جيل العالم جيل «كل شيء ممكن»، لا يريد الخليجي اليوم أن يكون في آخر القائمة، هكذا افتتحت الدكتورة فاطمة البلوشي وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة في مملكة البحرين كلمتها في منتدى الخليج الاقتصادي الذي حضرته في الدوحة على مدار يومين 25 و26 أكتوبر 2015.
تحدثت الفارسة النبيلة كما تصفها الصحافة – فقد قلّدها جلالة الملك حمد بن عيسى وسام البحرين من الدرجة الأولى حيث أدارت ثلاثة حقائب وزارية في آن واحد خلال أزمة البحرين (2011-2012) – عن منصة لخلجنة الوظائف تشبه إلى حد كبير ما يعرف بتطبيق LinkedIn وهو منصة مهنية رقمية حلت محل السيرة الذاتية التي لم يعد العالم يطلبها اليوم فمؤهلاتك وخبرتك وتقييمك المهني جميعها في هذه المنصة متاحة لشركات التوظيف ولما يسمى بقناصي العقول Head Hunter.
هناك اليوم في دول الخليج برامج متعددة لتوطين الوظائف لا يجمعها إطار واحد ؛ لتأتي هذه الفكرة العملية التي طرحتها الدكتورة فاطمة لتقترح نقلة نوعية جديدة بتقديمها حلولا خارج القالب التقليدي لجيل بحاجة اليوم لمنح مواهبه ومهاراته هوية جديدة Talent Branding على حد قولها.
يشتكي القطاع الخاص الخليجي اليوم من عدم وجود الشباب الخليجي المؤهل المناسب لمتطلبات سوق العمل حيث أظهرت الدراسات أن 63% من طلبة الجامعات يحصلون على شهادات ليس لها علاقة بسوق العمل، و5% من الطلبة فقط لديهم معلومات كافية عن فرص العمل.
إن منصة الخلجنة الرقمية المقترحة ستوفر قاعدة بيانات مهنية للقوى العاملة الخليجية لسد الفجوة بين الباحثين عن عمل وفرص العمل المتاحة خليجيا حيث تعتمد هذه المنصة على الاستفادة من البيانات الضخمة Big Data.
وإنني أرى أنها فكرة ذكية جدا. أتمنى أن تكتمل المنصة لو أنها أيضا ربطت مراكز القبول الجامعي بين دول الخليجي لإتاحة الفرصة لملء الكراسي الدراسية الشاغرة بشكل أكثر تنظيما.
كما أنني أقترح لرفع مستوى كفاءة الخليجي وخلق ثقافة العمل أن توفر المنصة التدريب المهني Vocational Training للخريجين الخليجيين الباحثين عن عمل وكذلك توفير التدريب لطلبة الجامعة Internship على أن تتبنى الشركات الخليجية المتميزين منهم خلقا لروح المنافسة.
نعم المنصة حل رقمي ولكن سيسهم في خلق ثقافة جديدة نحو تكامل اقتصادي بين دول الخليج على اعتبار أن قضية توظيف الخليجي تحدٍ يفرض نفسه على كافة دول الخليج التي تتميز بقوى عاملة فتية .
كان السؤال المحوري في هذا المنتدى: «هل يستطيع القطاع الخاص الخليجي أن يتجاوز الأجندات السياسية ويمهد الأرضية نحو تكامل اقتصادي؟»، وفي هذا الصدد دعا الدكتور عبدالله باعبود مدير مركز دراسات الخليج بدولة قطر دول الخليج للاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في تغليب متطلبات التكامل الاقتصادي على الأجندات السياسية حيث كفلت حرية تنقل القوى العاملة بين بلدانها فالتجمعات الكبرى تقوم أساسا على جعل التجارة البينية المحرك الأول لاقتصاداتها.
عندما طالب البريطانيون حكومتهم في تسعينيات القرن الماضي بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، قال جون ميجور في رده الشهير :«مهما كانت مبررات الكارهين للاتحاد، فلا يمكن أن أضحي بمصير التجارة البريطانية مع دول الاتحاد».
ما زال حجم التجارة البينية الخليجية البالغ 124 مليار دولار دون الطموح في بلدان يبلغ حجم اقتصاداتها 1.6 تريليون دولار فدول الخليج هي رابع أكبر مصدر بعد الصين والولايات المتحدة وألمانيا حسب إحصائيات مركز الجزيرة للدراسات.
إنها المصالح الاقتصادية التي تحرك سياسات الدول، هنا أتوقف عند كلمة الدكتور عبدالرحمن الزامل رئيس الغرف السعودية حيث ينظر إلى مستقبل واعد للخليج ما إن تكتمل البنية اللوجستية الحالية لبناء اربع موانئ سعودية ومشروع سكة الحديد الخليجية التي ستغير ملامح الاقتصاد الخليجي منوها أن اليوم الاقتصاد الخليجي لا ينحصر في ست دول خليجية إنما تسع مدن خليجية.
فعلى سبيل المثال السفن العملاقة اختارت ميناء الدقم العماني لإنزال حمولتها مباشرةً على شبكة القطارات لتصل بها إلى الموانئ الخليجية اليابسة غير أن هذه النظرة الاستراتيجية التكاملية قد يغفل عنها البعض، هنا دعا الرئيس السابق لاتحاد الغرف الخليجية خليل الخنجي إلى ضرورة تكثيف الزيارات الخليجية الميدانية للموانئ العمانية للاستفادة من بناها التحتية وموقعها الجغرافي المتميز. مرحبا بوفود أصحاب الأعمال في السلطنة.
جدير بالذكر أن توصيات الزامل كانت براجماتية حيث دعا إلى أفضلية التركيز على توصيتين بدلا عن عشرة دون أن ينفذ أيا منها، الأمر الذي دعاني إلى اقتراح تعيين ما يسمى بالسفير التجاري عن طريق اتحاد الغرف وهو دور يشبه المبعوث الخاص للشؤون التجارية الذي قام به دوق يورك الأمير أندور، الفاتح للأبواب المغلقة للاستثمارات البريطانية على حد وصف الفايننشال تايمز. ذلك هو الاستخدام البراجماتي للقب والمكانة الاجتماعية خدمةً للمصالح البريطانية.
تعزيز التحالفات التجارية هو الطريق نحو خلق كيانات تجارية ضخمة لها تأثيرها الكبير نحو تغيير خارطة الخليج الاقتصادية، فقد تحدث الزامل عن تكرار وجود صناعة الألمونيوم في اغلب دول الخليج، فهل هناك رؤية لتنفرد كل بلد بصناعة معينة، ويتم تبادل المنتجات فيما بينها تمهيدا للتكامل الاقتصادي؟.
ختاماً: إن ما غفلناه عن أهمية القيمة المضافة المحلية IN Country Value في اغلب القطاعات ينبغي اليوم أن يكون هناك مفهوم قيمة مضافة خليجية لترجمة توطين الصناعات خليجيا.
نقلا عن موقع آن الكندي
ماقدرنا نطبق السعودة نطبق خلجنة نحن شعوب استهلاكية كسولة مترفة للأسف نعتمد على الاجانب حتى في تقديم الطعام