إعلانات هيئة السوق المالية نهاية الأسبوع الماضي عن فرض غرامات على عدد من المخالفين لنظام السوق المالية ولوائح الهيئة ومنها سلوكيات السوق والأشخاص المرخص لهم وإلزامهم بالدفع لحساب هيئة السوق بقيمة جميع المكاسب غير المشروعة المحققة بمحافظهم الاستثمارية، لم يأت بجديد في شأن حماية حقوق المتداولين وإيقاف الثقافة المنتشرة بين جهاتنا بتحصيل حقوق المتضررين كإيرادات للدولة، فحقوق جميع المتضررين بسوق الأسهم كالمتسممين من المطاعم باللحوم الفاسدة وغيرها (على سبيل المثال) ممن ثبت للجان التحقق والتحقيق توفر القصد الجنائي كجريمة مع سبق الإصرار والتخطيط لها وبها توفر الركنين المعنوي والمادي والتي مازالت جهاتنا تتجاهل تمكين المتضررين من تلك الجرائم بمختلف تصنيفاتها من حقوقهم، بل وعلى الرغم من تحصيل الدولة لقيمة حقوقهم كإيرادات للجهة يتم التهرب من ذلك الالتزام بمطالبتهم برفع قضايا جديدة مستقلة بحقوقهم على المخالفين لأنظمة السوق أو البنك أو الشركة أو المطعم..إلخ، وانه في حال ثبوتها بعد سنوات المحاكم والدعاوى يمكن له أخذ حقه من المتسبب! أي أن هيئة السوق أو البلدية تستخدم تقارير التحليل وفحص الأضرار وحساب الصفقات على محافظ المتضررين كدليل إثبات لتحصيلها للغرامات ومصادرة الأرباح التي حققها المستثمر والمخالف من أموال المتضرر، وتقدمها لجهات الفصل في المنازعات لإثبات ذلك، ولكنها في نفس الوقت مع أنها تعلم طول مدة القضايا بتضرره واستخدمت حساباته والصفقات الخاسرة عليه كدليل إدانة للمخالف أمام لجان الفصل والخصوم تحرم صاحب الدليل المتضرر من حقه.
ولكون نظام الإيرادات للجهات الحكومية يتضمن صرف نسبة من الزيادة بالإيرادات المتحققة للجهة الحكومية كمكافآت للمسؤولين والموظفين المساهمين في تلك الزيادة وفق التنظيم المحدد لذلك، ولكون العديد من المكافآت والبدلات تقرر وتصرف وفق أنظمة ولوائح بعض المؤسسات والهيئات العامة وتمنح مجالس إداراتها الصلاحيات في ذلك وفق ماتحققه الجهة ومايقوم به بعض موظفيها من جهد، فان قيام الجهات الحكومية بتحصيل حقوق المتضررين كإيرادات لها يتسبب في تضخيم إيرادات الجهة والدولة بمبالغ ليست في حقيقتها مستحقه للدولة ولا يشتمل عليها نظام الإيرادات الذي حدد مصادرها، وفي الجانب الآخر فانه سبق لنا ككتّاب والكثير من المواطنين المطالبة بكشف الممارسات والتلاعب من مديري صناديق استثمارية لمصالحهم الخاصة ومسؤولي شركات بالسوق باستغلال المعلومة والتلاعب بالقوائم المالية والإعلانات، والتي ثبت للهيئة بعد عدة سنوات صحة كل ماتمت المطالبة به في حينه وقبل انهيار 2006م وماتلاه من انهيارات، فان الهيئة لا تعفى من مسؤولية التجاهل لذلك وتحمل جزء من التعويض المستحق للمتضررين او الإلزام بصرفه لهم وخصوصا أنها صادرت لصالحها مئات الملايين كما انه ثبت لها أن من بين المخالفين الذين اثروا بأموال المواطنين مديري صناديق استثمارية في البنوك التي كانت تدعو الهيئة والبنوك للاستثمار فيها باعتبار أنها استثمار يدار من متخصصين وكأقل مخاطرة!
ولان ما تطبقه جهاتنا أو يمارسه مسؤولوها لا يعني دائما أن ذلك تطبيقا صحيحا للأنظمة ومفهوم حماية الحقوق، ولكون جهاتنا العليا تعيد النظر حاليا في الكثير من الأنظمة واللوائح بهدف تطويرها وتسهيل الإجراءات والشفافية بكل القرارات، فان المأمول استثمار تلك التوجهات في نشر ثقافة جديدة لدى مسؤولي جهاتنا التي تشرف وترخص للنشاط والأفراد العاملين به بإقرار حق المتضرر وتبني صرف الحقوق للمتضررين مع تحصيل الغرامات الخاصة بها، فليس من العدل أن تعلم الهيئة بدقة الربح الذي حققه المخالف من أموال المتضررين وفق كشوفات التداول وأرقام المحافظ والصفقات وتحصيله كاملاً لحسابها ثم تطالب المتضرر بإثبات حقه وإقامة دعوى خاصة به تأخذ سنين طويلة قد لا تتوفر لديه المستندات التي توفرت للهيئة واستأثرت بحقوقه.
نقلا عن الرياض