وزارة العدل العمود الفقري لرؤية المملكة 2030

20/06/2016 3
محمد عبدالله السويد

نعم، أهمية وزارة العدل في عملية التحول بمشاركة القطاع الخاص في التوسع الاقتصادي القادم تكاد تكون عنصراً حرجاً لنجاح لرؤية السعودية 2030 حيث أصابني القلق عندما راجعت مبادراتها الاستراتيجية من ضمن برنامج التحول الوطني 2020 ولم أجد مبادرة واضحة تهتم بزيادة كفاءة وفعالية عملية التنفيذ سواء للقضايا أو لعقود المتعاقدين المتعلقة بالقطاع الخاص.

من المفترض على الوزارة ان تدرك بأن تكاليف المعاملات التجارية "Transaction Cost" أصبحت اليوم عالية الأهمية بسبب التحول الوطني الذي ينص على مشاركة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي القادم من ضمن رؤية السعودية 2030م.

في الوقت الحالي، ضعف إجراءات التنفيذ، لدى الوزارة، للمسائل التجارية يجعل من تكلفة المعاملات التجارية مرتفعة مما يتسبب في عزوف المستثمرين في القطاع الخاص عن القيام بأي استثمارات جديدة، ويهدد بخروج المتبقي من المستثمرين بعد توقف الصرف الحكومي عن طريق الميزانية العامة كما كان معتاداً خلال العقود الماضية.

على سبيل المثال، العلاقة التعاقدية بين المؤجر والمستأجر تعتبر عالية التكلفة لصعوبة تنفيذ شروط العقد بين الطرفين خاصة إن اتخذ طريق المحاكم، مع ان المفترض ان يقوم قسم الشرطة المحلي بتنفيذ بنود العقد على الطرفين الأساسية والمعتادة.

حالياً تمر عملية تنفيذ العقد بجلسات في المحكمة تتجاوز مدتها عدة أشهر، وحتى إن جاء وقت التنفيذ بعد وقت طويل من الممكن أن يجتهد القاضي لأسباب اجتماعية خاصة بالمستأجر ويعطل التنفيذ مع أن الأمور الاجتماعية تعتبر خارج نطاق عمله، فهي خاصة بوزارة الشؤون الاجتماعية.

وعلى صعيد آخر، مع وجود أنظمة تنفيذ متكاملة، نجد أن وزارة العدل تهتم بمسألة تحصيل الديون أكثر من تفعيل لوائح نظام التنفيذ، فتلجأ لتاخير تنفيذ التعاقدات التجارية سواء كانت متعلقة بديون تجارية أو غيره من المعاملات، مما يؤثر بشكل سلبي على سير ودورة العملية التجارية.

المفترض ان يقوم القضاة بتفعيل أنظمة التنفيذ المتعلقة بالإفلاس والحماية من الدائنين أيضا والاهتمام بها أكثر من الاهتمام باستعادة الديون، فزيادة عدد المؤسسات المتوسطة والصغيرة خلال الفترة القادمة سيزيد من عدد حالات الإفلاس وسيكون من الصعوبة على وزارة العدل التركيز فقط على تحصيل الديون.

فكما لاحظنا، تحدثت الوزارة مؤخراً عن استعادة 79 مليار ريال، ووجود 393 ألف طلب تنفيذ، بدون الإشارة إلى حالات إعلان الإفلاس للمدينين كما هو المفترض من تطبيق نظام التنفيذ.

الأهم من هذا كله هو أن مصير النمو الاقتصادي للسعودية في الفترة المقبلة يعتمد بشكل شبه مباشر على وزارة العدل، فحتى الآن لم ينشر من قبل وزارة العدل آلية التنفيذ على العقار والمتعلقة بنظام الرهن العقاري الذي أقر قبل عدة سنوات والمرتقب تطبيقه عملياً قبل نهاية السنة الحالية 2016م.

تأخر وزارة العدل في توفير آلية التنفيذ سيصيب قطاع الإسكان بالشلل حيث لن تتمكن وزارة الإسكان، وغيرها من شركات التمويل العقاري، من إصدار صكوك مسنودة بالرهون العقارية لتوفير التمويل اللازم والضروري لحل مسألة السكن، المتفاقمة، عن طريق المشاركة مع القطاع الخاص.

فحالياً تكلفة المعاملات العالية ستكون عائقاً أمام المستثمرين المحليين والأجانب حيث يطالب الكثير من المستثمرين بضمانات حكومية لعدم وجود ميكانيكية للتنفيذ محلياً كما هو موجود في بقية العالم.

أعتقد أنه من المهم جدا أن تدرك وزارة العدل دورها المهم والحيوي في عملية التحول الوطني فجميع الأطراف المعنيين سواء من القطاع الخاص المحلي والدولي ينتظر منها دورها الرئيسي في خفض تكلفة المعاملات التجارية وتسهيل الأعمال التجارية.

نقلا عن الرياض