نحن بحاجة إلى نهج كمقولة تستخدم في تحسين الأداء do more with less resources أي "أنجز أكثر باستخدام موارد أقل"، نهج محفز لتنفيذ أعمال الميزانية التي صدرت بموارد أقل من السابق بينما التطلعات للإنجازات كبيرة؛ فليس هناك مكان إلا للتميز والتركيز والإنتاجية.
حُدِدت المصروفات العامة للميزانية العامة لعام 2016 بمبلغ 840 مليار ريال، وهذا انخفاض عن مصرفات عام 2015 بمبلغ 135 مليار ريال، وبذلك متوقع أن يصل العجز إلى 326 مليار ريال.
وفي التفاصيل للقطاعات، انخفضت الميزانيات لجميع القطاعات والتي ستلامس الأجور، وعقود التشغيل والصيانة، وعقود المشروعات؛ ولم تتوافر معلومات كافية للتفاصيل ولذلك أتوقع أن يكون التأثير الأكبر على المشروعات الجديدة، وبالتأكيد سيكون هناك تأثير على عقود التشغيل والصيانة، أما الرواتب الأساسية فلن تتأثر ولكن البدلات ستتأثر كثيرا، وأتوقع أن يلاحق التأثير عقود وظائف التشغيل غير الرسمية.
تحدثت الميزانية عن رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي وهذا ممتاز وسيعوض الكثير، ولكن مدى تحقيقه سيتحدد من فعاليته لتحقيق النتائج المرجوة، ويبقى السؤال: هل رفع الكفاءة سيعوض الفرق والفجوة؟ على النطاق الشخصي، أؤكد أن الميزانيات السابقة كان بها هدر كبير في التنفيذ، ونحن أمام المحك الحقيقي في هذه الميزانية، وهذا يستوجب تأسيس وزارة لإدارة المشروعات وعقود التشغيل لتكون المسؤولة الوحيدة أمام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
في الميزانية، خصص لقطاع التعليم والتدريب والقوة العاملة 192 مليار ريال بعد أن كانت الميزانية المخصصة لنفس القطاع 217 مليار ريال في العام الماضي 2015، أي بنقص قدره 25 مليار ريال، ولمعرفة حجم هذا المبلغ عندما نقارنه بمشروعات بناء المدارس فقط فإنه يكفي لبناء 1600 مدرسة وهذا يعادل عدد المدارس التي بُنيت في 3 أعوام 2012، 2013، و2014.
خصص لقطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية 105 مليارات ريال بعد أن كانت الميزانية المخصصة لنفس القطاع 160 مليار ريال في العام الماضي 2015، أي بنقص قدره 55 مليار ريال. ولمعرفة حجم هذا المبلغ عندما نقارنه بمشروعات بناء المستشفيات فقط فإن هذا المبلغ يكفي لبناء مستشفيات تعادل 40 % من المستشفيات الحالية العامة والخاصة والعسكرية، وهذا الانخفاض سيعتمد على استراتيجية خصخصة المستشفيات والتي لم نتفق معها وكتبت عنها مقالا قبل شهرين، وأرى أن الدافع لها هو عدم قدرة الوزارة على بناء وإدارة المستشفيات، فالمخرج كان الخصخصة.
خصص لقطاع الخدمات البلدية 21 مليار ريال بعد أن كانت الميزانية المخصصة لنفس القطاع 40 مليار ريال في العام الماضي 2015، أي بنقص قدره 19 مليار ريال أي النصف. وخصص لقطاع التجهيزات الأساسية والنقل 24 مليار ريال بعد أن كانت الميزانية المخصصة لنفس القطاع 63 مليار ريال في العام الماضي 2015، أي بنقص قدره 39 مليار ريال أي الثلثان. فالمبلغ المنتقص في هذين القطاعين كبير جدا مقارنة بالعام الماضي.
المملكة تمر بظروف تنموية صعبة، انخفاض في الإيرادات، وإنفاقات مرتفعة لمواكبة النمو والتطور، ولذلك لا نحتاج فقط لرفع كفاءة الأعمال بل لتغيير جذري لنحصد مخرجات توازي ما تحصده الدول المتقدمة، وهذا ما يجعل الأمر صعب بنفس الآليات والمنظومات التي تعمل للانتقال إلى القمة.
لا يوجد مستحيل، ولكن النوايا والعزيمة والحكمة ليست كافية لتحقيق التطلعات؛ نحن بحاجة إلى دماء جديدة قادرة على تخطي الصعوبات وتجاوز التحديات، وخطط استراتيجية تحقق الأهداف المرجوة.
نقلا عن الوطن