النفط.. السر السياسي

11/02/2016 10
محمد مهدى عبدالنبي

"اذا كنت محاصرا فأعمل عملا بسيطا بطريقة مجنونة بتفسيرات متعددة، حينها تفقد خصومك اتزانهم "

فى بطن النصيحة السابقة يكمن السر الرئيسى للأنخفاض الكبير فى اسعار النفط ، فالعنوان العريض الذى دسه الساسة فى تحليلات الاقتصاديين هو ( تخمة المعروض من النفط و تباطؤ الاقتصاد العالمى ) و هو مبرر احصائى مناسب للنتيجة الحالية لتدنى الاسعار.

لكن السؤال المعقد لماذا وصلنا الان لتلك النتيجة؟! و ليس كيف وصلنا ، فتحليل الماضى يحمل وجهات نظر محلليه اما تحليل الحاضر يخضع لسيطرة صانعيه.. و هنا يتضح الامر.

فالسعر العادل لبرميل النفط الخام هو 60 $ و السعر الحالى يدور حول 30$ و الفرق بينهما هو الثمن العالمى للرئيس الخامس و الاربعون القادم للولايات المتحده الامريكية.

ذلك الثمن قدره الحزب الديموقراطى الذى دفع بهيلارى كلينتون و بيرنى ساندرز لأجل الاحتفاظ بالرئاسه لصالح الديموقراطيين ضد الجمهوريين و على رأسهم الملياردير العقارى دونالد ترامب. 

و بالارقام فإن المواطن الامريكى فى 2014 كان يدفع 4 دولار لكل 3.8 لتر بنزين يزود به سيارته و الان فى 2016 صار يدفع 1.3 دولار فقط ... اى فرق بــ 2.7 دولار هديه ديموقراطيه لكل ناخب امريكى.. و هناك هدايا و مزايا اكبر من زياده حركة التنقلات و السياحه الداخليه و انخفاض اسعار تذاكر الطيران و نمو الطلب على السيارات الى دعم العمل بالطاقه النظيفه و بالاساس تقوية الدولار الامريكى.

و إذا كانت تخمة المعروض النفطى هى السبب فإن نمو الطلب العالمى يأكلها فى الخمس سنوات الاخيره ، و إذا كان تباطؤ التنين الصينى السبب فأنه يتبطأ من 2011 و ليس من الان فقط و التاريخ يشهد بأن الطلبات النفطيه لأسيا هى من الاسباب الاقتصاديه التى دفعت الاسعار للمئة دولار للبرميل من قبل.

و كان لابد من تهيئة العالم لما يحدث فالاعلام العالمى لا يكف عن نغمة التخمه و التباطؤ و يتبارى المحللون فى سرد ارقاما مخيفه للنفط و التركيز على اخبار تخفيض الوظائف فى دول بعينها.

و على الضفة الاخرى يقر مجلس الشيوخ و مجلس النواب الامريكى قانونا بالانفاق على استخراج الزيت الصخرى و يرفع الحظر عن تصدير امريكا للنفط بعد 40 عاما من التوقف.

و لابد من ستار دخانى اخر و هو تصدير بيانات اعلاميه عن افلاس شركات نفطيه امريكيه و ارتفاع المخزونات الامريكيه بتقارير صادره من معهد البترول الامريكى ايضا.

و لا سبيل للتأكد من صحة ذلك الا من امريكا نفسها ! .... و تنصاع بالطبع كل المؤشرات الاقتصاديه العالميه للرغبه السياسيه الامريكيه فنسمع عن ازمات فى منطقة اليورو و عجز فى ميزانيات الدول الخليجيه لأول مره و يهتز العالم.

فهكذا عندما وجد الرئيس الديموقراطى باراك اوباما نفسه و حزبه محاصريين داخليا بالجمهوريين و خارجيا بحروب عالميه من اطراف ذات نديه من روسيا و الصين و ايران التى رفعوا عنها العقوبات لأستكمال السيناريو  ، فقرر الديموقراطيين ان يعملوا عملا بسيطا و هو خفض اسعار النفط و لكن بطريقة مجنونه فيفقدوا كل الخصوم اتزانهم داخليا و خارجيا.

و بأقتراب اعلان اسم الرئيس الامريكى الجديد قبل نوفمبر 2016 تعود اسعار النفط قرب الخمسين دولار استعدادا لجوله سياسيه جديدة.