دلالات وخفايا تقرير الوظائف الأمريكي

05/04/2016 0
محمد عبد الله العريان

قبل فترة قصيرة كانت الوظائف الجديدة في الأشهر السابقة للإعلان عنها أهم مسألة من المعلومات المستقاة من حزمة تقارير الوظائف التي يصدرها مكتب الإحصاءات الأمريكي أول يوم جمعة من كل شهر.

ومؤخراً بدأ التركيز الأكبر في التحوّل إلى معدلات نمو الأجور، بعد أن أصبح من المقاييس الرئيسية التي تظهر حجم النمو الذي تشهده معدلات الوظائف.

أما الآن فقد أصبح هنالك مقياسان يعكسان هذه المعدلات بشكل أوضح فيما يتعلق بمدى مشاركة القوى العاملة في المعدلات الوسطية لإجمالي حجم العمالة، وهما مساهمة العمالة في الاقتصاد الوطني ومعدلات التوظيف.

وبعد أن بدأت أهمية هذين المقياسين في الظهور والتنامي على مدى العقود القليلة الماضية في سوق العمل الأمريكي، فقد اتخذت منحى تنازلياً خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية التي بدأت في العام 2008، وظلت بعدها في مستويات هي الأدنى منذ عقود طويلة.

وبلغ معدل مشاركة القوى العاملة المدنية مستويات تاريخية من الانخفاض عند 62.4 % في سبتمبر الماضي، أي أدنى مستوى له منذ بداية الأزمة المالية العالمية، مقارنة بـ 66.2 % بداية العام 2008.

وأظهرت آخر البيانات الصادرة والخاصة بالوظائف الأمريكية لشهر فبراير أنه انخفض إلى 62.9%.

وفي غضون ذلك انخفض معدل العمالة لمن هم أكبر من 16 عاما من 62.9 بداية العام 2008 إلى مستوى تاريخي عند 58.2% في يناير من العام 2011.

وعلى الرغم من ذلك فقد شهدت تلك المعدلات انتعاشاً طفيفاً بأن حققت 59.8% خلال فبراير من العام الجاري، وهي المستويات التي تعتبر أقل من التي يجب أن تكون عليها.

ولقيت آراء الخبراء الاقتصاديين تبايناً ملحوظاً في الأسباب التي أدت إلى هذه التوجهات المترددة صعوداً وهبوطاً، حيث عزا البعض هذه التقلبات إلى العوامل الديموغرافية والآثار السالبة للتكنولوجيا الحديثة، بينما يرى البعض الآخر أن الأسباب تتمثل في معدلات الطلب المتقلبة، وهو العامل الذي يلعب دوراً كبيراً على حد وصفهم.

ومن واقع الحال يتبين أن إيجاد طريقة تحليلية دقيقة للوضع القائم لم يعد سهلا، ونتيجة لذلك، فإن البيانات الخاصة بالوظائف ستظل في حد ذاتها حساسة جدا إذا ما اكتسبت أي من طرق تحليلها زخماً جديداً.

وتتخطى التعقيدات التي تخلفها طريقة تحليل بيانات الوظائف الأمريكية قدرة المحللين الاقتصاديين في الوقت الراهن على الأقل، وبالتالي تنخفض درجة صحة ومصداقية التوقعات المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي إضافة إلى الأبعاد الاجتماعية والسياسية المرتبطة بهما.

كما أنها تعكس تحديات تقييم السياسات التي تواجه الاحتياطي الفيدرالي، وهي الظروف التي أجبرت البنك على تبني سياسات نقدية غير تقليدية لإنعاش الاقتصاد الأمريكي.

وإضافة إلى ذلك، فإن الأطراف المعنية بالسوق ستراقب الوضع عن كثب بالنظر إلى اعتمادها بدرجة كبيرة على البيانات الواردة من الاحتياطي الفيدرالي وتأثيرها البالغ في حجم عوائد الصناديق الاستثمارية وتقلباتها ومؤشرات أدائها.

وفي العالم المثالي، فإننا كنا سنتوقع صعوداً متوازياً لكل من مساهمة العمالة في الاقتصاد الوطني ومعدلات التوظيف.

هذا الأمر أدى إلى إضفاء مزيد من القوة على محركات الاقتصاد الوطني ورفع معدلات الازدهار والرفاهية، علاوة على أنه سيمكن الاحتياطي الفيدرالي من الاستمرار في دعم الاقتصاد الوطني على المدى القصير والسماح بمزيد من النمو الشامل، وتخفيض احتمالية حدوث مفاجأة في معدلات التضخم، علاوة على أنها ستسهل من مرونة السياسة النقدية، الأمر الذي سيعزز أسعار أسهم البورصة.

وبالطبع فإن هذه الأسئلة المطروحة ستتم الإجابة عنها فقط في تقرير الوظائف الأمريكي الذي صدر يوم الجمعة.

وستكون هنالك حاجة ملحة للمزيد من التحليلات الخاصة بالبيانات الصادرة، والتي من الممكن أن تسهم في إرسال إشارات تطمينية للأسواق.

نقلا عن الخليج