ثبات الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة

19/05/2016 1
عيسى الحليان

على الرغم من أن النفط قد فقد ما يقارب من 70% من قيمته خلال عام، ورغم أن الريال السعودي قد حقق ارتفاعاً بنسبة 34% خلال الفترة من 2008 - 2016 وحقق تقدما مطردا أمام عملات 9 دول رئيسية، إلا أن تكاليف المعيشة في المملكة قد ارتفعت في فبراير بنسبة (4.2%) إذا ما قورنت بنفس الشهر من عام 2015 وشمل هذا الارتفاع كل السلع المستوردة وبنسب متفاوتة لتضرب هذه المفارقات بعرض الحائط كل المعادلات الاقتصادية المكونة لأسعار السلع وتكاليف المعيشة.

وهذه التكاليف معرضة للارتفاع بشكل أكبر عن الفترة الحالية والقادمة والتي لم تحضر تقاريرها وإحصائياتها بعد، وذلك بعد أن تنعكس عليها فواتير بعض المواد الأساسية الجديدة في البلاد كالوقود والكهرباء والمياه وغيرها.

أمام ذلك ليس ثمة ارتفاع مواز في الأجور يقابل أو يحد من آثار هذا الارتفاع المطرد لتكاليف المعيشة أو يلاحقه عن بعد، وذلك بعد أن تباعدت المسافة بين الاثنين خلال ثلاثة عقود إلى أن فقدت آلية ارتباط أحدهما بالآخر تقريبا وما زالت هذه الفجوة تزداد عاما بعد آخر.

والحقيقة أن هذه الإشكالية الكبرى التي تشكل درجة الرخاء الاقتصادي في أي بلد لم تكن لتشكل حيزا يذكر في أولويات الخطط العامة ولا اهتمامات المؤسسات الاقتصادية والمالية في البلاد ولم تكن حاضرة في ذهنية المخططين الاقتصاديين والماليين، لأن هذه الأجهزة والخطط كانت ببساطة مأخوذة بملاحقة البطالة فقط وبأي ثمن أو دخل كان ولم تنعكس أي إصلاحات اقتصادية على هذا الجانب طوال ثلاثة عقود إلا بالسالب وهذا الاختبار الحقيقي لتحقيق أي نجاح اقتصادي يذكر في مسألة مفارقة أو مقاربة الأجور مع التكاليف.

وإذا كانت الأجور لم ترفع بأكثر من 60% خلال ثلاثة عقود مقابل ارتفاع السلع الأساسية التي تشكل مفردات قياس المعيشة ونسبة تجاوزت 750% فكيف ستكون الحال عليه في السنوات القادمة ونحن مقبلون على تخفيض بعض أوجه الدعم تدريجيا وتطبيق ضريبة الدخل وزيادة عدد السكان وارتفاع أعداد طالبي العمل مع عدم تحقيق تقدم مواز في خلق هذه الفرص الوظيفية والاستثمارات الاقتصادية في البلاد.

نقلا عن عكاظ