أسوأ كابوس يمكن أن يمر على سوق المال

07/01/2016 8
خالد بن عبد العزيز العتيبي

أسوأ كابوس يمكن أن تمر فيه سوق المال السعودية ويتحقق فعلاً هو الذي لم يأت بعد، ليس في انخفاض أسعار النفط، وما سوف يتركه من تأثيرات غير إيجابية بالرغم من أنه الشغل الشاغل لكثير من المديرين الإستراتيجيين للمحافظ وما لهذا الانزلاق السعري للنفط من انعكاس بتبعاته السيئة على أداء النسبة الكبيرة من الشركات السعودية. بل أسوأ كابوس يمكن أن يمر فيه سوق المال في المملكة هو تواجد حجم ضخم من الاستثمارات الأجنبية في السوق السعودية.

وما لم يتم تقليم مخالبها كما ذكرت سابقاً، والتشديد على ابتعادها عن المضاربات فإنها من الممكن أن تكون ضارة وغير مفيدة، فالحقيقة وطوال السنوات الماضية فإن سوق الأسهم تعاني من الحجم الكبير للأموال المحلية المتدفقة إليها، ولا تعاني من قلتها، وهي الميزة التي لم تسجل لأسواق مالية أخرى في منطقة الشرق الأوسط بأكمله، وربما على مستوى كثير من بلدان القارات الآسيوية والأفريقية والأوروبية وأمريكا الجنوبية.

فالكفاح الذي كانت تواجهه السوق حالياً في مقاومة هبوط شديد ومنذ بداية العام هو أبرز ما ظهر، وإن كان ذلك يبعث بمؤشرات بعيدة المدى على أن الأداء المؤسسي لمؤسسات الاستثمار السعودية بدأ يلقي بثماره حالياً إلا أن القادم سيوضح الصورة بشكل أدق، وهذا الجهد جاء بعد سنوات طوال من العمل ليكون هذا الاستثمار داعماً للسوق وباعثاً لاستقراره، وهو ما رأيناه منذ بداية العام حيث أنتجت السوق المالية السعودية الأحد الماضي ارتفاعاً وتماسكاً بالرغم من الظروف والمستجدات التي تمر فيها المنطقة، فيما استهلت أسواق المال العالمية عامها على عاصفة من الانخفاضات استدعت أحد إستراتيجيي الأسواق المالية العالمية أن يعلق على ذلك ويصف تزامن تحركاتها في اتجاه هابط بأنها "جاءت عنيفة كما لو كانت ألعاباً نارية تنطلق في أسواق المال احتفالاً بالعام الجديد".

بالطبع، فإن مثل تلك النيران التي اشتعلت في تلك الأسواق أوقدتها في رأيي الاستثمارات الأجنبية حين أخذت في الهروب من تلك الأسواق، وهذا ما ترك آثاره على السوق الصينية التي استدعت تدخلاً مباشراً من الحكومة الصينية لإنقاذ السوق من الذعر الذي اجتاحها من البيانات المخيبة السيئة لأداء قطاع التصنيع والقراءات المستقبلية لتوابع ذلك الأداء الذي استدعى الاستثمارات الأجنبية لقراءة مستقبلها ومحاولة الفرار من السوق الصينية.

هذا الفرار للاستثمارات الأجنبية تدعوني لأن أحمد الله على لطفه وتقديره بأن الاستثمارات الأجنبية لم تنكب على سوقنا المالية بضخامة وكما كان يُصَور لها قبل قرار السماح، وأن استثماراتها ما تزال ضئيلة جداً وقد لا تذكر، وإلا لكانت أول من يفر، بعد أن تكون قد أغرقت سوقنا المالية بالذعر الذي تستمده من تلك الأسواق التي طالت فيه المخاوف أسواق أوروبا والولايات المتحدة تباعاً.

صحيح أن الظروف والعوامل الأساسية لا تساعد سوق المال على أي انتعاشة مقبلة كتتابع انخفاض أسعار النفط وهو ما سجل بالأمس عند أدنى مستوياته منذ 11 عاماً، وأن نتائج مخيبة للشركات المساهمة السعودية في طريقها لأن تضغط على السوق، وما يحدث من مستجدات تمر فيها منطقة الشرق الأوسط وتوترات وأحداث، إلا أنه أمام تلك الظروف الضاغطة فإن حركة السوق صعوداً وهبوطاً في وضعها المعتاد، ولم يلحظ أحد من خلال أداء السوق أن هناك مبالغة في حجم المخاوف وتحولها إلى ذعر يدب في نفوس المستثمرين.

بكل صراحة لو كان الاستثمار الأجنبي متواجداً في سوق الأسهم السعودية بكثافة وبضخامة، لكانت الانخفاضات التي لحقت بالسوق أمس أشد مما كانت عليه، وليس بالأمس فقط بل منذ بداية العام حين يستورد الذعر وينشره.

نقلا عن الرياض