اقف متأملا لبعض التعليقات التي تزخر بها وسائل التواصل الاجتماعي التي عادة ما تنتشر بين الناس إما بسبب شهرة مطلقي تلك التعليقات أو بسبب ما تحمله تلك التعليقات من "نكتة" يتناقلها البعض من باب التسلية.
إحدى تلك التعليقات انتشرت بعيد إقرار سعودة محلات بيع وصيانة أجهزة الاتصالات. يقول صاحبها: "... دائما السعودي بديل البنغاليين.
الظاهر مافيه أمل نصير بدل اللبنانيين!!" وبما أني نقلت التعليق كما هو فالبتالي أجد من اللازم توضيح بعض النقاط المهمة.
أولا ليس الموضوع تقليل من قيمة أحد وإنما يتبادر للذهن أن العامل الاسيوي عادة ما يرتبط بمهن شاقة تتطلب العمل لساعات طويلة وبأجر زهيد نسبيا مقارنة ببقية المهن بينما وظيفة "اللبناني" فعادة تتسم "بالبرستيج" التي يتقاضى صاحبها أجرا مرتفعا.
ثانيا: مقصدي من نقل تلك التغريدة هي محاول نقاشها و ايجاد إجابة مناسبة عن متى يكون السعودي بديلا مؤهلا للموظف مرتفع الأجر!
أولا على المستوى الفردي يجب أن نتأمل كيف أن اللبناني إبن ذلك البلد الصغير الذي لا يملك ثروة نفطية ولا يحظي حتى بالاستقرار السياسي و الأمني الذي يعتبر الاساس للتنمية الاقتصادية ولم يحظ أبناءة بنفس القدر من الدعم والرعاية من حكومة بلدة كما يحظى ابن الخليج تجد اللبناني أستطاع رغم تلك الظروف أن يكون ناجحا على المستوى المهني وقادرا على الحصول على دخل ممتاز نسبيا.
قد أجزم أن السر في الحرص على التعليم والاصرار على تطوير الذات.
اللبناني بشكل عام متعلم ومتحدث لبق و صاحب قدرة على بناء شبكة علاقات ممتازة وحريص على تطوير قدراته ومهاراته وقبل ذلك كله اللبناني إنسان طموح يتجاوز طموحة حدود وإمكانيات بلده الصغير.
السؤال هل ينقصنا من تلك الصفات شيئ. المبتعثين السعوديين انتشرو من شرق الارض الى غربها من نيوزلندا مرورا باستراليا وأوربا وحتى كندا وأمريكا. وإن تكلمنا على الرغبة في تطوير الذات واكتساب المهارات أجد جيلا جديدا مبدعا وطموحا.
نحتاج فقط أن تنتشر عدوى النجاح والرغبة في تطوير المهارات والقدرات بين الشباب وأن تفتح القنوات لتحويل أفكار الشباب وطموحاتهم الى مشاريع حقيقية تعود بالنفع على الشباب أنفسهم وعلى المجتمع بشكل عام.
ثانيا على المستوى العام نجد أن اقتصادنا خلق الملايين من فرص عمل لوافدين من خارج المملكة وكم أتمنى لو كان هذه الملايين وفدت الينا من دول كوريا الجنوبية واليابان وأروبا وأمريكا الشمالية وبالطبع من لبنان عندها ستكون مهمة إحلال السعوديين محل الوافديين عملا سهلا.
لكن للاسف فمعظم انشطتنا الاقتصادية التي تخلق فرص العمل متعطشة للعرق الرخيص وتعتمد على الأيدي العاملة المستوردة من دول فقيرة.
عمالة تعمل كثيرا مقابل القليل وبالتالى فتوطين الوظائف واحلال السعودي محل الوافد مهمة صعبة.
