دائرة الرعــــب الاقتصادى

15/02/2016 6
محمد مهدى عبدالنبي

*الحقيقة قويه لكن المال اقوى منها ويد مملؤة بالمال افضل من يدين مملؤتين بالحقيقه ... حقيقه اعلاميه ...

* المال كالعضلات ان لم تستعملها هزلت ... مثل امريكى ...

* حتى الاعمى يمكنه ان يرى المال ... مثل صينى ...

* المـــال عصب الحرب ... مثل انجليزى

*الدراهم مراهم ... مثل عربى ...

العبارات الخمس السابقه تعكس جزء كبير من ثقافة الاقتصاد العالمى فى السنوات الاخيره ، فالاعلام العالمى بكل تنوعه يعلق لافته ( حرية الرأى ) لكن لمن يدفع اكثر ... وتجلى هذا فى تركيز الضوء على التصنيفات الائتمانيه لدول بعينها رغم ان مؤسسات التصنيف نفسها تخضع لأهواء سياسيه بالدرجه الاولى لا مؤشرات اقتصاديه حقيقيه ... و كذلك المبالغه بالتركيز على ازمة اليونان الماليه رغم معاناة بنوك اسبانيا وايطاليا من مشاكل اقتصاديه مماثله إلا ان ساسة المانيا بالتحديد ارادو تهذيب الساسه الجدد فى اليونان، و قد حدث فسكت الاعلام عنها ...

وها هى ازمة الصين تلقى رواجا اعلاميا كبيرا تحت دعوى ان الاقتصاد يتبطأ رغم ان معدل النمو فى 2010 هو 10.4 % وﻓﻲ 2011 هو 9.3 % اما ﻓﻲ 2012 و 2013 هو 7.7 % وفى 2014 هو 7.3 %واخيرا ﻓﻲ 2015 ﻣﻌﺪﻝ 7% و تلاها انخفاض اخر ليسجل 6.9% .... معنى ذلك انه يتبطأ من اربع سنوات وما يحدث الان ليس جديدا فلما التهويل اعلاميا هذه المره ؟!...

الاجابه فى بطن الدولار الامريكى  ... وتظهر الاثار الجانبيه فى اليابان و اوروبا ... فتعانى اليابان الحديقه الخلفيه للصين فتسجل عوائد سلبيه على سنداتها ذات اجل 10 سنوات وتحارب من اجل الين .... وهاهى بنوك اوروبا تنذر بليمان برازرز اخرى اذا لم يتدخل البنك المركزى الاوروبى ويشترى اسهم المصارف ذات المخاطر الماليه المرتفعه مثل Deutsche Bank  التى بلغت مديونياتها نحو 50 مليار دولار.

وها هو النفط يكسر مستويات سعريه بفعل الاعلام اكثر منها بفعل زياده المعروض وانخفاض الطلب العالمى  وتنشط التحليلات المخيفه ليهبط النفط اكثر بفعل تخمة المعروض النظرى اكثر من الفعلى، وسيتوقف النزيف بالتأكيد حول 25 $ للبرميل لأنة سعر تكلفة النفط الصخرى الامريكى  وانتهاء اختيار الرئيس رقم 45 للولايات المتحده فى 8 نوفمبر 2016.... 

فاذا كنت كاتبا سعوديا ستتبنى وجهة النظر الصاعده للنفط فى النصف الاول من العام 2016 وستقلل من اهمية و تأثير رفع العقوبات عن ايران وضخها 500 الف برميل زياده يوميا وتسوق لعدم تأثر المملكه بالانخفاض الحالى رغم اعتماد الاقتصاد السعودى بشكل شبه كلى على العائدات النفطيه فاكثر من 80%.

و إذا كنت كاتبا روسيا ستقحم ازمة سوريا فى اسعار النفط وتبرر تواجد بلادك هناك وتتناسى انهيار الروبل وكذلك اوكرنيا وتدافع عن زيادة الانتاج رغم تدهور الاسعار النفطيه وتدعو مراوغا على مضض للتعاون من اجل حل الازمه ....

و إذا كنت كاتبا امريكيا سوف تعرب عن قلقك فى كل سطر وتسترشد بتقارير المخزونات الامريكيه فى نهاية كل فقره وتنتظر حسم الانتخابات الرئاسيه ليقفز النفط قرب 50 دولار.

وإذا كنت كاتبا اوروبيا ستجمع بين نظرية روسيا لأحتياج اوروبا للغاز الروسى وبين نظرية الولايات المتحده للهيمنه السياسيه والاقتصاديه وتذكر دائما بتوقعات البنوك الاوروبيه لأسعار الذهب الاسود الذى ذهب الى الاسود فعليا.

و إذا كنت كاتبا فنزويليا ستنصح بخفض الانتاج النفطى وترى ضرورة عودة الاسعار لقرب المئة دولار وتدغدغ المشاعر الاقتصاديه للعالم الثالث وتسخط من مؤامرات العالم المتقدم .

اذن الكل يتحدث ويحلل من واقع بيئته السياسيه ويصبغ عليها خلفيه اقتصاديه، فليس كل جديد صحيح ولا كل صحيح جديد.

الاعلام العالمى بوجهات نظره المسيسه والمنافسة السعريه فى الهبوط لا الكميه هما اهم سببين لتدهور اسعار النفط تحت 30 $ وربما كانا هما تخمة المعروض النظرى الذى يفوق المعروض الفعلى ..فلعبة النفط سياسيه بأمتياز، والحقيقه ان تزامن ازمة الصين وازمة النفط هى ضربه مزدوجه رائعه لصالح الدولار الامريكى ،انها حرب عملات عالميه ابطالها ( امريكا -  الاعلام - النفط– الصين – اوروبا )

بعد هذا المشهد على المستثمر العربى تحديدا فى بورصات الاوراق الماليه ان لا يستغرب من انهيار اسعار الاسهم وحرق المليارات، فلعبة البورصه احدى الالعاب النفسيه والذهنيه فى يد الاعلام، فإذا عطست المؤشرات الامريكيه والاوروبيه وتمارضت المؤشرات الصينيه فعلى المؤشرات العربيه ان تموت مؤقتا، فالحقيقه اننا تابعين.