بعد فترة طويلة من الهبوط الشديد والعنيف، استردت أسواق الأسهم الآسيوية والأوروبية أنفاسها وبدأت أسبوع التداول الجديد ببداية إيجابية وتواصل تسجيل المكاسب حتى الآن.
وقد حدث ذلك على الرغم من عودة الصين إلى ساحة التداول بعد أسبوع من الغياب نظرا لاحتفالات البلاد بالسنة الصينية الجديدة، وقد شهدت أول جلسات التداول بعد هذه العودة الإعلان عن بيانات تجارية صينية ضعيفة والتي سلطت الضوء من جديد على أن الاقتصاد الصيني ما يزال يواصل تباطؤه.
وبناء على ذلك فإنه من المرجح في الوقت الحالي أن تكون التوقعات الخاصة بنمو الاقتصاد الصيني بمقدار أعلى قليلا من 6% في عام 2016 هي توقعات تبدو دقيقة.
ولم تقتصر البيانات الاقتصادية السلبية التي تم كشف النقاب عنها يوم أمس الاثنين على الصين فقط وإنما ضمت اليابان أيضا حيث تم الإعلان عن انكماش الاقتصاد الياباني بأكثر مما كان متوقعا في الربع الأخير من عام 2015.
وفي حقيقة الأمر فإن معنويات السوق ما تزال تواجه مخاطر فضلا عن أنه ما تزال هناك مخاوف مستمرة بشأن صحة الاقتصاد العالمي والتي من الممكن أن تؤدي لحدوث موجة شديدة أخرى من الهبوط في أسواق الأسهم.
وقد أثيرت تكهنات بأن السبب وراء الانتعاش الذي تشهده أسواق الأسهم حتى الآن هو تجدد الآمال بأن تواصل البنوك المركزية تيسير سياستها النقدية في الوقت الذي تتركز فيه الأنظار على خطاب ماريو دراغي يوم الاثنين.
وإنني أرى أن هذا الخطاب يمثل مخاطرة في حد ذاته لأن التدابير التحفيزية التي لجأت إليها حتى الآن عدد من البنوك المركزية المختلفة لم تؤدي إلى تحقيق الأثر المرعوب على الاقتصاد في أي منها.
الدولار ما يزال يبدو هشا
ما يزال الدولار الأمريكي يبدو هشا في سوق العملات في أعقاب التبدد المذهل للتوقعات بشأن قيام البنك المركزي الأمريكي بمزيد من الرفع لأسعار الفائدة في عام 2016 فضلا عن الشكوك المثارة حول احتمال أن يجد البنك المركزي الأمريكي نفسه مضطرا إلى التراجع عن مساره والقيام بخفض سعر الفائدة.
ومن وجهة نظري الشخصية فإنني أرى أنه من المدهش إلى حد كبير التفكير في ذلك - بعد مرور شهرين فقط على القرار التاريخي برفع أسعار الفائدة وهو القرار الذي كانت الأسواق تنتظره على أحر من الجمر منذ ما يقرب من عام – وأن تتصدر عناوين الأخبار تلك التصريحات عن إمكانية أن يجد البنك المركزي الأمريكي نفسه مضطرا لخفض أسعار الفائدة إلى المنطقة السلبية إذا استمر ضعف الثقة في الاقتصاد العالمي.
فهذا في حد ذاته يعتبر تناقضا صارخا مع الموقف السابق الذي التزم به البنك المركزي الأمريكي تماما فيما يخص تطبيع السياسة النقدية.
ولن يكون من قبيل المفاجأة بالنسبة لي أن إذا كان هناك الكثيرين الآن الذي يشككون في مصداقية أقوى بنك مركزي في العالم لأنه لم يمر سوى ستة أسابيع فقط على خروج تلك التصريحات - التي تتسم بقدر هائل من الثقة والطموح – من جانب بعض أعضاء البنك المركزي الأمريكي الذي قالوا إن البنك يعتزم رفع أسعار الفائدة أربع مرات خلال عام 2016.
فالتفكير في أننا الآن نشهد تحولا علنيا في موقف البنك المركزي الأمريكي من الإعراب عن الثقة الشديدة في الانتعاش الاقتصادي الأمريكي إلى الحديث بشكل واقعي عن احتمال اللجوء إلى أسعار الفائدة السلبية هو من وجهة نظري أمر محرج للغاية.
ونحن نتوقع أن يواصل الدولار الأمريكي بقائه هشا بعض الشيء وأن يشهد ضعفا في المستقبل حيث إن أي تراجع في البيانات الاقتصادية الأمريكية سيؤدي إلى استمرار إثارة الشكوك بأن البنك المركزي الأمريكي ربما يصدم الأسواق المالية.
