شركات استشارية توصي بالبيع خلال أيام الانهيار!

24/01/2016 8
عبدالرحمن الخريف

خلال الأيام التي تحترق فيها أموال المتداولين بسوقنا كباقي الأسواق المالية ويتطلع الجميع لأي بارقة أمل لإيقاف هذا النزيف المتسارع بمؤشر وأسعار السوق، تخرج علينا تقارير رسمية صادرة من شركات مرخصة استشارية واستثمارية معظمها تابعة للبنوك توصي صراحة ببيع أسهم العديد من الشركات وتؤكد بان أسعارها بعد انهيارها الأخير مازالت مرتفعة وغير استثمارية، مع انه سبق لها قبل عدة أشهر ان حددت اسعارا عادلة لنفس أسهم الشركات بأعلى من أسعارها السوقية حينها كتوصية بالشراء.

ومع حرص هيئة السوق المالية على تتبع المواقع ووسائل التواصل التي تصدر توصيات صريحة عن الأسهم باعتبار ان ذلك تضليل او تأثير على سلوك المتداولين، الا انه مازال هناك تجاهل منها كجهة رقابية للتوصيات الصريحة التي تصدرها شركات الوساطة والمكاتب الاستشارية للعموم بالبيع والشراء مع ان هناك تضارب مصالح بكونها شركات وساطة واستشارات تتبع بنوكا مطلعة على الحسابات والمحافظ وتدير صناديق ومحافظ استثمارية ضخمة وبالتأكيد تؤثر توصياتها على مستوى التداولات وتوجيه المتداولين! وقد سبق ان كتبت وآخرون عن تلك التناقضات لإيقافها لحماية السوق من ممارسات قد تستغل للتأثير على نفسيات المتداولين واستقلالية قراراتهم، بل ان بعض تلك التوصيات كانت تأتي لسوقنا من شركات عربية بأسماء اجنبية لزيادة المصداقية، مع انها شركات استشارية لاستثمارات أجنبية بالسوق وقد انكشف هدف تمجيدها لسوقنا وترحيبها المبالغ فيه بقرار فتح السوق للأجانب بان ذلك لاقتناص أكبر قدر ممكن من ثرواتنا للهرب بها قبيل الانهيار، وهو ما تؤكده إحصاءات ملكية الأجانب باتفاقيات المبادلة المنخفضة فور اعلان القرار، والأسوأ سنراه عندما تعود بعد الانهيار للدخول ومن ثم إعادة بيع شركاتنا علينا بأسعار أعلى وبدعم تقارير شركاتهم.

ومع ان هناك فائدة من تقارير شركات الأبحاث والاستشارات المالية عن السوق وشركاته للمستثمرين والمتداولين بالسوق والتي نتطلع لها لرفع مستوى الثقافة الاستثمارية لهم لكونها تفسر بأسلوب مبسط القوائم المالية ونسب النمو مدعمه بإحصاءات وتوقعات عامة، الا ان طريقة اعداد بعض التقارير لدى بعض الشركات غير مناسبة وربما تستغل من مديري المحافظ ضد المتداولين بسبب انها تعطي توصيات صريحة قد ينخدع بها البعض، لكون السعر الاستثماري لأي شركة يعتمد على عدة عوامل ويتحول سهم الشركة في حال ارتفاعه عن المستوى الاستثماري الى سهم مضاربي وهو ماشاهدناه في اكثر من شركة تمت المبالغة في تقدير سعره العادل من قبل تلك الشركات الاستشارية، ولتنخفض نسب الملكية لبعض كبار الملاك مع ارتفاع سعر السهم وقربه من السعر العادل الذي قدرته شركة الوساطة او التي تدير المحافظ.

فالرقابة على كل مايؤثر على تداولات الأسهم بالسوق يجب ان يشمل جميع المتعاملين وشركات الوساطة والاستشارات والبنوك ومديري المحافظ ومراسلي القنوات الفضائية، وان لا نستثني أي جهة من فرض الرقابة لكونها شركة استشارية او قناة فضائية، فالملاحظ انه وقت ارتفاع السوق تكثر المحفزات وتصدر التقارير التفاؤلية ويتم استغلال الاعلام في ذلك لجذب السيولة وزيادة حجم التسهيلات للمحافظ، ثم فجأه يستغل أي حدث سلبي لإحداث انهيار سريع بدعم من تقارير شركات استشارية واشاعات مع مبررات منطقية لإقناع المتداولين وليتم بعد الانتهاء من تسييل المحافظ وافلاس المتداولين بث اللقاءات المطمئنة بالقنوات الفضائية والنفي للإشاعات واتهام صغار المتداولين بالاندفاع بالبيع متجاهلين من اوصاهم بذلك وهي الشركات المرخصة لتقديم خدمات استشارية واستثمارية، وليبقى ان لا ننسى ان الشركات التي اوصت بالبيع أيام الانهيار ستسارع برفع تقييمها لتلك الأسهم فور بث التصاريح المطمئنة بقوة الاقتصاد.

نقلا عن الرياض