المستثمرون يحاولون اجتياز عاصفة غير محتملة

15/02/2016 1
محمد عبد الله العريان

هذا الأسبوع، كانت الأسواق المالية تعاني مرة أخرى من الاضطراب بسبب الأحداث التي ربما كانت غير محتملة منذ وقت ليس بطويل، إن لم تكن غير متصورة. كانت النتيجة عبارة عن تقلبات كبيرة في حركات التداول مع اتجاه هابط.

هنالك ميل طبيعي لشرح وتفسير كل واحدة من هذه التطورات على حدة. لكن القيام بذلك يمكن أن يكون خطأ لأن كلا منها يتأثر بالظواهر الشائعة، بما في ذلك تقليل فعالية سياسات البنوك المركزية. ويمكن أن يؤدي هذا إلى عواقب أشد قسوة إذا امتد الاضطراب إلى الاقتصاد الحقيقي.

إليكم قائمة جزئية لتطورات هذا الأسبوع الملفتة للانتباه تبين درجة التقلب التي نعيشها:

• وسط تصفية عمليات البيع في القطاع المصرفي العالمي، أسعار الأسهم الخاصة بكثير من المصارف الأوروبية الكبرى تجاوزت نطاقها المعهود وتم تداولها في مستويات لم تشهدها منذ عقود.

• أنهت أسعار النفط مرحلة متقلبة أخرى، يوم الخميس، أعلى من 25 دولارا مباشرة، وهو مستوى لم يتحقق منذ أكثر من عقد من الزمان.

• انخفضت عائدات السندات الأوروبية إلى مستويات مذهلة. وهذا صحيح حتى لتلك السندات التي يجري تداولها حاليا في عائدات اسمية سلبية.

• دفع البنك المركزي السويدي معدل السياسة لديه بشكل أكبر ما دون الصفر، إلى سالب 0.50 بالمائة من أصل 0.35 بالمائة.

• في أسواق العملات الأجنبية، تراجع الدولار مقابل عملات البلدان المتقدمة، لا سيما الين الياباني، رغم أن بنك اليابان اعتمد أسعار فائدة سلبية.

• سجل متوسط مؤشر داو جونز الصناعي، يوم الخميس، دورته الثامنة والعشرين على التوالي والتي شهدت تحركات خلال يوم التعاملات لأكثر من 200 نقطة.

• بعد فترة طويلة من الإهمال، استعاد الذهب بريقه، لأن السبائك ارتفعت إلى 1263 دولاراً للأونصة الواحدة، يوم الخميس، المستوى الأعلى منذ فبراير من عام 2015.

هذه فقط بعض الأمثلة على الأسواق المتقلبة وغير العادية، وهي تسير وفق عدد كبير بالفعل من التطورات غير العادية، بما في ذلك أسعار النفط المنخفضة التي تعتبر في الغرب بمثابة نقمة وليس نعمة، فضلا عن إرغام المستثمرين على الدفع مقابل امتياز الاستثمار في حوالي 30 بالمائة من المخزون العالمي من السندات الحكومية. وهذه القائمة سوف تواصل نموها.

من الطبيعي بالنسبة للمعلقين اللجوء إلى التفسيرات الفردية لكل من هذه التطورات. لكن هذا النهج لا يعطينا ما يكفي من الشعور بما يرجح أن يحدث في المستقبل.

تعتبر هذه القائمة المتزايدة من التطورات غير المحتملة مؤشرا إرشاديا للنظام العالمي الذي يشير إلى تحول رئيسي- بعيدا عن نظام تقمع فيه البنوك المركزية بفاعلية التقلبات المالية ونحو نظام ذي تقلب أعلى وغير متوقع تماما، في كلا الاتجاهين.

وكذلك عدد كبير فوق الحد من المحافظ، كونها كانت مشروطة بالاعتماد المفرط على البنوك المركزية، لم تتهيأ بعد لمثل هذا التحول.

حتى الآن، تم احتواء الأضرار الناجمة عن تزايد التقلبات المالية للقطاع المالي، ما اضطر إلى إجراء بعض التقليص في الرفع المالي.

ولم تمتد وتنتشر بأي معنى جوهري لتصل إلى النشاط الاقتصادي الفعلي. وهذا من حسن الطالع لأن الاقتصاد ليس في وضعية جيدة لمواجهة تحد آخر.

يعمل الاقتصاد الأمريكي جاهدا بالفعل - وحتى الآن بنجاح - للتغلب على النتائج العكسية الناجمة عن النمو الأضعف في البلدان الأخرى. التقلبات المالية المستمرة لهذا الضغط يمكن أن تُعقِّد الوضع عن طريق جعل كلا من الأسر المعيشية والشركات أكثر عزوفا عن المخاطر.

إن كان المستهلكون يشعرون بالقلق الكبير بسبب الأسواق الجامحة، وخاصة آثارها على استقرار وإمكانية التنبؤ بالاستثمارات والمعاشات بالإضافة إلى توافر التمويل، يمكنهم أن يقرروا تقليص الإنفاق، ويمكن للشركات أن تخفض نفقاتها الاستثمارية. وهذا من شأنه أن يضعف الأسواق أكثر، ما يهدد بسلسلة من التداعيات والآثار السلبية.

لحسن الحظ، لم يحدث هذا بعد. لكنه خطر نحتاج إلى مراقبته ورصده بحذر في الأسابيع المقبلة.

نقلا عن اليوم