مراحل حرجة لنجاح خطط التوسع الاقتصادي السعودية

15/02/2016 1
محمد عبدالله السويد

 خلال اليومين الماضيين تابعت شهادة رئيسة الفدرالي الأمريكي، جانيت يلين، أمام لجنة من الكونجرس حين طرح عليها أحد أعضاء اللجنة سؤالا مهما "هل التشريع في القطاع المالي ينظم بدرجة أكبر من اللازم أو أقل من اللازم؟ وكان القصد من السؤال قدرة التشريعات على تعطيل أو تحفيز النمو في القطاع وبالتالي على الاقتصاد الأمريكي ونمو الوظائف.

أجزم بأن قيادة المجلس الاقتصادي -حفظها الله- اهتمت بهذه النقطة، خاصة وأن سياسة التوسع الاقتصادي السعودي الجديدة ستستعين بالقطاع الخاص كشريك، فالأخبار التي سمعناها الأيام الماضية عن تعديلات في بعض القوانين المحلية، لدى وزارة التجارة ووزارة الإسكان وبعض الإدارات الحكومية الأخرى، ستقوم ببناء موجة تفاؤل جيدة بإذن الله تتضح ملامحها خلال السنة، ولكن هناك قطاعات حيوية أخرى تحتاج إلى مراجعة جذرية في تشريعاتها.

على سبيل المثال، قطاع التجزئة بكافة فروعه يحتاج إلى وقفة جادة في تشريعاته وكيف تؤثر عليه إدارات حكومية متعددة، على رأسها وزارة البلدية والأمانات.

لأول وهلة، ربما نتعجب بعلاقة وزراة البلدية بقطاع التجزئة ولكن هل تعلم بأن عدم وجود تشريعات كافية في التخطيط العمراني لمدن المملكة ساهم في خلق مشكلة إغراق في قطاع التجزئة في أغلب المدن مما جعل القطاع طاردا للسعوديين ومدمرا لجودة خدماته ومنتجاته.

عندما تقود في أحد أحياء الرياض مثلا ستجد شوارع تجارية كثيرة في الحي تتجاوز طاقته، هذه المحلات مليئة بالعمالة الأجنبية وتقدم خدمات متشابهة في الغالب مما يدفع أصحاب هذه المحلات للمنافسة بالسعر فقط وليس الجودة، وكما نعلم فالمواطن لن يستطيع منافسة الأجنبي في تشغيل محل تجاري بتكلفة منخفضة، فمن غير المعقول أن يسكن المواطن في غرفة على سطح مبنى مساحتها 15 مترا مع مواطنين آخرين واستخدام زيت الطبخ لتصفيف شعره!.

المفترض أن تقوم الأمانات بخفض نسبة الشوارع التجارية في كل حي لكي لا تتجاوز 10-20% من المخطط العمراني للحي وأن تقوم بوضع تشريعات على تنويع أنشطة المحلات التجارية في كل منطقة تجارية في الحي حتى يصبح مفهوما يتبعه ملاك المجمعات التجارية مستقبلا، فما يحدث الآن من فقدان تشريعات تنظم المخططات العمرانية ساهمت بخفض تكلفة الدخول في قطاع التجزئة الذي يعتبر ذا خدمات لا يوجد فيها ابتكار Generic فمع كثرة الداخلين الجدد تزداد حدة المنافس في القطاع على الأسعار ويتم إهمال الجودة.

وزارة التجارة في الجهة المقابلة استوعبت مسألة وجود تشريعات زائدة عن الحد في القطاع الصناعي وقامت مؤخرا بإلغاء الحد الأدنى لرأس مال المنشأة الصناعية مما يعني أن قطاع التصنيع الآن أصبح الدخول فيه أسهل من الفترة الماضية بحسب قوى بورتر الخمس Porter Five Forces. وزارة الإسكان أيضا استشعرت ما يحدث في سوق الإسكان واتبعت سياسة توسعية للقطاع عن طريق التعامل مع التشريعات بشكل مباشر وذلك بإنشاء مركز خدمات المطورين.

فبحسب تصريحات مستشار الوزير د. بندر العبدلكريم، خلال معرض ريستاتكس في جدة، سيجمع المركز خدمات تصاريح البناء وغيرها التي يحتاجها المطور لتسريع بدء الأعمال بالإضافة إلى السماح ببناء وحدات سكنية بتقنيات مختلفة وتسويق منتجات المطورين للمستفيدين، وغيرها من الخدمات.

هذه التطورات سيكون لها انعكاس إيجابي على نمو القطاعين خلال الفترة القادم بإذن الله، وكلي ثقة بأن المجلس الاقتصادي سيعمل على دفع جميع الإدارات الحكومية لإصلاح التشريعات لديها سواء بزيادتها أو خفضها في سبيل دعم توسع قطاعات البلد لينهض القطاع الخاص بالاقتصاد ويقوم بدوره على أكمل وجه بإذن الله.

نقلا عن الرياض