من السهل إقناع شاب بالجد والاجتهاد ليكون بديلا لوافد يتقاضى ضعف ما يتقاضاه السعودي و من المجدي اقتصاديا أن تسعى المنشأة لتطوير المواطن ليكون بديلا مؤهلا يحل محل الوافد الأكثر كلفة، والعكس صعب التحقيق بمعنى أن المهمة تكون صعبة عندما تطلب من شاب أن يتدرب ويتعلم ليحل محل من هو أقل منه أجرا فضلا عن عدم رغبة المنشئات باستبدال عمالتها الرخيصة بأخرى أكثر كلفة حتى وان كانت من أبناء البلد.
قد يقول قائل إذا فلتفرض الدولة ضرائب ورسوم إضافية ترفع من كلفة العامل الأجنبي وبالتالي يصبح السعودي أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية مقارنة بالعمالة المستوردة. الحل قد يبدو منطقيا لكن لا يخلو من سلبيات وقد تطغى أحيانا سلبياته على إيجابياته اذا لم يتم تطبيق مثل التوجهات بحذر وانتقائية.
يكفي أن نعلم أن العلاقة بين مستوى الضرائب ونسب النمو علاقة عكسية اي اذا اردنا تحفيز الاقتصاد وزيادة نسب النمو وخلق فرص عمل أكثر فعلينا تخفيض الضرائب والرسوم لا زيادتها.
إن مستوى الأجور في القطاع الحكومي يعتبر المعيار العام لقياس مستوى الأجور في أي بلد. وبما أننا دولة نفطية غنية وعدد السكان فيها منخفض نسبيا مقارنة ببقية الدول فمستوى الأجور بالوظائف الحكومية يعتبر مرتفع. وبما أن الوظيفة الحكومية أكثر أمانا واستقرارا من الوظيفة في القطاع الخاص فمن المنطقي أن يحصل موظف القطاع الخاص على أجر أعلى من وظيفة مماثلة في القطاع الحكومي بافتراض تساوي الخبرات والمؤهلات وعدد ساعات العمل.
فرق الاجر لصالح وظيفة القطاع الخاص يعتبر تعويضا منطقيا للأمان والاستقرار الوظيفي الذي تتميز به الوظيفة الحكومية.
إذا استوعبنا هذا المبدأ واقتنعنا به نستطيع تقسيم القطاعات الاقتصادية الى قسمين رئيسين: الأول قطاعات إقتصادية تخلق فرص عمل بمستوى أجور أعلى من مستوى الأجور في القطاع الحكومي مثل صناعة النفط والغاز وصناعة البتروكيماوت والاتصالات والقطاع المالي والمصرفي. القسم الثاني قطاعات إقتصادية تخلق فرص عمل بمستوى أجور أدني من مستوى الأجور في القطاع الحكومي وأوضح مثال عليها قطاع المقاولات والانشاءات.
لنقارن بين مستوى الأجور بين قطاعي البتروكيماويات مثلا وقطاع الأعمال المدنية (مقاولات) قد لا نستغرب أن يكون أجر رجل الأمن بمجمع للبتروكيماويات مساويا إن لم يكن أكثر من أجر مهندس مدني حديث التخرج بشركة مقاولات بالتالي استبدال هذا المهندس الوافد بمواطن قد يكون صعبا من الناحية الاقتصادية هذا وإن حصل (أي قبل المهندس السعودي بالعمل بشركة أعمال مدنية) فالوظيفة تعتبر مؤقتة الى أن يحصل على فرصة وظيفية بمكان اخر أعلى أجرا وأكثر استقرارا والمحصلة خسارة إقتصادية لتلك المنشأة التي ستعاني من عدم استقرار هيكلها الوظيفي ومن عدم حصولها على عائد على استثمارها في تدريب شباب حديثي التخرج.
إذا يكمن الحل في تنمية وتطوير ودعم النوع الأول من الأنشطة الاقتصادية إضافة الى الاستغناء عن بعض الأنشطة من النوع الثاني "غير الضرورية" التي لا تحقق أي ميزة تنافسية للاقتصاد السعودي ولا تخلق فرص عمل لأبنائه وربما لو تم رفع الدعم عنها وتشددت الدولة أكثر في برامج السعودة لفقدت جدواها الاقتصادية وأغلقت أبوابها. هنا أشدد على موضوع "غير الضرورية" إذ أن اعتماد استراتيجية موحدة للتعامل مع كافة القطاعات من النوع الثاني قد تؤثر سلبا على الاقتصاد.
