دور الهند في تغيير قواعد لعبة أسواق البترول

10/04/2016 4
د. أنور أبو العلا

 "الهند أول دولة آسيوية تستورد الغاز الصخري من أميركا".

لقد شد نظري هذا العنوان المثير للانتباه الذي نشرته مجلة World Oil بتاريخ أبريل/ 1/ 2016 وكي أتأكد بأن الخبر ليس كذبة أوّل أبريل قرأته – على غير عادتي – بالكامل ثم بدأت أبحث عن الخبر في الاماكن الأخرى فوجدته منتشرا بتفاصيل أكثر في عدة مصادر موثوقة منها Bloomberg والغارديان والفايننشال تايمز.

فتأكدت ليس فقط من صحة الخبر بل عرفت أيضا أن الهند ليست هي فقط اول دولة آسيوية تستورد الغاز الصخري من أميركا بل هي أيضا ثاني دولة – بعد البرازيل – في العالم.

وسائل الاعلام الأميركية كبّرت وهلّلت بأن صفقة الهند هي البداية لفتح الباب على المصراعين أمام تصدير الغاز المسال LNG الأميركي الى أكبر سوق (دول آسيا) في العالم تستورد الطاقة.  

يقول الخبر إن الهند ستشتري سنويا 3.5 ملايين طن من الغاز من مصنع Sabine pass اضافة الى انها ستشتري 2.3 مليون طن من شركات أخرى. حيث تنوي الهند (وفقا لتصريح وزير الطاقة الهندي) ان تستورد سنويا 6 ملايين طن من الغاز الأميركي لمدة عشرين سنة تبدأ عام 2018.

لقد تم شراء صفقة الهند الاولى من السوق الفوري بسعر أعلى قليلا من السعر الذي كانت دول شمال شرق آسيا تشتري به الغاز من السوق الفوري وكانت الصفقة غير معلنة ومفاجئة ما جعل المحللين يعتقدون في البداية بأن الشحنة كانت متجهة الى البرازيل أو الكويت وليس الى الهند.

ووفقا لتقرير EIA انتقلت الهند – متخطية كوريا – من خامس الى رابع أكبر دولة في العالم بعد كل من الصين وأميركا وروسيا في استهلاك الطاقة عام 2001. 

لقد أدى نمو اقتصاد الهند بمعدل 7 % في السنة منذ عام 2000 الى تزايد احتياجها للطاقة وبالتالي تزايد اعتمادها على استيرادها من الخارج.

في تصوري أن الهند من الممكن ان تلعب دورا لا يقل عن دور الصين إذا كان لعدد السكان (ولا شك أن له) دور في نمو الطلب على الطاقة، وما يهمنا نحن هو الطلب على البترول فستدخل السيارات بيوت العديد من العائلات الهندية التي لم تكن تعرفها من قبل ورغم انه صحيح قد تكون سيارات الهنود اقتصادية لا تستهلك البنزين بقدر ما تستهلكه سيارات العوائل الاميركية لكن الكثرة تغلب الشجاعة.

وحتى في حالة رواج السيارات الكهربائية والهجين (hybrid) من المتوقع كما أعتقد ان يفضل الهنود السيارات ذات الاحتراق الداخلي (تستخدم البنزين) لرخصها بالنسبة للأخرى.

لكن يبدو أن الطريق الى غزو سوق البترول الهندي لن يكون ممهدا بالحرير ليس فقط لأن الحكومة الهندية قد تتخذ سياسة تفاوضية بشروط تفضيلية لصالحها بل أيضا وهو الأهم قد يؤدي التنافس بين الدول المصدرة الى تقديم تنازلات من المصدرين للبترول سواء بين دول الخليج أو غير الخليج.

لكن حتما لن يكون للبترول الأميركي دور في منافسة البترول الخليجي في السوق الهندي كما هو بالنسبة للغاز الأميركي (الذي قد تتضرر منه شقيقتنا قطر) لعدم قدرة البترول الأميركي منافسة بترول منطقة الخليج لارتفاع تكاليف استخراجه ونقله الى الهند الى جانب أنه لا يوجد فائض بترول كبير لدى أميركا تصدره للخارج.

لإعطاء فكرة سريعة عن سياسة الهند الحذرة بعدم اعتمادها على مصدر واحد لإمدادها بالبترول بل تنويع مصادرها من دول مختلفة في مناطق مختلفة كما يتضح من توزيع وارداتها عام 2013 كالتالي: 20 % من المملكة، 14 % من العراق، 12 % من فنزويلا، 8 % من نيجيريا، 6% من إيران، 22 % من بقية دول الشرق الأوسط الأخرى، 18 % من كل حدب وصوب.

نقلا عن الرياض