ما أسباب الخسائر في بعض الشركات البتروكيماوية، وما الحل؟

26/01/2016 9
د. سليمان الخطاف

أعلنت الشركات البتروكيماوية نتائجها المالية للعام 2015 وكانت معظمها مخيبة للآمال بسبب الازمة الاقتصادية العالمية التي ادت الى انخفاض ملحوظ في اسعار المنتجات الاساسية.

ويجب التأكيد على ان اسعار لقيم البتروكيماويات في المملكة في عام 2015م كانت من الارخص في العالم، وحتى لقيم البروبان انخفضت اسعاره لانخفاض اسعار النافثا باليابان بالاضافة الى خصم حوالي 28% للشركات المنتجة بالمملكة كدعم من الحكومة.

لا شك ان انخفاض اسعار البتروكيماويات في الاسواق العالمية قد اثر على ربحية الشركات.

اعلنت كل من التصنيع وبترورابغ وكيان عن خسائر كبيرة للعام 2015م. ويتكون معظم انتاج هذه الشركات من البلاستيك الخام مثل البولي ايثيلين بانواعه والبولي بروبيلين ومنتجات الجلايكول الاساسية.

ولقد تعرضت اسعار هذه المواد الاساسية لبعض الانحدار بسبب انخفاض اسعار النفط والازمة الاقتصادية التي يعيشها العالم. ولكن لا تزال اسعار هذه المواد معقولة.

فعلى سبيل المثال يباع طن البولي ايثيلين بحوالي 1000 دولار وتبلغ تكلفته النقدية بالمملكة ما بين 200-500 دولار بحسب اللقيم المستخدم. ويبلغ السعر الحالي للبولي بروبلين حوالي 800 دولار للطن وبتكلفة نقدية تقدر بحوالي 400-600 دولار للطن.

ومما يثير العجب ان بعض الشركات الأخرى المنتجة لهذه البتروكيماويات في المملكة قد اعلنت ارباحاً مجزية.

وعلى سبيل المثال تنتج الشركة المتقدمة بلاستيك البولي بروبلين فقط واعلنت عن ارباح تقدر بحوالي 700 مليون ريال وبانخفاض 5% فقط عن ارباح عام 2014م، وهذا الانخفاض كان بسبب انخفاض اسعار البولي بروبلين العالمية وهذا شيء معقول ومقبول.

واعلنت في نفس الوقت شركة بتروكيم التي تنتج سنوياً 1.1 مليون طن من البولي ايثلين و0.4 مليون طن من البولي بروبيلين عن ارباح تقدر بحوالي 900 مليون ريال بزيادة تقدر بحوالي 17% عن ارباح عام 2014م. اذاً انخفاض اسعار البولي ايثيلين والبولي بروبيلين المحدود في عام 2015م لا يمكن ان يؤدي الى خسائر.

وفي المقابل خسرت شركة بترورابغ في عام 2015م حوالي 756 مليون ريال. هذا رغم انخفاض اسعار النفط والذي كان من المفترض ان يكون ايجابياً لصناعة التكرير.

والامر المحير ان بترورابغ ربحت في عام 2014م 600 مليون ريال عندما كانت اسعار النفط مرتفعة. والجدير بالذكر ان نتائج بترورابغ تشهد تذبذباً حير المحللين فلقد ربحت 208و66 و489 و359 مليون ريال في الاعوام التالية 2010 و2011 و2012 م و2013م على التوالي.

وهذا ما اوجد حيرة وتساؤلات لدى المتابعين، وعلى ضوء هذه النتائج المخيبة للآمال هل سيقبل الجمهور على الاكتتاب بالمرحلة الثانية لهذا المشروع المشترك؟ استثمر كثير من الناس اموالهم في هذه الشركة الفتية ظناً منهم ان وجود ارامكو والشريك الياباني سيجعل منها انموذجاً لكل شركات المنطقة والعالم ولكن استيقظنا على اعلان اقرب الى الخيال معاودة الخسائر مرة اخرى.