وإذا حدث أي شيء، فإن ثبات الطلب على الدولار من المنتظر أن يلقي بضغوط على البنك المركزي الياباني والبنك المركزي الأوروبي ودفعهما لتيسير السياسة النقدية من جديد لأن عملتيهما ترتفع بسبب ضعف الدولار في وقت يحتاج فيه الاقتصاد الأوروبي والياباني للمحافظة على قدراتهما التنافسية في ظل أن النمو الاقتصادي أصيح موضع شك.
ارتفاع اليوان بفضل تصريحات محافظ البنك المركزي الصيني
وبعيدا عن تجدد التوقعات بشأن مواصلة البنوك المركزية لتيسير سياستها النقدية، ربما بكون أحد الأسباب التي ساعدت أسواق الأسهم في مواصلة ارتفاعها هو الثقة التي منحها البنك المركزي الصيني للمستثمرين بعد قيامه برفع تثبيت سعر الصرف اليومي لليوان أمام الدولار لأعلى مستوياته في حوالي ثلاثة أشهر.
وكانت العملة الصينية قد ارتفعت بعد وقت وجيز من نشر مقابلة أجرتها إحدى المجلات الصينية مع محافظ البنك المركزي الصيني تشو شياو شيان والتي أعرب خلالها عن ثقته في أن تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من الصين تعد أمرا طبيعيا وأن العملة الصينية مستقرة وهو الأمر الذي كان من شأنه تعزيز معنويات المستثمرين تجاه الصين.
ومن وجهة نظري الشخصية فإنني أرى أن اتجاه اليوان سيظل ضعيفا هلال عام 2016 لأن البيانات الاقتصادية الصينية من المنتظر أن تواصل إظهار أن النمو آخذ في التباطؤ، بالإضافة إلى أن تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من الصين آخذة في الزيادة وهو خطر آخر ينبغي أن تنتبه الأسواق إليه جيدا.
الذهب في طريقه للهبوط نحو مستوى 1200 دولار
بعد أن تمكن الذهب من الارتفاع بشكل مذهل لأعلى مستوياته منذ شهر يناير 2015 وبلغ مستوى 1263 دولار في أعقاب الهبوطي الشديد للدولار الأمريكي، يواصل الذهب التخلي عن المكاسب التي حققها ويبدو أنه سيجد الدعم حول مستوى 1200 دولار.
وصحيح أن الكثيرين قد أصابتهم الدهشة من الارتفاع الكبير في قيمة الذهب خلال الأسبوع الماضي، ولكن الأمر المؤكد هو أنن ما يزال يتم النظر إلى المعدن الأصفر النفيس باعتباره أحد أصول الملاذ الآمن على الرغم من الشكوك الكثيرة التي أحاطت هذا الأمر خلال العام الماضي بعد أن أدار المستثمرون ظهورهم للذهب في ظل الأحداث التي شهدتها اليونان وبعد أن بدأ الغموض بشأن الاقتصاد الصيني في الطفو على مسرح الأحداث.
ومن وجهة نظري الشخصية فإنني أرى أن الاتجاه الذي سيسلكه الذهب في المستقبل سيعتمد على الطلب على الدولار، وهو الأمر الذي يعني بديهيا أنه يجب على المتداولين مواصلة متابعة البيانات الاقتصادية الأمريكية والاتجاه الذي من المرجح أن يسلكه البنك المركزي الأمريكي في المستقبل فيما يخص أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي يبدو في خطر من جديد
يبدو أن زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي سيواجه خطر التعرض لضغوط شديدة لأسبوع آخر في أعقاب عجز الزوج عن الإغلاق فوق مستوى 1.4550 خلال تعاملات الأسبوع الماضي.
ونحن نرى هذا المستوى باعتباره مستوى نفسي بالغ الأهمية لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي، وهذا هو السبب في أننا نتوقع أن يستأنف الزوج هبوطه خلال جلسات التداول هذا الأسبوع.
وما تزال هناك أسبابا كثيرة تدفعني لأن تكون توقعاتي سلبية للجنيه الإسترليني في ظل وجود الكثير من العوامل المختلفة التي تحد من إقبال المستثمرين على الجنيه الإسترليني مثل تباطؤ النمو الاقتصادي والتأخير المتكرر للتوقيت المتوقع لرفع سعر الفائدة في بريطانيا بالإضافة إلى التساؤلات التي ما تزال بدون إجابات بشأن الاستفتاء المحتمل إجراؤه حول رحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.