يمكن مثلا استيراد بعض منتجات الصناعات التحويلية التي لا نملك فيها أي ميزة تنافسية بدلا من تصنيعها محليا لكن من غير المجدي الضغط أكثر على بعض الأنشطة الخدمية المساندة والتي لا يمكن استيرادها لأن ذلك سينعكس سلبا على النوع الأول من النشاطات الاقتصادية وبالتالي على الاقتصاد بشكل عام.
لنكن واقعيين بعض القطاعات الحيوية كالمقاولات لا تستهوي شبابنا، هذا القطاع بحاجة للعمالة الرخيصة ورفع كلفة العمالة سيؤدي الى ارتفاع أسعار كثير من الخدمات والتكاليف على المواطن البسيط وكذلك على خزينة الدولة.
كما أن هذا القطاع يتميز بالمرونة أي بمجرد انحسار الطلب وقلة المشاريع يقوم تلقائيا بخفض عدد عمالته والاستغناء عن عدد كبير منها. بالمقابل قطاع التجزئة على سبيل المثال يعتبر منجم ذهب خصوصا للشباب الطموح الذي يرغب بالعمل الحر، قد يكون من المجدي إقتصاديا السعي لإحلال المواطن ودعمة ليحل محل العمالة الوافدة.
إن حلم تصنيع كل شيء وإحلال العمالة الوطنية في كل القطاعات حلم غير واقعي فمن الأجدى والأجدر أن نركز على أهدافنا الرئيسية التي تتمثل في رفع مستوى دخل الفرد وخفض نسب البطالة وبناء اقتصاد قوي تتنوع أنشطته بعيدا عن القطاعات "الطفيلية" التي تشكل عبئا على الدولة وتعتمد بشكل أساسي على برامج الدعم المكلفة.
العمود الفقري لأي اقتصاد حقيقي يعتمد على سواعد أبناءه ولا بأس إن استوردنا خبرات تنقصنا وتنتقل مع الوقت لأبناء البلد ولن يعيبنا إذا استوردنا عمالة رخيصة للعب أدوار هامشية بعيدا عن القطاعات المنتجة. نحتاج الى الاستغلال الأمثل لمواردنا المالية والطبيعية من خلال التركيز على تنمية الصناعات التي تتناسب مع ميزات (وعيوب) الفرد السعودي.
الدول الغنية التي يرتفع فيها دخل الفرد تركز على الاقتصاد المعرفي والصناعات ذات التركيز الرأسمالي (capital intensive) وتحاول الابتعاد عن القطاعات التي تستهلك عمالة أكثر ورأس مال أقل لأن ذلك سيؤدي بنهاية المطاف الى اختلالات هيكلية بالاقتصاد وخلق نسب بطالة "هيكلية" مرتفعة بين السكان الأصليين وحاجة ماسة لأيدي عاملة مستوردة رخيصة.
البطالة الهيكلية كما يعرفها علماء الاقتصاد هي حالة التي عدم التوافق بين فرص العمل المتاحة (من ناحية نوعية العمل ومستوى الأجر) وبين مؤهلات ورغبات ومستوى الأجر المطلوب للعمال المتعطلين الراغبين في العمل والباحثين عنه.
محور اخر مهم يتعلق بقضية توطين الوظائف هو كيف نقيس السعودة في القطاع الخاص؟ الجواب ببساطة بقسمة عدد السعوديين على إجمالي عدد العمالة بالمنشأة. ربما تكون هذه العملية الحسابية البسيطة أحد أسباب البطالة لأنها ببساطة تعتبر السعودي مجرد رقم لأن وجودة كعدمه وما ينفق عليه ربما قد يعتبر رسوما أو ضرائب إضافية تتحملها كثير من المؤسسات والشركات.
