إنقاذ صناعة التأمين في المملكة العربية السعودية (3)

05/01/2016 1
د. عبد العزيز بن سعد الدغيثر

تقدم في المقال السابق بيان لأهم إشكال في اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، وفي هذا المقال بيان لبعض ما انتقده القانونيون في صياغة اللائحة ومضمونها.

فقد ورد في المادة (61) أن المؤسسة في حال عدم موافقتها على برنامج الاستثمار المقدم لها من الشركة فإن على الشركة أن تلتزم بالأوعية والنسب الواردة بالجدول رقم (1)، وقد جاء في الجدول رقم (1): ودائع لدى بنوك محلية 20% على الأقل، سندات حكومية 20% على الأقل، كما اشتمل الجدول نفسه على الاستثمار في سندات حكومية أجنبية وسندات مصدرة من شركات محلية وشركات أجنبية بنسبة 5% في كل منها، وهذا محل انتقاد كبير، لكون السندات تقوم فكرتها على العوائد الثابتة لأصل السند، وهذا لا يتوافق مع أحكام الشريعة.

ويمكن تعديل ذلك باستثمارات قليلة المخاطر في غير السندات.

ويقترح أن ينص في المواد (59 ، 60 ، 61 ، 62) المتعلقة باستثمار أموال شركة التأمين وأموال الاشتراك بأن يكون وفقاً للضوابط الشرعية.

كما أنه لم يرد في اللائحة تعريف للتأمين التعاوني وضوابطه، مع أن النظام قائم على التأمين التعاوني.

ويلحظ المختصون في التأمين أن المادة الثانية والأربعين التي تتحدث عن إعادة التأمين لم ينص فيها على أن يكون إعادة التأمين بأسلوب التأمين التعاوني حتى يتفق مع الممارسة المسموح بها نظاماً في المملكة، بل إنه فتح الباب لممارسة إعادة التأمين مع شركات التأمين التجاري.

إضافة إلى ذلك فقد نصت اللائحة في المادة الرابعة منها على شروط الترخيص ولم تورد أي بند يشير إلى وضع الآليات التي تكفل انضباط عمل شركات التأمين بما يحقق المادة الأولى من النظام.

كما تحدثت المادتان الحادية والخمسون والثانية والخمسون عن وثائق التأمين النموذجية مع إغفال أي معيار شرعي.

وألزمت المادة الثانية عشرة الشركات وأصحاب المهن الحرة بممارسة نشاطهم وفق الأصول المهنية ولم تتطرق للأصول الشرعية.

وتبرز أهمية تصحيح مسار التأمين في توافق اللائحة مع النظام الصادر بالمرسوم الملكي، ووضع اللوائح التنفيذية بصيغتها الحالية مخالف النظام في جوهره.

وفي تعديل المسار تحفيز لأفراد المجتمع بتقبل منتجات صناعة التأمين، مما يحقق ازدهار صناعة التأمين في المملكة العربية السعودية.

لأن كثيرا من الناس أعرض عن منتجات التأمين لمخالفته الفتاوى الشرعية من الجهة المعتمدة في الدولة، وقد ألزمت الدولة بالتأمين في بعض المجالات، فصرنا نسمع فتاوى نصها: (إذا ألزمت بالتأمين فأمّن والإثم على من ألزمك)، وهذا فيه تشويه لسمعة مؤسسة النقد، وإحراج لها أمام الناس، مع وجود البديل الشرعي المناسب والمقبول. 

وخلاصة هذا المقال أن على الجهة المنظمة للتأمين مسؤولية كبيرة في تخصيص مادة في بداية اللائحة توضح معنى التأمين التعاوني وضوابطه.

وإضافة مادة تنص على التزام شركة التأمين بأن تكون جميع أعمالها وأغراضها واستثماراتها لأموالها لأموال المؤمنين وفق أحكام الشريعة الإسلامية.

مع ضرورة تعديل التعريفات في اللائحة بما يتلاءم مع حقيقة التأمين التعاوني وتعديل المواد التي تتعارض مع مبدأ التأمين التعاوني.