الإسراع في تصيد الفرص التي لاحت في السوق المالية السعودية أمس وتشبعت بها منذ الدقائق الأولى لافتتاحها دفعها لأن تتفادى أشد انخفاض كادت أن تتعرض له، ويتعرض له المؤشر العام للأسعار، وذلك تأثراً بما طال أسواق المال العالمية وأسواق النفط جراء صدمة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.
واقع الأمر كان في التتبع والاستقراء الدقيق لما أتاحته السوق من مستويات سعرية جديرة بالشراء جعل للأموال وجهتها وحث خطاها سريعاً نحو اغتنامها دون تردد، وساعد ذلك الضخ للأموال من قبل المستثمرين في رفع عمليات الشراء التي حدت من التراجع الكبير للأسعار، وللمؤشر العام والمؤشرات القطاعية.
مثل ذلك الضخ أتى بعد أن تهاوت الأسعار في بداية التعاملات وهوت بالمؤشر العام للسوق إلى 6256 نقطة لأدنى مستوى توازي 4.5%، وهو ما يفصح عن أن هناك ثقة في السوق وفي الاقتصاد السعودي، لاسيما وأن حجم التأثر سيكون محدوداً كما أوضحت ذلك مؤسسة النقد السعودي، وأشارت فيه الى أنها راجعت سياستها الاستثمارية وأصولها المقومة باليورو والجنيه الإسترليني وأجرت بعض التعديلات، وأن تأثر القطاع المصرفي سوف يكون محدوداً.
الحقيقة أن هناك شعورا بالارتياح بما آلت إليه تعاملات السوق بالأمس، ليس لأنها أقدمت على تقليص خسائر مؤشرها العام، ولكن غبطةً بالانفصال عن الهبوط القاسي والمؤلم الذي تعرضت له الأسواق العالمية وأسواق النفط في إغلاق الأسبوع المنصرم، وهو انفصال يتمنى متعاملو السوق أن تكون أولى بوادره أمس وأن يؤسس لوضع عقلاني وموضوعي بالحال الجيدة التي تعيشها، وبالتالي يبعدها عن اضطرابات الأسواق الأخرى ويفك عنها ارتباطها الغامض الذي عاشته في فترات مضت وأثر عليها وجعلها أن تراوح مكانها.
لكن السؤال الأهم، هو ما مدى تقبل انفصال السوق المالية وهي في وضعها الراكد عن اضطراب الأسواق التي كانت مزدهرة ومنتعشة؟ الإجابة سنراها في الأيام المقبلة، وذلك للتأكد من حقيقة بوادر هذا الانفصال، خاصة أن الأسوأ عالمياً لم يأت بعد؛ من ضعف النمو العالمي وتباطؤ محتمل في أوروبا وارتفاع لخطر الركود في بريطانيا وانعكاسات ذلك على الاقتصاد الأميركي.
نقلا عن الرياض