استمرارية الموظف السعودي لفترة طويلة لا يهم كثيرا من المنشئات في القطاع الخاص فهو لا يقوم بأدوار حيوية تتعلق بأنشطة المنشأة الرئيسية فضلا عن الرغبة في إسناد مناصب قيادية إليه.
قد يقول قائل إن أنظمة العمل قد حددت مهنا ومناصب لا يشغرها الا المواطنين وتقوم بجولات تفتيشية للتحقق من ذلك. الأكيد أن كثير من المنشئات لديها من الحيل والألاعيب ما يكفي لتلتف بها حول القوانين.
أقترح أن يضاف لمؤشر السعودة الرقمي مؤشر اخر وزني ليكون معيارا ومؤشرا على جودة برامج السعودة بمنشئات القطاع الخاص ومعيار استرشاداي يخدم صانع القرار في تحديد الأنشطة الاقتصادية التي يمكن من خلالها تحقيق نسب توطين حقيقية ومستدامة.
لنأخذ مثالا نشرح من خلاله الفرق بين المؤشر الرقمي والمؤشر الوزني، لنفترض أن لدى شركة الفا 100 موظف 20 منهم سعوديين ولدى شركة بيتا 100 موظف 40 منهم سعوديين. نسبة السعودة لشركة ألفا 20% و40% لشركة بيتا وهذا ما نسميه السعودة الرقمية.
نأتي الان لحساب السعودة الوزنية أو السعودة الحقيقية التي تتطلب أن نأخذ في الحسبان عناصر أخرى لاتمام العملية الحسابية كالأجر السنوي ومدة العمل بالمنشأة. لنفترض من باب تبسيط العملية الحسابية أن راتب السعودي السنوي في شركة ألفا 200 الف ريال ويعمل بها منذ 10 سنوات بينما الراتب السنوي للوافد 100 الف ريال ويعمل بها منذ 5 سنوات.
بالمقابل يتقاضى السعودي بشركة بيتا 100 الف ريال سنويا ويعمل بها منذ سنتين و يتقاضى الوافد 80 الف ريال سنويا ويعمل بها منذ 15 عاما.
الان نبدأ بحساب السعودة الوزنية والتي هي عبارة عن نقاط السعوديين مقسومة على نقاط جميع العاملين بالمنشأة ويمكن حساب نقاط السعودي بضرب الأجر السنوي بعدد سنوات الخدمة (مليوني نقطة للسعودي بشركة الفا مقارنة بمائتي الف نقطة للسعودي بشركة بيتا) ونفس العملية تكرر لحساب نقاط الوافدين ( 500 الف نقطة للوافد بشركة الفا مقارنة بمليون ومائتي الف نقطة للوافد بشركة بيتا) بالمحصلة نسبة السعودة الوزنية بشركة الفا 50% (20% سعودة رقمية) ونسبة السعودة الوزنية بشركة بيتا 10% (40% سعودة رقمية).
هنا يظهر الفرق جليا بين الكم والكيف فشركة الفا توظف سعوديين اقل لكنها اكثر قدرة على الاحتفاظ بهم فترة أطول ومنحهم أجورا أعلى مقارنة بشركة بيتا. إضافة الى ذلك فشركة ألفا تدفع اجورا اعلى للموظف السعودي مقارنة بزميله الوافد وتحتفظ به فترة أطول.
إن تحقيق نسب سعودة وزنية مرتفعة يتطلب الاحتفاظ بالسعودي فترة أطول او الوافد فترة اقل واحلال السعوديين في المهن و الوظائف الأعلى أجرا وكل هذه العناصر منفردة او مجتمعة تحقق أهداف السعودة الحقيقة. يجب أن يتحول الموظف السعودي بمنشئات القطاع الخاص من مجرد رقم يكتمل به نصاب السعودة الى عنصر انتاج رئيسي.
