نجحت الهيئة العامة للاستثمار في معالجة الكثير من معوقات الاستثمار الأجنبي؛ وأعادت هيكلة البرامج المستهدفة لتحقيق التنوع الأمثل لقطاعات الإنتاج؛ ودعم الاقتصاد الوطني الذي أصبح أكثر حاجة للتدفقات الاستثمارية النوعية.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة؛ تبقى معضلة الشريك السعودي قائمة في بعض القطاعات.
قرار فتح قطاع التجزئة أمام الشركات دون وسيط أو شريك ربما أسهم في إعادة صياغة نظام الاستثمار الأجنبي لضمان إزالة جميع المعوقات التي تتسبب في الحد من التدفقات الاستثمارية مستقبلاً.
تشير بعض التقارير الصحفية إلى قيام هيئة الاستثمار؛ وزارة التجارة والصناعة، ووزارة العمل بدراسة جميع معوقات الاستثمار في السوق المحلية؛ تمهيدًا لإزالتها وبما يتوافق مع الاحتياجات المحلية؛ ومتطلبات منظمة التجارة العالمية التي تشدد على فتح الأسواق وإزالة العراقيل من أمام عامة المستثمرين.
أزعم أن شرط الشريك السعودي لم يحقق أهداف الحكومة التي استشعرتها حين وضعها النظام؛ بل على العكس من ذلك تحول الشريك السعودي إلى جسر لمرور الاستثمارات الأجنبية وخروج الأرباح دون أن يكون هناك توطين للصناعة؛ أو نقل للتقنية؛ أو خلق للوظائف.
وأكثر من ذلك؛ أصبح الشريك السعودي ضامنًا للحصول على عقود حكومية ضخمة؛ وتوفير الحصانة الاستثنائية لشركائهم المخالفين.
حرصت الحكومة على وجود الشريك السعودي لتحقيق أهداف تنموية استثمارية متنوعة؛ وغرس بذرة التنمية المستدامة والتوطين؛ وبناء قطاع اقتصادي متكامل. وبرغم استفادة بعض المستثمرين السعوديين؛ والشركات الكبرى من النظام؛ وتحقيقهم بعض الأهداف المرسومة؛ إلا أن الكثير منهم رضوا بالشراكة الصورية في مقابل حصولهم على الأرباح المحدودة.
نجحت الشركات الأجنبية في استغلالهم لدخول المناقصات وكسب العقود الضخمة؛ وتوفير الحصانة؛ ومعالجة المشكلات؛ والحصول على معاملات تفضيلية أسهمت في قتل التنافسية؛ وخفض جودة المخرجات؛ وحرمان الشركات المحلية من كثير من الفرص المتاحة في السوق. قد تكون النزاهة من ضحايا نظام الشريك السعودي؛ إضافة لجريمة التستر التي ما زالت تنخر في عضد الاقتصاد الوطني.
مراجعة الأنظمة القديمة بشمولية بات أمرًا ضروريًا إذا ما أردنا معالجة مشكلات الاقتصاد وتفعيل دور القطاع الخاص؛ وتحفيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية؛ وإزالة المعوقات التي تبطيء من حركة الاقتصاد والتنمية بشكل عام.
إعادة تشكيل نظام الاستثمار الأجنبي وفق المعايير الدولية؛ والاحتياجات الوطنية؛ بعيدًا عن شرط الشريك السعودي سيزيل المعوق الرئيس من أمام التدفقات الاستثمارية؛ وسيحقق أهداف الحكومة الرامية إلى توطين التقنية؛ وخلق فرص عمل جديدة؛ وزيادة الفرص الاستثمارية الموازية؛ ونشر ثقافة الإنتاج والإبداع والابتكار؛ وتحقيق قيم النزاهة التي تعد قاعدة أساسية للشركات الأجنبية الكفؤة.
استبدال نظام الشريك السعودي بمتطلبات تنموية صرفة هو المتوافق مع احتياجات المرحلة الحالية. زيادة الناتج الإجمالي المحلي والصادرات؛ خلق الوظائف؛ توطين الاستثمار؛ التقنية؛ التدريب والتأهيل من المتطلبات المهمة التي ستنعكس إيجابيتها على الاقتصاد وسوق العمل والمجتمع بشكل عام؛ ما يجعلها مقدمة على «الشريك السعودي» الذي لم تنجح شراكته في تحقيق أهداف الحكومة الإستراتيجية.
نقلا عن الجزيرة