في عالم النفط ..من يتآمر على من؟

01/03/2016 6
خالد أبو شادي

بعد نشر مقال "أراجوز النفط" اتصل بي صديق عزيز ذو خبرة في ادارة المحافظ بإحدى الشركات في المملكة طارحا وجهة نظره فيما يخص آخر التطورات في سوق النفط.

ويرى أن اتفاق السعودية مع روسيا الذي تم الشهر الماضي بمشاركة فنزويلية قطرية "لتجميد الإنتاج" يعد بمثابة "مصيدة" ذكية لإيران حتى تظهر وكأنها "الشريك المخالف" أمام العالم كله وهل هناك جديد؟ هي كذلك بالفعل.

كون مستوى الإنتاج السعودي وكذلك الروسي عند أو قرب مستوى قياسي، فإن تجميده يعد "تحصيل حاصل"، لكن مع توسيع قاعدة الدول المشاركة في هذا الاتفاق خلال اجتماع مرتقب منتصف الشهر الجاري أو امكانية متابعة خطوات جديدة يزداد الإجماع ويظهر "الشارد" عن القطيع.

ورغم اختلاف التوجه السياسي للمملكة وعدم رضاها عما تقوم به روسيا في سوريا ودعمها لنظام "الأسد" كرر التاريخ نفسه بعد خمسة عشر عاما في اتفاق بين بعض أعضاء أوبك مع منتجين خارجها مع شكوك حول عدم التزام روسيا بغية تحقيق المصالح.

ويظهر الأمر وكأنه "تآمر" بين بعض كبار المنتجين –بوجهة نظر ايرانية- على بعضهم البعض بما لا يخدم أحدا منهم في النهاية، أو أن الأمر ينطوي على رغبة ملحة في تحقيق كل طرف مصلحته بغض النظر عن تضرر الآخرين.

واذا كان هناك تآمراً من السعودية لماذا كرر وزير نفطها "النعيمي" استعداد بلاده للتعاون في دعم استقرار الأسواق لكن شرط مشاركة الكل، حتى لا يجنى ثمار ذلك من يغرد وحده خارج السرب؟

للأسف اعتاد منتجو الدول خارج "أوبك" على تحرك الأخيرة وحدها لخفض الإنتاج كي يجنو ثمار ذلك مرتين مع أسعار أعلى وبيع كميات أكثر، وانضم لهم منتجو النفط الصخري وبهذا تتحقق مصالح طرف دون آخر.

ومن يتابع التقارير الأجنبية عن النفط يجد الحديث "عيانا بيانا" عن تآمر السعودية على منتجي النفط الصخري ورغبتها في تحييدهم واخراجهم من السوق، وهي "نكتة" مضحكة أعتقد جازما أن الغرب أطلقها وأول من يضحك عليها ولا يصدقها ويريد من الآخرين فقط تصديقها قناعة منه باستحالة خروج النفط غير التقليدي رغم تدني الأسعار وافلاس العديد من شركاته.

هنا يتضح أن هناك "ضحايا" غيرنا لنظرية المؤامرة، لكن تقافتنا رسّخت مبدأ انطلاقها من عندنا باتجاه "الأخر"، لذا لا نتقبل أو ربما لا نهتم اذا أخذت اتجاها معاكسا من "الأخر" نحونا.

هذا "الأخر" هو من يجني وحده ثمار تدني الأسعار مع تعبئة خزانات سياراته بتوفير أكثر من نصف ما كان يدفعه قبل أقل من عامين، وكذلك في انخفاض تكلفة المواد الخام في الصناعات القائمة على المنتجات البترولية لا سيما البلاستيك واللدائن وغيرها.

وبغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق فيمن يتآمر وعلى من يتآمر فإن المستفيد الأكبر في كل الأحوال هو "الأخر" مع انخفاض أسعار النفط وتوفير سيولة يعاد توجيهها لتخدم الإنفاق الاستهلاكي تستفيد منها دورة اقتصاده وحده لماذا؟

لأنه يعظّم من "كفاءة تشغيل" هذه المادة الخام التي حصل عليها بثمن زهيد، والأهم أن المردود المادي يعيد ضخه استثمارا في اقتصاده عكس ما يحدث لدينا، حيث "تهاجر" الأموال مرة أخرى للخارج أو تكون كفاءة تشغيلها واستثمارها داخليا أضعف من المرجو لسلاسل معقدة من العراقيل.

وبعيدا عن التآمر  فإن "الصدمات السعرية" التي تضرب الأسواق تساهم في اعادة تشكيل بنيتها لصالح الأقوياء وأصحاب النفس الطويل بتحركهم عن طريق تخطيط استراتيجي متقن سواء كبار اللاعبين في جانب العرض حسب اتجاه "الصدمة" صعودا وهبوطا.

وبما أن المملكلة تعد لاعبا أساسيا في جانب المعروض النفطي عالميا، فلا بد من المراجعة الدقيقة وتفعيل تقنية " gene editing" اذا جاز التعبير في تعديل "الأخطاء الجينية" لتلك الخطط، ليكون "مخطط DNA" سليم تماما ولا مبالغة حيث تراجعت فاعلية المضادات الحيوية ، فالنفط "مسألة حياة أو موت".