أول اختبار لـ"تجميد" انتاج النفط ..لم ينجح أحد بما فيهم السعودية

15/03/2016 6
خالد أبو شادي

هللت الأسواق لاتفاق تجميد الانتاج الذي سبقه تلميحاً من وزير الطاقة الاماراتي "سهيل بن محمد المزروعي" الشهر الماضي، وارتفع النفط بنسبة فاقت 40% خلال فترة قصيرة لم تتجاوز عدة أسابيع، وهذا قد يكون جيدا بعد معاناة من حدة الهبوط.

ومع أول اختبار للإتفاق اتضح أن أطرافه الرئيسية والأساسية (التركيز هنا على روسيا والسعودية من قبل المتابعين) لم تلتزم بشكل تام رغم ضآلة الكميات المضافة وهامشيتها خلال انتاج فبراير/شباط بالمقارنة مع يناير/كانون الثاني الذي يعد "نقطة الأساس" في القياس.

وأظهر تقرير "أوبك" الصادر أمس الإثنين نمو إنتاج السعودية بحوالي 14 ألف برميل إلى 10.14 مليون برميل يوميا الشهر الماضي، في حين نمأ انتاج روسيا بمقدار عشرة آلاف برميل عند مستوى قياسي جديد 11.08 مليون برميل (الاشكالية في هذا المستوى القياسي الجديد).

ورغم ضآلة الكميات المضافة بالمقارنة مع حجم الإنتاج وأكرر هامشيتها الشديدة إلا أن البعض تشاءم وأشار إلى أن ذلك كان سببا في هبوط الأسعار رغم تداخل عوامل منطقية في الأمر، منها "الاستراحة الإجبارية" لحركة السعر الملتهبة بعد تواصل الصعود.

مع وجود حواجز كان متوقعا في الأصل الوقوف عندها قبل بلوغها لا سيما 39-40 دولار أمام خام برنت، بجانب ترقب اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي "المركزي الأمريكي" ونتائجه على الأسواق كلها وليس النفط فقط.

ورغم التوقعات المتواترة بالإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير عند مستواها في ديسمبر/كانون الأول إلا أن ارتفاع الدولار خلال الجلستين السابقتين أثر سلبا على تحرك النفط، ومن ثم تراجعت الأسعار بالتزامن مع تقارير عن تأجيل اجتماع أوبك وكبار المنتجين من خارجها (الذي لا أرى فيه سوى روسيا حتى الآن).

وبالإجمال تراجع انتاج أوبك 175 ألف برميل الشهر الماضي بدعم واضح من هبوط ملحوظ في انتاج العراق  263 ألف برميل رغم اضافة ايران  188 ألف برميل إلى  31.32 مليون برميل يوميا.

وعلى الرغم من ايجابية الصورة العامة بتراجع إجمالي انتاج دول المنظمة المصدرة للنفط، إلا أن التركيز انصب على الزيادة الهامشية من السعودية وروسيا، فإعتبرته "سي ان ان" سببا مباشرا لهبوط الأسعار وتفاعلها السلبي.

وأتذكر تصريحا لنائب وزير الطاقة الروسي في النصف الثاني فبراير/شباط نوه فيه إلى نمو محتمل للإنتاج الروسي على أساس سنوي تحت مظلة اتفاق التجميد، وذلك لوجود نمو يومي منذ منتصف يناير/كانون الثاني بنسب تتراوح بين 1.7% إلى 1.9%، وهذا يعني اضافة ما يناهز 200 ألف برميل وليس عشرة آلاف، وهو لم  واعتقد لن يحدث.

ويمكن القياس على ذلك بالقول ان قطر وهي الطرف المنسق والحاضن لإتفاق "التجميد" رفعت الانتاج ولم تلتزم وأضافت ثلاثة آلف برميل، وكذلك فنزويلا أضافت ألفي برميل، وفي النهاية كم ستكون تلك النسبة بالنسبة لإجمالي حجم الإنتاج؟؟ لا شيء.

الأمر هنا لا يدخل في نطاق الدفاع أو الهجوم عن أو على أحد، لكن التعامل بمنطق التربص ونظرية المؤامرة التي كثيرا ما أتابعها في التقارير الغربية "تجعل الحليم حيرانا"، حيث يطالب بعض من نكن له احتراما وتقديرا عدم الزج بتلك الفرضية في أدبيات الحوار أو النقاش.

أليس الأولى أن يطالبوا هم -الغرب- بها أولا؟؟ وأتذكر هنا أنني ناقشت عبارة من تقرير لمحررة في مجلة "فوربس" قالت ان السعودية "سحقت المنافسة" مع النفط الصخري بضخ المزيد من النفط، مع الدكتور الفاضل أنور أبو العلا  كونه لا يفضل كلمة "تسييس الأمر" فقال لي: هذا سوء علم.

معظم التقارير السابقة عن الهبوط دائما تذكر أن السعودية تسعى لإخراج منتجو النفط الصخري من السوق، وهي "نكتة" سخيفة  كما ذكرت في مقال سابق، لأنهم أول من يضحك عليها، فلن يخرج أحد من السوق (لكن هذا لا يعني لصق كل شيء بنظرية المؤامرة التي تستهوى عواطف ومشاعر البعض).

وان كان "سوء العلم" يرتبط بشخص أو اثنين فمن السهل تقويمه، لكن عندما تراه متفشيا ومنتشرا فإنه يكون "سوء نية".