المشكلة مع البنوك تم احتواؤها

25/02/2016 0
محمد عبد الله العريان

ثلاث فئات للأصول- الطاقة وسندات الشركات ذات العائد المرتفع، وعملات الأسواق الناشئة- أصبحت مضطربة في العام الماضي وسط التقلب غير الطبيعي في أسعار الأصول.

الآن يبدو أن قطاع المصارف يقترب كثيرا من اتباع نفس الطريق، في حال حدوث هذا- وهذا احتمال مستبعد في هذه المرحلة- فإن النتائج المترتبة على الاقتصاد الحقيقي والأسواق المالية العالمية ستكون عواقبها أكثر أهمية من ذلك بكثير.

فئة الأصول المضطربة هي تلك الفئة التي تفقد معظم المراسي الأساسية، حيث إن أي جزء صغير جدا من الأخبار يكفي لإثارة حركات ضخمة في أسعار الأصول.

وكلما طال أمد ذلك، تكون الأضرار بقاعدة المستثمرين المتقلصة أعظم، مما يؤدي إلى مزيد من التقلبات. في هذه العملية، حتى الأسماء الأقوى داخل هذه الفئة من الأصول تصبح ملوثة، مما يزيد من خطر جولات إضافية من التداعيات وأشكال التخلخل.

هذا هو ما حدث في العام الماضي مع الطاقة (وخاصة النفط)، والسندات الخطرة التي تصدرها الشركات التي تم تصنيفها بأنها دون الدرجة الاستثمارية، وأسواق صرف العملات الأجنبية في بلدان الأسواق الناشئة.

كل فئة شهدت تجاوزات مذهلة في الأسعار والعدوى. ولم تقم أي منها بعد باستعادة مكانتها.

واليوم، فإن القطاع المصرفي يشهد تقلبات غير عادية في الأسعار، صعودا وهبوطا على حد سواء. وقد حدثت هذه التقلبات حول اتجاه لعدة أيام متراجعة، مع ثلاثة عوامل ذاتية التعزيز تمارس التأثير:

• انخفاض أسعار الفائدة، بما في ذلك أسعار الفائدة السلبية في أوروبا واليابان، جنبا إلى جنب مع استواء منحنيات العائد والحد من قدرة البنوك على توليد أرباح ثابتة من وظيفتها الأساسية، وهي الوساطة المالية.

• النمو الاقتصادي المنخفض بصورة عنيدة، جنبا إلى جنب مع الانخفاض الحاد في أسعار السلع الأساسية، يضغطان على جودة ائتمان محافظ القروض لدى البنوك.

• التذكير الدوري من الأجهزة المنظمة، بعد عمليات الإنقاذ الماضية المثيرة للجدل، بأنه لم يعد لدى المستثمرين دعم من الحكومات، مما يجعل كلا من أصحاب الأسهم والسندات أكثر حرصا ورؤوس أموالهم أكثر توجها نحو الهروب.

هذه العوامل الثلاثة المساهمة لها تبدو واضحة للعيان بصورة كبيرة للغاية في أوروبا، والمؤسسات المصرفية هناك تعرضت لأضرار أكبر بكثير.

وبالإضافة إلى ذلك، على الرغم من التقدم الذي تحقق من خلال الإصرار الحازم للبنك المركزي الأوروبي، فإن البنوك الأوروبية قد تخلفت عن أقرانها الأمريكية في تعزيز احتياطياتها الرأسمالية، وتحسين أصولها وإقناع الأسواق برغبتها في أن تكون شفافة بما فيه الكفاية في نقل المعلومات.

في الأسبوع الماضي، حفنة من البنوك- بما في ذلك في فرنسا وألمانيا وسويسرا- شهدت انخفاضا في أسعار أسهمها إلى أدنى مستوياتها منذ عدة عقود.

هذا اضطر بعض التنفيذيين في البنوك إلى طمأنة الأسواق بمتانة مؤسساتهم، واضطرت أحد المسؤولين الحكوميين (وهو وزير المالية الألماني) لدعم تلك التطمينات.

وفي حالة واحدة على الأقل، تدخلت إحدى المؤسسات لدعم أسعار السندات عبر عمليات إعادة الشراء.

على الرغم من أن البنوك لديها عموما ترسيخ أكثر قوة من فئات الأصول الثلاثة الأخرى، ينبغي رصد التقلبات المتزايدة بعناية على مدى الأسابيع القليلة القادمة (على الرغم من أننا لسنا قريبين من أي نوع من الاضطرابات المصرفية التي شلت الاقتصاد العالمي في 2008-2009).

في حال أصبح القطاع المصرفي مضطربا، فإن تدفق الأموال إلى الشركات والأسر قد يتباطأ، وتمويل التجارة الدولية سوف يكون أكثر تكلفة ويصعب الوصول إليه.

وهذا من شأنه أيضا أن يفرض المزيد من القيود على الرغبة المحدودة أصلا للسماسرة والمتعاملين لتغيير مخزون ميزانياتهم لاستيعاب مستثمرين يسعون لإعادة تعاملات محافظهم الاستثمارية.

المشكلة مع البنوك، على الرغم من أنها لا يستهان بها، إلا أنها كانت تحت السيطرة حتى الآن. ولكن في حال تطورت الأمور إلى تراجع أكثر حدة، يمكن أن تكون هناك عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي المتباطئ والأسواق المالية التي كان لديها عموما بداية رديئة لهذا العام.

هذه هي المخاطر التي لا يستطيع الاقتصاد العالمي والأسواق أن يتحملها في الوقت الحاضر.

نقلا عن اليوم