كما يجب أن تتضمن دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الجديدة جزاءا هاما عن إمكانية خلق فرص عمل مستدامة للمواطنين وأن تكون برامج الدعم الحكومية مشروطة بقدرة المشاريع الجديدة على استيعاب أبناء البلد. إن مشكلة البطالة الهيكلية التي نعاني منها تحتاج حلولا جذرية طويلة الأجل حتى وإن لم تؤتي ثمارها على المدى القصير.
الحلول السريعة أشبه بالمسكنات لا تحل جذور المشكلة وقد عانينا عقودا من البطالة الهيكلية ولا بأس أن نصبر قليلا مقابل أن نقطف ثمار جهودنا بنهاية المطاف.
أستاذ علي بدايه شكرا لهذا المقال الجريء بمناقشة اشياء البعض يتجنب طرحها , السعودي سيعمل في اي مهنه بعد ان يشعر بالمساواة والمحاسبه على الجميع وللجميع , اللباني اشتغل بأعمال شاقه سابقا ( هل تعلم بأن بعض السعودين استقدموا لبنانيين ايام الطرفه الاولى ( اول الثمانينيات) للعمل بشركات مقاولات وانشاء ( مبلطين ومليصين ونجارين وحدادين)
قلم جيد نتمنى ان يستمر
النكتة التي يستهون بها البعض وسيلة سريعة لغسيل الدماغ لا تنشروا أي نكتة تحط من قدر شبابنا هذا يعني أنّا نُروج عن أنفسنا ما يُسقط هيبتنا مستقبلا تماما مثل الاستعمار الانجليزي لمصر لما علمو أنّ الصعايدة أصحاب نخوة وثبات أرادوا كسرهم وبثوا نكت تسخر من غباءهم وليس ضعفهم حتى رسّخوا فيهم وفي أجيالهم بدليل الآن حينما يذكر لك صعيدي يتبادر إلى ذهنك شخصية غبية وسطحية .
اجل من جاب الحوطي ، عند أهل نجد والزهراني عند أهل الباحه ، وكذلك الشمالي وغيرهم من الجنوب . لعلمك كل الاوطان في عامة أهل الارض لديهم مثل هذه النكت . مثلا جنوب بريطانيا يعيرون أهل الشمال بالبخل وفي أمريكا كل ولاية تُعيِّرُ الاخرى . هذه أمثلة والتهزئة خصلة في المجتمعات عامه للتسلية ..
النكته ( الطقطقه) في مجتمعنا السعودي تجسيد لواقع مرير ووسيلة للتعبير بما في الباطن. شفافية عاليه من قلم ابدع في الوصف ولامس الجرح.
اخي الفاضل استاذ علي تحياتي لك وشكرا لك هذا المقال
نعم السعودي مجرد رقم هذا ما يظهر لي من متابعتي لقناة العربيه ، فبعد مضي ١٣ سنه منذ إنشاءها لم تقدم لنا قناة العربيه مذيع اقتصادي سعودي ، وتكاد تكون حصريه على اللبنانيين وبخاصه النساء . هذا غيض من فيض، بالمناسبه هل سبق وان شاهد اي متابع ظهور لمذيع اقتصادي سعودي او حتى خليجي ؟
المذيع لا يلزمه ان يكون مختص فيما يذيع ، لانه يقراء او يحفظ الخبر ويتلوه بالصوت الواضح وإجادة مخرجات الكلمات . المختصون هم المحللون للخبر او اي مجال ينتسبون اليه ..
