لم أشاهد منذ بداية متابعتي لأسواق الصكوك العالمية ما أشاهده الآن. وبالتحديد علاوات الإصدار (Premium) المتزايدة التي تدفعها الجهات المصدرة للمستثمرين. وجاءت هذه العلاوة بسبب:
1) النقص الحاد للدولار بمنطقة الخليج (فعندما تنهار أسعار النفط، تقل الأموال الدولارية التي تُدخلها لنظامك المصرفي).
2) ارتفاع تكلفة أسعار الفائدة ساهم في ارتفاع تكلفة الاقتراض.
3) تخفيض بعض البنوك الأجنبية, التي توفر الدولار للبنوك الخليجية, خطوطها الائتمانية لتقليص المخاطر.
الالتزامات الدولارية
وأدى ذلك إلى ارتفاع التكلفة على البنوك والشركات ذات الأنشطة الأجنبية العاملة في المنطقة. فكما تعرفون تملك الحكومات الخليجية حصص ضخمة بمصارفها العاملة بالبلاد. وعليه فتخفيض التصنيفات الائتمانية لهذه الدول يعني أن تصنيفات البنوك التي تملكها ستنخفض.
وإذا انخفضت، فإن على البنوك الأجنبية، التي تمد بنوكنا الخليجية بالدولار، مراجعة حجم انكشافها على تلك البنوك (فخطوط المعاملات ما بين البنوك يتم خفضها لتقييم الملاءة المالية للبنوك المحلية) بعد فقدان درجات عالية من تصنيفك الائتماني الرئيسي. والبنوك الأجنبية تقوم بذلك من أجل معرفة ما إذا كان بمقدور هذه البنوك الوفاء بالتزاماتها الدولارية.
الودائع الدولارية
وحتى الآن فإن نقص الدولار في الخليج ليس بالخطورة التي كان عليها لبضعة أشهر أثناء الأزمة المالية العالمية في 2008م لكن المصرفيين يقولون إنه كبير وبخاصة للبنوك الصغيرة في المنطقة.
فالإصدارات التي شاهدناها في الأسابيع الأخيرة توضح أن خيار المناورة للحصول على التسعير الأرخص بات صعبا في ظل الأوضاع الحالية.
فالبنوك الخليجية باتت تجذب الودائع الدولارية بإعطاء المودعين عائدا أعلى من السابق. وهذا يعني أن هذه البنوك لن تقوم باستثمار هذه الودائع في حالة كان العائد على الصكوك الجديدة أقل من العائد الذي تدفعه للمودعين.
فضلا عن ذلك فمعظم المستثمرين الرئيسين هم البنوك المركزية الموزعة في عالمنا الإسلامي. ولكن أولوية تلك البنوك قد تغيرت الآن. فمهمتهم الرئيسة التأكد من وفرة العملة الأجنبية والدفاع عن عملاتهم المحلية أمام المضاربين.
وكل هذه العوامل تصور من يذهب لسوق الصكوك الآن أنه بحاجة ماسة للدولار، الأمر الذي يعني أن على هذا المصدر دفع علاوة إصدار ضخمة من أجل جذب المستثمرين.
وباستثناء أرامكو التي أتوقع لو كان لها تصنيف ائتماني أن تحصل على أعلى درجه فيه (وهي AAA) أي أعلى من تصنيف المملكة، فكافة الشركات السعودية ستواجه معضلة ارتفاع تكلفة الاقتراض الدولارية.
ومن دون شك فقد يؤثر ذلك على توزيعات الأرباح للمساهمين (لأن أولوية التوزيع تذهب لحملة الصكوك كما هو جاري مع إحدى الشركات العقارية المدرجة بتداول).
السندات المقومة بالريال أو الدولار؟
وهنا يتم طرح تساؤل: في ظل الظروف الحالية فما هي خيارات التمويل المتاحة والتي توفر خيارات تمويل أرخص من الدولار؟
أحد الحلول المتوفرة هي التوجه لإصدار الصكوك المقومة بالريال. فكلنا يعلم أن البنوك الإسلامية لدينا لم تشارك في شراء السندات السيادية.
الأمر الذي يعني أن الأموال القابلة للاستثمار هي عالية جدا. فليس هناك حاجة في السعي نحو عملة الدولار الصعبة إذا كانت مشاريعك ومدفوعاتك مقومة بالريال.
نقلا عن الجزيرة