والجدير بالذكر ان بترورابغ تنتج سنوياً 900 الف طن بولي ايثيلين عالي ومنخفض الكثافة و700 الف طن بولي بروبلين وحوالي 600 الف طن اول ايثل جلايكول ومنتجات التكرير كالجازولين والديزل التي من المفترض ان ترفع ربحيتها مع انخفاض اسعار النفط.

وهنا للمرء ان يتساءل كيف سيكون اداء الشركة في المستقبل بعد رفع سعر لقيم الايثان الى 1.75 دولار؟ الحقيقة ان سعر سهم الشركة الحالي البالغ حوالي 8 ريالات يعكس الحالة الصحية المتدهورة لهذا المشروع العملاق.

واما شركة كيان فتنتج حوالي 700 الف طن سنوياً من البولي ايثيلين وحوالي 600 الف طن من الجلايكول وحوالي 350 الف طن من بلاستيك البولي بروبيلين ومنتجات كيماوية متخصصة اخرى لكن بكميات اقل.

أعلنت شركة كيان عن خسارة 1.42 مليار ريال رغم ان الشركة تنتج البتروكيماويات منذ اكثر من 6 سنوات.

والجدير بالذكر ان خسائر الشركة في عام 2014م كانت 44 مليون ريال فقط وكنا نأمل ان تكون النتائج الحالية إيذاناً بانطلاق كيان لتصبح احدى اهم الشركات البتروكيماوية بالعالم لانها منتج رئيس للبولي كربونات والبسفينول وغيرها.

لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ويبقى سعر سهم الشركة البالغ حوالي 4.5 ريال ابلغ من يشرح حالة الشركة ومستقبلها.

وفي نفس السياق نمت شركة التصنيع الوطنية لتصبح ثاني أكبر شركة سعودية صناعية وثاني أكبر منتج لثاني أكسيد التيتانيوم في العالم.

لكن حالها الآن لا يسر فلقد اعلنت خسائر تقدر بحوالي 1.42 مليار ريال لعام 2015م مقابل ربح اكثر من مليار ريال في عام 2014م. والجدير بالذكر ان شركة التصنيع ربحت في عام 2008م حوالي 600 مليون ريال وهو ما يضع اكثر من علامة استفهام.

تنتج التصنيع حوالي مليون طن من البولي ايثيلين وحوالي 0.7 مليون طن من البولي بروبلين وبالاضافة الى منتجات اخرى اهمها حامض الاكريليك وثاني اكسيد التيتانيوم.

لكن انتاجها من البلاستيك المنخفض الكلفة من المفترض ان يكون سدا منيعا ضد الخسائر. وصل سعر سهم التصنيع حالياً الى حوالي 8.5 ريال وهذا يعني ان الافراد والمؤسسات الاستثمارية قد خسرت مئات الملايين من الاستثمار بهذه الشركة.

وفي الختام لقد فقدت اسهم هذه الشركات الثلاث حوالي 36 مليار ريال من قيمتها في عام واحد. الاكيد ان لكل شركة ظروفها الصعبة من ايقاف للمصانع بغرض الصيانة والقروض وانتاج منتجات عالية الكلفة مثل كيان وتكامل صناعة التكرير بصناعة البلاستيك مثل بترورابغ والاستحواذ على شركة كريستال بالنسبة للتصنيع ولكن ما ذنب المستثمر؟.

لذلك فان تشكيل لجان حكومية من وزارة التجارة والصناعة ووزارة البترول والهيئة الملكية لدراسة احوال الشركات الخاسرة ومحاولة مساعدتها هو امر ايجابي يهدف الى حماية اموال المستثمرين.

ولا سيما ان صناعة البتروكيماويات العالمية مقبلة على مرحلة حاسمة مع اقتراب رفع الانتاج الامريكي من البولي ايثيلين بحوالي 10 مليون طن وعدة ملايين اخرى من البولي بروبيلين والميثانول هذا عدا الطاقات الكبيرة القادمة من الصين وهو ما سوف يعرض الاسعار الى مزيد من الانخفاض.

لا بد من معالجة ودراسة احوال هذه الشركات حتى تستطيع المنافسة مع زخم المنتجات الامريكية والصينية القادمة بعد حوالي 3 سنوات.



نقلا عن اليوم