مؤشرات غير موضوعية تهيمن على أسواق المال العربية

14/12/2015 4
زياد الدباس

في الظروف العادية، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية أو المالية، يعتمد المستثمرون والمضاربون في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، سواء بالبيع أو الشراء، على نوعين من التحليل، الأول الأساسي والثاني الفني.

والتحليل الأساسي هو الذي يهتم به الاستثمار المؤسسي والاستثمار الطويل الأجل وهو يتطلب درس وضع الاقتصاد الكلي والمتغيرات الاقتصادية التي يمكن أن تؤثر في أسعار الأسهم بهدف تحديد القيمة العادلة أو القيمة المنطقية والحقيقة لأسعار أسهمها، إضافة إلى درس بعض المؤشرات المهمة التي تؤثر في هذه الأسعار، مثل سعر الفائدة ومستوى التضخم والإنفاق الاستهلاكي والضرائب، إضافة إلى المناخ الاقتصادي والاستثماري وتوقعات نمو الأرباح والأرباح الموزعة.

ويتطلب التحليل الأساسي درس حالة القطاع وأداء شركاته وسيولتها المالية وقدرتها على تسديد ديونها في مواعيدها المحددة.

في المقابل، يعتمد التحليل الفني، وهو التحليل الذي يهتم به المضاربون، على تحركات الأسعار وحجم التداول واتجاهات السوق في الماضي من أجل توقع اتجاهات الأسعار وحجم الطلب والعرض في المستقبل.

وهذا التحليل يعتمد على الأساليب الإحصائية والرسوم البيانية وهو لا يهتم بتحديد السعر العادل ولا يعترف بالسوق الكفوءة.

وظهر أخيراً التحليل السياسي الذي تزامن مع الظروف السياسية والأمنية والاجتماعية الاستثنائية التي مرت بها المنطقة وأدت إلى ارتفاع الأخطار في الاستثمار في معظم أسواق المنطقة، خصوصاً في دول الربيع العربي، نتيجة تراجع المؤشرات الاقتصادية والمالية لهذه الدول وتراجع قيمة عملاتها الوطنية وتصنيفاتها الائتمانية وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر وتحويلات المغتربين.

وأصبح المستثمرون يتابعون ما يحدث في المنطقة باعتبار أن الأخطار السياسية والأمنية والاجتماعية تستحوذ على ما نسبته 50 في المئة من إجمالي الأخطار التي يتعرض لها المستثمرون في الأسواق المالية.

وتهتم الأسواق المتقدمة منذ فترة زمنية طويلة بالجانب الإنساني والحالة النفسية في حركة العرض والطلب فاتخذت، على سبيل المثال، قرارات بإيقاف البيع على المكشوف عام 2008، وهو عام الأزمة المالية العالمية، باعتبار أن المكاسب من هذا البيع مصدره الرهان على تراجع الأسعار نتيجة البيع العشوائي وليس على ارتفاعها.

والبيع العشوائي غالباً ما يقوده صغار المضاربين.

والعوامل النفسية السلبية من أسباب تراجع قيمة التداولات في الأسواق نتيجة سيطرة حال من القلق والخوف وعدم وضوح الرؤية.

وهذا ما تمر به معظم أسواق المنطقة خلال هذه الفترة إذ ساهم التراجع الكبير في سعر النفط والتخوف من تراجع أكبر خلال هذه الفترة في سيطرة حال من عدم الثقة على قرارات المضاربين والمستثمرين نتيجة توقعاتهم بتراجع مستوى الإنفاق الحكومي، وانعكاس ذلك على أداء الاقتصاد الوطني، وبالتالي على أداء القطاعات الاقتصادية وأداء الشركات.

وعندما تسيطر حال نفسية متشائمة على قرارات المستثمرين من دون توافر أسباب موضوعية، تقع على جميع الأطراف المشاركة في الأسواق مسؤولية رفع معنويات المستثمرين لوقف البيع العشوائي واستغلال فرص الاستثمار التي توافرت في الأسواق بعد تراجع أسعار أسهم معظم الشركات المدرجة إلى ما دون قيمها العادلة، لأن ليس من مصلحة الاقتصاد أو ثروة المساهمين أو المصارف حصول تراجع كبير في القيمة السوقية لأسعار أسهم الشركات المدرجة.

وبالتالي من حق الهيئات الناظمة خفض الحد الأعلى لنسبة التراجع اليومي في أسعار أسهم الشركات المدرجة، وعلى الشركات المساهمة المدرجة في الأسواق مسؤولية الإفصاح عن توقعات أدائها وتوزيعاتها، وعلى أصحاب القرار الاقتصادي الحـكومي مــسؤولية الإفصاح عن توقعاتهم لأداء الاقتصاد والإنفاق الحكومي.

نقلا عن الحياة