جاء قرار مجلس الوزراء بوقف زراعة الأعلاف ليكون أول منع في تاريخ الزراعة السعودية، رسم منعطفا لبداية تصحيح وضع القطاع الزراعي برمته، المؤشرات تقول لن يكون الأخير، بالنسبة للقمح لم يكن هناك قرار بوقف زراعته.
كان بوقف الدعم المالي لزراعته، نتيجة لذلك توقفت زراعته لأنها غير اقتصادية، كانت وزارة الزراعة تشتري القمح بأسعار تفوق الأسعار العالمية.
بعد قرار مجلس الوزراء بوقف شرائه توقفت زراعته، وهذا ما حصل لزراعة الشعير أيضا، سعت وزارة الزراعة لأن تكون زراعة القمح في المملكة انجازا تاريخيا لكن استنزافه المياه الجوفية المحدودة شكل رسوبا تاريخيا مدويا للإنجاز ووزارته.
إن توقف زراعة القمح والشعير مؤشر خطير لتطلعات غير مناسبة للبيئة، الفشل أكّد صحة إدعاء أمثالي ممن عارضوا توجه الوزارة منذ البداية.
هذا يعني أن دراسات الجدوى الاقتصادية لزراعة القمح والشعير غير صحيحة، فهل كانت الوزارة تعرف الحقائق وتجاهلتها؟! حتى يحصل المستثمر على قرض ومعونة، لابد أن يقدم دراسة جدوى اقتصادىة.
كيف تم تمريرها وقبولها من قبل الوزارة؟! زراعة القمح اعتمدت على أسعار الضمان فقط، تجاوز يستحق المساءلة.. خسرت الدولة مبالغ فلكية، ما بين (1975-1990) تم ضخ أكثر من (70) مليار ريال لمنتجي القمح في الصحاري الجرداء.
بعد توقف الدعم توقفت زراعة القمح والشعير، هكذا بكل سهولة واستهتار، ضاعت الأموال في استثمارات زراعية غير مستدامة.
هل كانت وزارة الزراعة تعرف ذلك وتجاهلت؟! استنزفت مياه الأجيال القادمة بشكل جائر.
توسعات زراعية أفقية قادت إلى خسائر مالية وإلى انخفاض حاد لمناسيب المياه الجوفية خلال فترة وجيزة.. كارثة بكل المقاييس.
مازالت هناك مؤشرات كوارث، ستدفع ثمنها الأجيال القادمة، من كارثة إلى أخرى شعار مازال مرفوعا.
التناقض شعار آخر مرفوع في المجال الزراعي، تحولت مساحات القمح والشعير إلى زراعة الأعلاف على حساب المياه الجوفية.
وجود شركات الأبقار والألبان العملاقة على مستوى العالم شجع على زراعة الأعلاف.
شركات تزرع وتشتري في نفس الوقت.
لا قيود تنظم الوضع الزراعي وتسيطر على نشاطه حفاظا على الماء.
نتيجة لذلك لم يحقق وقف دعم زراعة القمح والشعير الحفاظ على المياه الجوفية وحمايتها.. استمر استنزاف المياه الجوفية بشكل أعظم.
إن قرار وقف زراعة الأعلاف، بحاجة إلى قرارات أخرى، لصالح المياه الجوفية.
إن معالجة بقية الأوضاع الزراعية مطلب ضروري.. هناك زراعات سرطانية شاذة علميا وبيئيا.. زراعات طاغية على كل إمكانيات البلد المائية.
كنت أتمنى أن يكون وقف زراعة الأعلاف ضمن استراتيجية وخطط وبرامج زراعية.. في غيابها ستتبعثر أهداف القرارات التصحيحية.. الأمثلة قائمة.
قرار وقف دعم زراعة القمح جعل المستثمر يتحول إلى زراعة الأعلاف، وهناك التصدير والتوسع في زراعة النخل والزيتون والفواكه، وزراعات أخرى، تزيد الطين بلّة.
السؤال الأهم والأعظم كيف سيتم تنفيذ قرار وقف زراعة الأعلاف؟! في القمح توقف الدعم، نتيجة لذلك توقفت زراعته، تكلفة إنتاجه تزيد عن أسعاره في السوق العالمية، لا استبق الزمن، لكن المؤشرات توحي بعكس تطلعات القرار.
في حال تم نجاح تنفيذ القرار ميدانيا، فإنه سيخدم مناطق الصخور الرسوبية، مناطق المياه الجوفية غير المتجددة.
(الرياض، القصيم، حائل، الشرقية، تبوك، والجوف)، مياه هذه المناطق لا يمكن تعويضها، تجمعت خلال الفترات المطيرة، مناطق صحراوية شديدة الحساسية لأي تغيير مخل بالتوازن البيئي.
مساحة الصخور الرسوبية تعادل ثلثي مساحة المملكة، هذا يزيد من صعوبة مراقبة تنفيذ القرار.
ارتفعت الأصوات المنتفعة محتجّة ضد قرار وقف زراعة الأعلاف، من حقها كونها ضحية اجتهادت وزارة الزراعة، لكن مصلحة الوطن فوق كل مصلحة شخصية، فوق كل اجتهاد.
على المتضررين التنسيق مع وزارة الزراعة للتوجه نحو الزراعات الاقتصادية.
لضمان سيادة التوازن بين الماء والزراعة بما يحقق الاستدامة.
لن يتحقق هذا التوازن في غياب الإرشاد الزراعي.
وزارة الزراعة مسئولة عن إرشاد زراعي كفء، وفاعل، ومؤثر.
إرشاد يقود إلى نجاح مرحلة التصحيح (هذا إن كان هناك مرحلة تصحيح).
في غيابه سيتم بعثرة أهداف قرار وقف زراعة الأعلاف أدراج الرياح الصحراوية الحارة، فرض المرحلة التصحيحية ضرورة.
جب أن تملك وزارة الزراعة استراتيجية واضحة.
الوزارة ترهلت في غياب الاستراتيجية الزراعية، وفي ظل الاجتهادات غير الموفقة.
ترهل قاد البلاد إلى وضع مائي وزراعي مقلق وحرج. ويستمر الحديث بعنوان آخر.
نقلا عن اليوم