكثر خطورة . احد الأسباب في نظري المتواضع عدم أخذ التفاصيل الفنية بطريقه جدية و بعيدة المدى و هذا المقال يقدم اقتراح على درجه من التفصيل في هذا المظمار .
الشركات الاستشارية عادة تقوم بمهمات محددة ومؤقته لصاحب المشروع ... استخدامها يعتمد على مدى وضوح رؤيه صاحب المشروع ... هم لا يعطون الحلول ، ومستحيل ان يكون ذلك متوقعاً منهم ، ويخطئ من يحضرهم لهذا الغرض .. دور هذه الشركات هو مساعدة صاحب المشروع على سرد الاهداف من مشروعه ، ومن ثم جمع البيانات والحقائق من الاطراف ذات العلاقة وعرضها ، ثم سرد تجارب مشابههة للتوضيح و المقارنه ... وبعد ذلك تسهيل وادارة عملية العصف الذهني والتفكير مع صاحب المشروع ، ومن ثم ترتيب النتائج والاولويات ، ومن ثم رسم طرق وادوات لمراقبة الأداء حسب المعايير التي اتفق عليها اطراف المشروع ... اما اذا توقعت منهم غير ذلك فتلك مشكله يتحمل صاحبها نتائجها .. وهذا ما لايفهمه الكثيرون ، حيث انهم يتوقعون ان هذه الشركات الاستشاريه لديها خبراء اجانب لديهم عصا سحريه لتغيير الكون.
شكرًا اخ فهد اتفق معك تماماً بل ظهر و كأننا نطلب منهم التفكير نيابه عنا و هذا يعود الى ضعف الطبقة التكنوقراطية و لذلك ظهر المقال بهذا الاقتراح . كما انني سبق و ان تحدثت عن ما ذكرت لانه في صلب السيطرة على النظرة التنموية من عدمه .
نعم الشركات الاستشارية ليس لديها الكثير لتقدمه في ظل اختلاف الظروف والثقافات وهي تأتي في الغالب بحلول معلبة وجاهزة كان لها نجاح جزئي في بلد ما يقع في اطراف الارض !!! ولكن مشكلتنا الرئيسية تأتي في العلاقات والواسطات وتوظيف من نحب بدون النظر الى اهمية الوصول الى الهدف بل ونزيح الكفاءات لانها لم تتفق مع صاحب الواسطة !!! ما قدمته من حلول اخي فواز نجاحها مرتبط بصبر المتلقي والمسئول في المقام الاول وهذا لا يتوفر لدينا ابداً في ظل وجود اصحاب الواسطات والعلاقات ضمن فرق العمل فهم اساس افساد اي خطة او استراتيجية !!! بعض الدراسات الوطنية (ولا اقول اغلبها) قدمت حلول كبيرة ورائعة لكثير من مشاكلنا التي نعاني منها في حياتنا العامة والخاصة ولكن المتلقي وصاحب القرار اما انه يتدخل ليفسد ما تريد ان تصل اليه هذه الدراسات او انه يحيلها الى غير المتخصصين ليعلقوا عليها او يوازن بينها وبين مصالحه الخاصة !!!!
