تعكس العملات أوضاع الاقتصاد التي تمثلها، فالاقتصاد الذي ينمو بمعدلات مرتفعة ومعدلات البطالة فيه منخفضة نسبياً، تكون عملته قوية في مقابل عملات الاقتصاد الذي ينمو بمعدلات ضعيفة وتكون فيه معدلات البطالة مرتفعة.
فالاقتصاد الأميركي (بقياس الناتج المحلي الإجمالي) نما بنسبة 2.4 في المئة في 2014 ويقدر نموه بـ 2.6 و2.8 في المئة في 2015 و2016 على التوالي. أما اقتصاد منطقة اليورو فنما بنسبة أقل من واحد في المئة (0.9 في المئة) في 2014 ويتوقع أن ينمو بنسبة 1.5 و1.6 في المئة في 2015 و2016 على التوالي.
وفي اليابان، انكمش الاقتصاد عام 2014 (-0.1 في المئة) ويقدر نموه بنحو 0.6 و1.0 في المئة في 2015 و2016 على التوالي.
وانعكست قوة الاقتصاد الأميركي مقارنة بالاقتصاد الأوروبي أو الياباني في ارتفاع سعر صرف الدولار في مقابل اليورو والين الياباني.
والواقع أن سعر صرف الدولار مقابل اليورو ارتفع بنحو 24 في المئة وفي مقابل الين بنحو 19 في المئة بين الربع الثاني من 2014 والربع الثاني من 2015. كما أن سعر صرف الدولار في مقابل اليورو والين عكس التباين في السياسات النقدية الأميركية من جهة والأوروبية واليابانية من جهة أخرى: في الولايات المتحدة أوقف مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي) في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 برنامج التيسير الكمي (شراء أوراق مالية من المؤسسات المالية لرفع أسعارها وبالتالي خفض أسعار الفائدة في المدى الطويل وضخ سيولة في الاقتصاد لحفز النمو الاقتصادي)، وفي المقابل بدأ المصرف المركزي الأوروبي في آذار (مارس) 2015 برنامج التيسير الكمي الأوروبي، فيما يواصل المصرف المركزي الياباني تنفيذ التيسير الكمي الذي بدأه في نيسان (أبريل) 2013.
يتمثل توجه السياسة النقدية الأميركية في العودة إلى السياسة النقدية العادية بالبدء برفع سعر الفائدة المتوقع في كانون الأول (ديسمبر). أما السياسة النقدية في منطقة اليورو أو اليابان فتوسعية وغير تقليدية، إذ يضخ كل من المصرف المركزي الأوروبي والمصرف المركزي الياباني سيولة في الاقتصاد من خلال التيسير الكمي.
ودعم اختلاف النمو الاقتصادي المتوقع والتباين في توجه السياسات النقدية، ارتفاع سعر صرف الدولار في مقابل العملات الرئيسة.
أما العملات المربوطة بالدولار، ومنها عملات دول الخليج العربية باستثناء الكويت، (درهم الإمارات والريال السعودي والريال العماني والريال القطري والدينار البحريني)، فارتفعت في مقابل العملات الأخرى غير المربوطة بالدولار.
وتتجسد آثار ارتفاع سعر صرف الدولار على اقتصاد الدول المرتبطة عملاتها بالدولار في انخفاض تكاليف الواردات من اقتصاد الدول غير المرتبطة عملاتها بالدولار وهذا يؤدي إلى انخفاض معدلات التضخم، وتتجسد آثار ارتفاع أسعار صرف الدولار أيضاً في ارتفاع تكاليف الصادرات من البلدان التي تربط عملاتها بالدولار وبالتالي تنخفض الصادرات وترتفع نسبة البطالة وتنخفض تنافسية الاقتصاد.
لذا على الدول التي تربط عملاتها بالدولار أن تدرس آثار ارتفاع سعر صرف الدولار على مجمل النشاط الاقتصادي في شكل عام وعلى تنافسية الصادرات سواء كانت سلعاً أو خدمات في شكل خاص.
ونظراً إلى توقع استمرار تفوق النمو الاقتصادي الأميركي على النمو الاقتصادي الأوروبي والياباني، وفق توقعات صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير بعنوان "آفاق الاقتصاد العالمي"، سيظل الدولار قوياً في المدى المنظور.
نقلا عن الحياة