النفط فعلا كان ابنا بارا

04/02/2016 2
م. برجس حمود البرجس

كانت إيرادات المملكة من الصادرات النفطية "تريليونا وربع التريليون ريال" عام 2012، وهي الأعلى مقارنة بالسنوات الأخيرة.

طبعا الإيرادات هنا هي صافي الأرباح بعد خصم مصروفات شركة أرامكو التشغيلية والرأسمالية، أي أن هذا المبلغ هو ما دخل لخزينة المالية.

حجم الأموال التي دخلت الخزينة الأميركية للعام الماضي تعادل "تريليونا وربع التريليون ريال" من صادرات أميركا للخارج، ونحن نذكر هذه المقارنة لكي نوضح حجم الأعمال التي يجب أن تقوم بها المملكة لكي تستغني عن النفط كليا.

طبعا نحن نهدف إلى تنويع مصادر الدخل تدريجيا، بالإضافة إلى النفط والذي يمكن أن تصل إيراداته إلى تريليون ريال أو نصف تريليون أو حتى ربع تريليون.

صادرات الولايات المتحدة وصلت إلى 2.35 تريليون دولار، منها 1.64 تريليون دولار من السلع كالطائرات والسيارات والمعدات والأجهزة و710 مليارات دولار من تصدير الخدمات كبرامج مايكروسوفت والتقنيات.

ولنوعية هذه الأعمال المتقدمة، نعلم أن 30 % من قيمتها تصرف على الأجور والتي يعمل عليها 11.3 مليون شخص، أي أن معدل الرواتب 5200 دولار شهريا أو 20 ألف ريال كمعدل راتب شهري لمن هم يعملون على تصنيع وتقديم تلك الصناعات والسلع المتقدمة التي تصدرها الولايات المتحدة.

يدخل إلى الخزينة الأميركية مباشرة من تلك الرواتب 800 مليار ريال كضرائب على الرواتب من مصنعي تلك الصادرات، ولو افترضنا أن معدل دخل الخزينة الأميركية من الجمارك والرسوم على تلك الصادرات يصل إلى 5 % فتكون الإيرادات منها ما يعادل 450 مليار ريال سعودي.

إذًا مجموع ما يدخل على الخزينة الأميركية من الصادرات ما يعادل "تريليونا وربع تريليون ريال"، وهذا يعادل أعلى دخل سنوي للمملكة من الصادرات النفطية كما ذكرنا في بداية المقال.

هذا التوضيح فقط لنعرف "حجم" الأعمال التي يجب أن نقوم بعملها فيما لو أردنا الاستغناء عن النفط وإيجاد إيرادات من خارج المملكة تعادل أكبر دخل من النفط والذي كان في عام 2012، وهذه الأعمال تقف خلفها استثمارات عالية على البحوث والتطوير والاستثمارات على الإنسان وبناء دور للفكر وبيوت الخبرات Think Tanks كي تنتج تلك الصناعات والخدمات المتقدمة.

لاشك أن الجميع يتفق أن الوصول إلى هذه الأعمال صعب جدا، ويحتاج إلى استثمارات وإدارة وإرادة ودراية وعمل شاق، نحن لا نطمع إلا إلى الوصول لرُبع هذا العمل في السنوات العشر القادمة أو حتى بعد 20 سنة، ولم يعد دخل النفط مصدر ثقة حتى وإن ارتفعت أسعاره، والجميع يتفق أنه لا بد من بداية جدية للعمل السليم وإن كانت قليلة في بداياتها وترتفع تدريجيا.

العمل لأي دولة على "البحوث والتطوير" يدل على صناعات وخدمات ومخرجات تلك الدولة، وهذه الأعمال تدل على وجود بطالة من عدمها، وتدل على إيرادات للخزينة من عدمها.

عندما نعلم أن صادرات (تايلاند) السنوية أكثر من 870 مليار ريال مع أنه ليس لديهم نفط، وهذا يعادل 80 % من صادرات المملكة النفطية عندما كان النفط بسعر 100 دولار قبل انخفاضه إلى 50 و30 دولارا، ويبلغ عدد سكان تايلاند 68 مليون نسمة، ومنهم 40 مليون شخص داخل سوق العمل، منهم فقط بطالة أقل من 1 %.

تايلاند تعتمد على الصناعات المتوسطة في تصنع السيارات بأعداد تساوي نصف صناعات ألمانيا وكوريا الجنوبية وربع صناعة السيارات في أميركا واليابان، وأيضاً تصنع وتصدر المكيفات والثلاجات وكثيرا من المعدات والأجهزة والحواسيب الآلية، لتجزم أنه لا توجد لديهم بطالة بمجرد معرفة منتجاتهم، وتعلم أن دخل الخزينة سيكون مستقرا ما لم يكن هناك انهيار اقتصادي عالمي. 

نقلا عن الوطن