بدأت تتضح مؤخراً الخطوط العريضة في معالم الإستثمار الواعد، ورأس المال المغامر أصبح واثقاً من الدخول في مجال التكنولوجيا وتطوير التقنية وبالتحديد في مجال الواقع الإفتراضي والمعزز وشبكات الأنترنت فائقة السرعة وتطبيقات تقنية إنترنت الأشياء والتسوق الإلكتروني وتطوير الذكاء الاصطناعي وغيرها الكثير ، كل ذلك جاء بعد النجاحات المتعاقبة والأرباح الكبيرة من هذا المجال والتي أسست لأرضية صلبة شكك كثيرون في إستمراريتها وعوائدها الضخمة.
وبما أن التكنولوجيا أصبحت ضرورة حتمية لمواكبة أساليب العيش على هذا الكوكب وتفرعت بشكل شامل لتشمل كل جوانب الحياة وهي في نفس الوقت مستمرة بالتطور والتوسع اللانهائي، هنا تجدر الإشارة لمراقبة عمالقة وادي السيليكون والشركات الصينية التي تتسابق للتسلح بأقوى الإبتكارات لكي تظفر بأكبر قدر ممكن من العملاء وإحتكار التقنيات الجديدة لتحقق عوائد عجزت دول منتجة بأكملها من تحقيقها على مر العقود، فعلى سبيل المثال توقع بنك غولدمان ساكس ازدهار مجال أعمال الواقع الافتراضي ونمو السوق ليصل إلى 110 مليارات دولار بحلول العام 2020، إلى جانب تقنية الواقع المعزز التي تدمج الصور الرقمية مع العالم الحقيقي، وتابع البنك أن شركات رأس المال المغامر ضخت 3.5 مليار دولار في 225 استثمارا في مجال الواقع الافتراضي والمعزز خلال العامين الماضيين، وفي الجانب الأخر يبدو السباق بين شركات المعدات التقنية على أشده فقد خصصت شركة هواوي الصينية سنوياً من إجمالي إيراداتها لخدمة قسم الأبحاث والتطوير ما يزيد عن الـ 10%، وقد وصل المبلغ إلى 6.6 مليار دولار تقريباً في العام 2014 .
ومن الأمثلة الواقعية على مستقبل التكنولوجيا، الملياردير الأمريكي لاري إليسون الذي أسس مع صديقيه روبرت ماينر وإد أواتيز شركتهما الخاصة “أوركل” والتي حملت اسم “Software Development Laboratories” باستثمار قريب من 2000 دولار في عام 1977، والأن أوراكل شركة رائدة في إدارة البرمجيات وقواعد البيانات، ودخل لاري في صفقات استحواذ كبيرة ساهمت في رفع قيمة الشركة إلى 185 مليار دولار مع أكثر من 40000 ألف موظف، أما عائدات “آبل” بلغت حوالي 183 مليار دولار أمريكي في 2014 بعد أن تضاعف حجم الشركة إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في 2010، وقد كان يآمل مؤسس فيس بوك مارك زوكربيرغ عند إطلاق موقعة بجذب 400 مستخدم قبل 11 عام والأن يبلغ عدد مستخدميه أكثر من 1.5 مليار أنسان، وبلغت أصول الشركة أكثر من 40 مليار دولار،وحاول فيس بوك في السابق شراء تويتر في أواخر عام 2008 حيث قدموا عرضًا قيمته 100 مليون دولار نقدًا بالإضافة إلى 400 مليون دولار من قيمة فيس بوك السوقية في ذلك الوقت، والتي تساوي الآن حوالي 6 مليارات دولار.
ومؤخرًا طرح إيريك شميث المدير التنفيذي السابق لشركة جوجل ورئيسها الحالي أحدث كتبه “ العصر الرقمي الجديد ” The New Digital Age، وبعنوان فرعي: “إعادة تشكيل مستقبل الشعوب والأمم والأعمال”. حيث يطرح الكتاب تساؤلات مدهشة حول التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي سيشهدها العالم إذا ما وصل مستخدمو الإنترنت لـ 5 مليارات شخص.
وبالعودة للماضي القريب تمت صفقات إستحواذ بعشرات المليارات وجار العمل على أخرى متوقعة تؤكد الجدية التامة في الإستثمار بهذا المجال بعد أن خضعت لدراسات مكثفة أستشرفت ملامح مستقبل التكنولوجيا، وبشكل عام وبعيداً عن تحديد مجال تقني أو تكنولوجي بعينه فيبدو أن التكنولوجيا هي النفط الجديد وبنفس الوقت تبدو إيجابياتها مؤكدة وسلبياتها محتملة إلى حدٍ كبير، ولكن السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا أين نحن من هذه الثورة؟ وإذا أردنا أن نبقى مجتمعات تقتصر على الاستهلاك، ولا تساهم في خلق التكنولوجيا فلماذا لا نستثمر في هذا المجال على الأقل ونخفف من إعتمادنا على البترول؟
نحن الأن في سباق تسلح في وادي اخر اسمه وادي كيكة اللوتس ان كانك سمعت فيه!