طريقة احتساب معدل "سايبور"

12/04/2025 0
د. فهد الحويماني

بدأ البنك المركزي السعودي في احتساب آلية جديدة لمعدل سايبور منذ 2022، مختلفة تماماً عن الطريقة التقليدية لنشر معدل الفائدة السائدة بين البنوك، الذي يستخدم كسعر مرجعي لمستوى الفائدة في البلاد، وكان السبب في إصدار الآلية الجديدة اقتراب موعد إيقاف العمل بمعدل لايبور، السعر المرجعي العالمي للفائدة بين البنوك، المستخدم في تحديد تكلفة القروض العقارية متغيرة الفائدة، إلى جانب استخداماته المتعددة في عقود المبادلة والعقود الآجلة وغيرها، الذي يوقف العمل به بشكل نهائي في 2023. فحين تبينت أوجه القصور في معدل لايبور، ولا سيما فضيحة تآمر بنوك دولية في تحديد السعر الذي ينشر كل يوم، سارع "ساما" بالتعاون مع البنوك المحلية بالتعاون مع جهة دولية متخصصة لدراسة كيفية معالجة سايبور، لتحصينه ضد تلك التجاوزات المحتملة. فما الخلل في طريقة احتساب سايبور سابقاً، وكيف تم تصحيحها حالياً؟

البنوك تقترض يومياً من بعضها بعضا من خلال سوق سايبور، باستخدام ما لديها من احتياطيات لدى البنك المركزي، ومعظم عمليات الاقتراض تكون لليلة واحدة وتمتد إلى آجال مختلفة، أكثرها استخداماً مدد أسبوع وشهر و3 أشهر، وتتم هذه العمليات دون تقديم أي ضمانات، وبذلك فهي تختلف عن سوق اتفاقيات إعادة الشراء المبنية على أوراق مالية عالية الجودة. ولا تزال الآلية الجديدة لسايبور تتم باحتساب معدل الفائدة لقروض غير مضمونة بين البنوك، لكن الاختلاف أنه سابقاً كانت البنوك تقدم صباح كل يوم تقديراتها لأسعار الفائدة التي تستطيع الإقراض على أساسها، أما الآن فهي ملزمة بتقديم تكلفة الفائدة التي قامت بالفعل بتقديمها في يوم النشر أو اليوم الذي قبله، ويمكن في حالات معينة الرجوع إلى عمليات سابقة بحد أقصى 5 أيام إلى الوراء، وهذا اختلاف جوهري مهم، لأن العملية الآن ليست مجرد تقديرات كما في طريقة لايبور.

هناك 3 مستويات لآلية احتساب سايبور، تبدأ بتقديم معدلات الفائدة لجميع عمليات الاقتراض التي قام بها البنك، حسب مواصفات وشروط معينة، بحيث يصدر عن ذلك معدل "سايبد" وهو بمنزلة سعر الطلب في صفقات العرض والطلب، وهو المعدل الذي تم الاقتراض على أساسه، ولنفرض كمثال أن متوسط السعر المرجح لذلك 4%، فتقوم الجهة المشرفة على سايبور بإضافة نسبة معينة إليه للخروج بمعدل سايبور الذي ينشر يومياً عند الساعة 12 ظهراً، وكانت النسبة المضافة 16% سابقاً والآن تم خفضها إلى 9% بحد أعلى 20 نقطة أساس. فمثلاً يصبح سعر سايبور الرسمي 4.2% (4% + 20 نقطة أساس). وفي حال أنه لا توجد لدى البنك عمليات كافية فتنتقل الآلية إلى المستوى الثاني، الذي يشمل قروضا وأوراقا مالية غير مطابقة تماماً، فتضاف إليها نسبة مخاطرة معينة، فمثلاً "ساما" يشترط أن يكون سايبور لأجل 3 أشهر مبنيا على عمليات بين 80 إلى 100 يوم، ليس بالضرورة 90 يوماً تماماً، فيتم تعديل سعر الفائدة بالإضافة أو الخصم، أو أن يقوم البنك باستخدام قروض تمت بضمانات، فيحتاج عندها إلى إضافة عدد من نقاط الأساس لتتم المقارنة بقروض غير مضمونة، كما هي الحال في العمليات التي تتم بين البنوك.

إذاً تم تصحيح مشكلة لايبور المبنية على مجرد توقعات البنوك كل يوم، وهي الطريقة التي كان سايبور يعمل على أساسها، إلى آلية جديدة مبنية على عمليات إقراض حقيقية، ومع ذلك تأتي التوقعات فقط حين يتم الانتقال إلى المستوى الثالث، حين لا يكون هناك أي عمليات مناسبة، فيؤخذ بالتوقعات ولكن بشروط معينة مع ضرورة أخذ موافقة "ساما" في وقتها، وهي بالطبع حالات نادرة الحدوث.

التوجه الذي ذهبت إليه دول أخرى لتجاوز طريقة لايبور القاصرة، كما في أمريكا والمملكة المتحدة، هو الاعتماد على معدلات الفائدة التي تخرج يومياً من سوق اتفاقيات إعادة الشراء، وهي تختلف عن طريقة سايبور في أنها مبنية على أسعار تمت في الماضي، بينما طريقة سايبور تنظر إلى المستقبل، وهذه جزئية مهمة لها تأثيرات كبيرة في عدة مستويات، حيث إن سايبور ينظر إلى المستقبل كون أسعار الفائدة المنشورة هي لآجال مقبلة، فمثلاً سايبور لـ 3 أشهر هو المعدل الذي قامت على أساسه البنوك بإبرام عقود قروض للأشهر الـ3 المقبلة، لذا حين يتم تعديل سعر قرض متغير للأشهر الـ3 المقبلة فإنه يتم حسب آخر سعر قدمته البنوك حالياً للفترة ذاتها. في المقابل، معدل "سوفر" الأمريكي الذي ينشره الفيدرالي الأمريكي يومياً هو لعدة آجال، لكن جميعها في الماضي، أي إن سايبور ينشر سعر الفائدة للأشهر الـ3 المقبلة، بينما سوفر ينشرها للأشهر الـ3 السابقة، وهذا اختلاف كبير ومهم. لذا تقوم بورصة شيكاغو بإعداد معدل خاص بـ"سوفر" مبني على المستقبل، كما في سايبور، وهذا معدل ليس له علاقة بالفيدرالي، لكنه بدأ يلقى شعبية كبيرة، بسبب نظرته المستقبلية هذه.

 

 

نقلا عن الاقتصادية