برنامج التحول الوطني الذي يتبناه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يعكس حجم التحديات الاقتصادية التي نواجهها خاصة مع التراجع الكبير في أسعار النفط، ولكي يصبح هذا البرنامج برنامج إصلاح اقتصادي حقيقي وشامل فإن علينا أن نكون مستعدين لتحديات لابد أن تواجه مشروعاً طموحاً كهذا أهمها التالية:
1 - أن المشكلة ليست في تحديد ما الذي يجب القيام به، فلدينا قدرة تامة على تشخيص مشكلاتنا ووضع الحلول الناجعة لها، والتحدي الأهم هو مدى استعدادنا وقدرتنا على القيام بما نعلم يقيناً أنه مطلوب وضروري لتحقيق إصلاح اقتصادي حقيقي شامل.
2 - أن الإصلاح الاقتصادي ليس نزهة وطريقه ليس مفروشاً بالورود ويحتاج إلى جهد دؤوب ومواجهة مستمرة مع قوى ضغط متباينة لا ترغب في حدوث أي تغيير يضر بمصالحها، وأي برنامج إصلاح اقتصادي يحاول تفادي أي من ذلك سيفقد معظم أو حتى كل جدواه.
3 - أن برنامج الإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن يكون مبهماً وغير واضح المعالم ويجب أن يكون في غاية الشفافية، ليس فقط في محتوى البرنامج وإنما في أهدافه ونتائجه المأمولة.
فمثل هذا الوضوح يتيح نقاشاً وطنياً يسمح بمشاركة منهم خارج دائرة صنع القرار في تطوير الأفكار المطروحة وتصحح أي أخطاء في البرنامج وجعل أهدافه أكثر واقعية، كما يزيد من قدرة الحكومة على الدفاع عن البرنامج باعتبار أنها كانت شفافة مع الجميع.
4 - أن مقاومة الإصلاح الاقتصادي ترتبط عادة بما قد يترتب برنامج الإصلاح من تغير في الموقف النسبي للفئات المختلفة في المجتمع، وبالتالي من الضروري ألا يكون برنامجا لإصلاح جزئي يخل بهذا التوازن.
فمثلاً تخفيض الدعم الحكومي دون اتخاذ خطوات حقيقية لمحاربة الفساد وضبط الإنفاق الحكومي والقضاء على كافة إشكال هدر المال العام يُحوّل برنامج الإصلاح الاقتصادي إلى برنامج ضغط إضافي على الفئات الأدنى في المجتمع فيتردى موقفها النسبي بصورة تُفقد البرنامج مصداقيته وتجعل الضغط أكبر على الحكومة لوقف تنفيذ أي خطوات إصلاحية مستقبلية، بل حتى التراجع عما تم اتخاذه من إجراءات.
5 - أن برنامج الإصلاح الاقتصادي لا يحقق في الغالب نتائج إيجابية سريعة تزيد من شعبية بل على العكس من ذلك فأحد مؤشرات صحته وصدقيته هو حجم الاعتراض عليه ومقاومته، وبرنامج التخصيص أحد الأمثلة البارزة على ذلك.
فأي برنامج تخصيص حقيقي يعني بالضرورة تقليص عدد الموظفين وربما تخفيض أجور من بقي منهم، لا أن ينفلت الجهاز المرشح للتخصيص من قيود المالية الحكومية، فتتضخم تكاليفه التشغيلية بصورة تجعل من المستحيل تخصيصه مستقبلا،وهو ما نراه يحدث حالياً في عدة أجهزة حكومية يفترض أنها في مرحلة ما قبل التخصيص.
نقلا عن الجزيرة