شكرًا اخ Sahood اتفق في بعض ما ذكرت . اعتقد ان اعداد العناصر البشريه هو الأهم لان التحديات تتغير و لكن العقول المدربة و المرنه تتعامل مع كل الظروف . الطبقة الفنية الوسطى تعمل على تماسك المجتمع في نواحي كثيرة
كلام جميل ولكن ارى انك اغفلت الجانب السلبي في المنظومه وهو الفائده الشخصيه لصاحب القرار سواء من مدراء عموم او وزير حيث يتم توجيه دفة العمل في اتجاه مصالحه خد مثلا وزارة التعليم معظمهم يستثمرون وليس من حقهم في قطاع التعليم الاهلي والصحه في المستوصفات والبلديات فالمقاولات وهكدا
شكرًا اخ amobark صحيح الى حد و لكن احد الأسباب غياب الطبقة الفنية القويه و النشطه . فهذة تستطيع ان ترضي الكثير من طموح هؤلاء ، الطاقه البشرية موجودة و تتكيف و لكنها لم توظف بما يخدم المجتمع بكفاءة
شكرا استاذ فواز ,, سابقا لم تكن حاجه لاستشاريين محليين مميزين , لأن الامور الحكوميه ماشيه بالبركه , ايرادات بتروليه وصرفها على بنيه تحتيه ورواتب ونحو ذلك , لم يستشعر المسؤولين الحاجه للتفكير ( خارج الصندوق ) لتغير ما كان مألوفا لهم وعلى مدى عقود , اما وقد تغيرت الامور ( شكرا لأنخفاض البترول , وانتشار المعلومات عن طريقق وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها ) فقد تجد استشاريين متميزين مع مرور الوقت ,,, سابقا وظيفه المدرس أميز من وظيفة مالي او اخصائي تمويل , ووظيفة مهندس أنجح من وظيفة محلل معلومات وهكذا
شكرًا اخ Malekeoa . أظافه مميزة . اعتقد انك صحيح حيث هناك عدم مرونه و احيانا عدم قدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة
هل أنت فواز الفواز صاحب المقال؟
شكرا لك أخ فهد عبدالله موسى .. كلام منطقي ١٠٠٪ ... أما الكاتب فأستدرك عليه شيئا واحدا فقط وذلك عندما علق الحلول كلها على التكنوقراط .. فأقول له : انقل عني هذه العبارة .. ( علم الإدارة والإقتصاد ليس بالضرورة أن يخرج لنا مدراء أكفاء وقيادات وكوادر ناجحة ... واقتصاديين مرموقين ) وإلا كنت أنا بنفسي أروح لخريجي الإدارة والإقتصاد وأبحث عن الذين حققوا أعلى النتائج في الدراسة وأوظفهم عندي في المصنع أو المؤسسة .. هذا العلم وضع للمارسة الفعلية وليس للتفوق الأكاديمي .. وانظر إلى كبار التنفيذيين في الشركات والبنوك هل وصلوا إلى هذه المناصب بنتائج دراستهم أم أن سمات القيادة والإدارة برزت لديهم خلال ممارستهم المهام في وظائفهم على مدى سنوات عدة
اخ فارسكوم شكرًا أنا كنت أتكلم عن جزئية واحدة. فقط تربط بين الحاجه و المبالغة في توظيف الاستشاري من ناحية و نقص الكوادر الفنية من ناحية اخرى . لم أسعى لتقديم خطه إدارية في هذا العمود
قل لي كيف يتم اختيار الوزراء والقياديين واقول لك الى اين نحن ذاهبون !!
شكرًا راعي الأسهم . هذه احد الجوانب و احد مصادر العلل في نفس الوقت ، إذ ان تواجد كوادر فنية قويه يقلل من دور الوزراء و غيرهم
الحلول الجاهزة لا تصلح لكل زمان ومكان لاختلاف الثقافات والظروف ... وليس التكنو قراط او الاكاديميين ناجحين لكل وزارة او شركة بل نجد احيانا صفات القيادة ( الكاريزما ) فيمن لم يتلقى حظا من التعليم ... والخبرات قد تتفوق على الدارسين فى كثير من المجالات وقد تتوافر الرؤى لدى من لم يتخرج من الجامعة فى بعض الاحيان ....!!
شكرًا د جمال كلام صحيح و لكنه لا يتنافى مع تواجد طبقة فنية تحكم إيقاع الجهاز الحكومي و الرقابي . الموهبة لها مكان في كل زمان بل ضروري رعايتها و قد يكون في الطبقة الفنية مواهب
النخبة عندنا غير واعية وفي الثقافة الشعبية مقولات عن تجربة واقعية تكشف ذلك مثل الشيخ ابخص ومثل حنا افضل من غيرنا ونحن احسن من موزمبيق نشكر الكاتب على المقال
اخ سنابل شكرًا لك ، كل هذا موجود و لكن فعالية طبقة فنية يقلل من دور الافراد السلبي تدريجيا إذ يعطي الأجهزة صبغه مهنية بعيدا عن الاجتهادات و الإسقاطات الشخصيه
منبع العقول الإبداعية القادره على احداث في مجالات التنميه الاقتصاديه هي تلك التي تعمل بالقطاع الخاص ، لذا تجد ذلك واضحا في المجتمعات الغربيه ، اما في الدول التي تكون الجهات الحكومية هي المتحكمة والمهيمنه بمفاصل الاقتصاد فلا تنتج الا عقليات يغلب عليها (( طمام المرحوم )(
شكرًا اخ العراب في المدى البعيد صحيح غالبا و لكن يحتاج لنا عدة مراحل قبل هذة المرحلة ، كما أثبتت التجارب انه لابد من قطاع عام قوي ليقود الكفاءة و الجودة و منها فتح المجال للإبداع