فرص توسع الصناعة السعودية

20/01/2016 1
مازن السديري

قامت قواعد الصناعة السعودية في البداية على تيسير التمويل النقدي الناعم عبر صندوق التنمية الصناعية وتيسير الموارد اللازمة مثل الأرض والخدمات اللوجستية والتي تيسرت منذ السبعينيات الميلادية، وصاحب تلك الفترة بداية ظهور سابك كشركة إنتاجية تستغل الغاز الطبيعي، والذي بكل بساطة كنا نقوم بحرقه ولسنوات، اتضح في ما بعد أن هذا الغاز ثروة حقيقية حيث كان له الفضل في امتلاك المملكة قاعدة صناعات بتروكيميائية على مستوى عالمي لم تستطع دول أخرى تمتلك الغاز المصاحب تحقيقه مثل روسيا حتى اليوم.

أصبح رخص المدخلات الصناعية والطاقة أساس التنافسية في الصناعة السعودية والجذب للاستثمارت الأجنبية الصناعية لأن أي استثمار صناعي يعتمد على رخص المدخلات والقرب من المواد الخام أو رخص الأيادي العاملة أو توفر بيئة بحث وتطوير، وكان رخص الطاقة والمدخلات أكثرها وضوحاً في المملكة قياساً بجميع البيئات الصناعية في العالم، وإن كانت نيجيريا أرخص لكنها تفتقد الأمن.

للأسف خارج صناعة البتروكيماويات يوجد نماذج محمودة لنجاح الصناعي السعودي في التوسع وخلق فرص عمل للمواطنين ورفع حجم الصادرات الوطنية، الباقي عبارة عن ورش تقوم على عمالة أجنبية رخيصة لا تخلق قيمة مضافة، وأغلبها مخصص للسوق المحلية وليس للتصدير، هيئة (مدن) جهّزت مجموعة مواقع صناعية مصاحبة ببنية اجتماعية مثل المدارس والخدمات الصحية ممكن أن تساعد على إعادة التوزيع الديمغرافي للسكان، لكن للأسف أغلب هذه المصانع لا تزيد على ورش لن تخلق فرص عمل للمواطنين لأنها صناعة بسيطة، والمشكلة أن الصناعة النوعية ذات نمو مستمر بحكم تطورها التقني وارتباطها بالصناعة البحثية والمعرفية لا تستطيع (مدن) لوحدها جذبها، هذه الشركات العملاقة بحاجة إلى شراكة، وغياب رخص الطاقة يزيد المهمة صعوبة.

تبقى صناعة المعرفة وتشجيع العمل البحثي عبر القطاع الخاص ليكون منطقياً ومبرراً، ممكن أن نصرف المليارات على البحث العلمي والنتيجة صفر أو أسوأ، لذلك يفضّل الإنفاق عبر القطاع الخاص سواء في الصناعة الطبية أو الطاقة وغيره، ويكون هناك تشجيع عبر التمويل الناعم، ما رأيكم بتأسيس صندوق للأبحاث بعد أربعين عاماً من تأسيس -والده- (صندوق التنمية الصناعي).

لقد تحدث الدكتور عاصم العقيل في حوار في هذه الصحيفة منذ أيام عن ضعف حجم الاستثمارات المعرفية في المملكة قياساً بدول العالم المتقدم وحجمها الاقتصادي، وكان يطمح أن يصل إلى حجم 2% من حجم الناتج المحلي حسب توصية مجلس الشورى.. وأنا في رأيي لا بد أن يصل إلى أكثر من ذلك مثل كوريا وتايوان؛ لكن المهم أن يكون مبنياً على قواعد استثمارية من القطاع الخاص وفتح الباب للخبراء لتسهيل صناعة المعرفة وليس الإنفاق الكمي غير النوعي.

نقلا عن الرياض