اخي الفاضل استاذ علي اريد ان ابدء بالتشبيه لكي نبسط الصورة اكثر...عندما ترى المناهج التعليمية في العالم المتقدم ستجد منذ ان يدخل الطفل المدرسة يرى الغلاف وفيه رسمة طائرة او مصنع او صاروخ يتجه للفضاء او طبيب فترسخ في ذهنه مستوى فكري معين واهداف عالية جدا عندها ستجد هذه الثمرة تصل لما تطمح اليه بكل سهولة ولن ينزل بمستواه الفكري الى الأدنى؟؟!! بينما مناهجنا التعليمية منذ الوهلة الأولى للطفل يرى الغلاف اما زراعة او بعارين او كرة قدم او اسوء من ذلك لا اريد ذكرها؟؟!! فما الذي تتوقعه من هذا الطفل؟ هل تتوقع ان تراه يفكر بالمستوى الذي تصبو اليه وتتمناه ام انك ستواجه صعوبات حتى في تربيته فضلا عن تنمية فكره وثقافته؟؟!! اذا لربط موضوعك مع ماتم شحنه في ذهن الناس هو ناتج من التركيز على سعودة محلات الخضار والبياعين في المحلات وسعودة البقالات وسواقين التاكسي وطباخين في المطاعم وجراسنة وكاشير وسكيوريتي وغيرها من الاعمال المتدنية ولا اقصد هنا انها ليست مهمة او عيب العمل بها بل هي من الاعمال الشريفة وربما تكون ذات عائد جيد للفرد!! ولكن ما اقصده هو ان كثيرا مانسمع عن برامج السعودة والتوطين سواء في القنوات الاعلامية او حديث مكتب العمل وخطواتها تركز بشكل كبير على هذه الوظائف وبشكل ممنهج حتى وصلت بالناس الى الحديث بهذا المستوى من الوظائف لا اراديا عوضا عن الحديث بالمستويات الوظيفية الأعلى وهذا ما ادى من الناحية النفسية الشعور لدى الكثير ان السعودي هو بديل البنجالي عوضا عن اللبناني؟؟!! نحتاج الى خلق اجواء تفائلية اكثر من خلال توظيف السعوديين كلا على حسب شهادته وامكانياته...اي بمعنى اخر يجب وضع برامج متكاملة يدخل فيها جميع المستويات الوظيفية التي يقوم بها اللبناني والغربي وتجنب الحديث بشكل مركز على الوظائف او الاعمال التي يقوم بها البنجالي او الاسيوي؟؟؟؟!!!! فالمساءلة ليست النظرة المادية فقط او احلال وهمي لسد الفراغات كرقم فقط ولكن هي تتعلق بكيفية بناء الفكر والمجتمع بشكل متزن او ستنتج جيل اجوف لايفكر الا بالمستوى الذي بنيته له؟؟؟؟!!!! ان اصبت فمن الله وان اخطاءت فمن نفسي والشيطان
التعليم المعتمد على تطوير الفكر بالمستجدات وإشراك الطالب في المناقشة الهادئة الهادفة لتطوير مستواه التعليمي بتقبل المعلومة بارتياح ، تجعله يتقبل الدراسة وتستهويهم . من هنا يأتي الدور الفعّال في النشئ . يلي ذلك الأسره بتشجيع الناشئ في مواصلة موهبة يلاحظها الأبوان . اما ما يفسد تعليم وآداب حسن الخلق والصدق في المعاملة ، حين يرى نقيض ما يتعلمه من اداب في سلوك والديه ، ينهى عن الكذب وهم يكذبون عليه ، ينهى عن ارتكاب اخطاء وهم يفعلونها . لن يفيد التعليم ولا نصائح محبيه وهم على نقيض اقوالهم . تربية البيت هي الجزء الاول يكمله التعليم كما ورد في اول السطور . ما اصاب المجتمع من خلل نابع من تصرفاته . النبع الزلال صافيا مستساغ شربه ، والنبع ذي الرائحة الكريهة تشمئز منه النفوس ..
العمالة الرخيصة التي يسخر منها كثير من أبناء الخليج هي التي بنت هذه الدول الخليجية. فهذه العمالة الرخيصة هي التي رصفت شوارعنا وربطت بين مدننا وقرانا ، وهذه العمالة الرخيصة هي التي بنت مدارسنا ومستشفياتنا تحت أشعة الشمس الحارقة ودرجات الحرارة الملتهبة وشيدت لنا منازلنا التي ننعم بالعيش فيها ، وهذه العمالة الرخيصة هي التي تقوم بتنظيف بيوتنا ومدننا حتى لا تنتشر الأمراض بيننا. باختصار ، لولا هذه العمالة الرخيصة لما عشنا في هذا الترف والنعيم.