عنوان المقال هو موضوع المؤتمر الذي نظمه الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق النقد الدولي والحكومة الأردنية، برعاية كريمة من جلالة الملك عبدالله الثاني في عمّان يومي 11 و12 أيار ( مايو) الماضي.
وجاء انعقاد هذا المؤتمر بعد ثلاث سنوات تقريباً على بدء التحولات السياسية والاقتصادية الأساسية في عدد من بلدان العالم العربي. ووفق ما جاء في خطاب الدعوة للمشاركة في إعمال المؤتمر الذي استقطب نحو 300 مشارك من البلدان العربية وغير العربية، بدأت التحولات بطموح كبير ولكن الإنجاز أو التقدم في توليد النمو القوي والشامل المطلوب لخفض معدل البطالة ورفع مستويات المعيشة كان محدوداً.
تنظيم المؤتمر يختلف عن تنظيم المؤتمرات المعتادة حيث خصص اليوم الأول لمناقشة أربعة مواضيع هي: تنفيذ السياسات الاقتصادية الكلية من اجل المحافظة على الاستقرار ودعم النمو الشامل، إدخال الشباب رجالاً ونساء إلى سوق العمل، تحسين بيئة الأعمال، تعزيز الشفافية والإدارة الجيدة.
لقد حضرت جلستي تنفيذ السياسات الاقتصادية الكلية ودخول الشباب إلى سوق العمل، حيث تمت مناقشة كل موضوعين بالتوازي.
في جلسة السياسات الاقتصادية تمت مناقشة خمسة أسئلة هي: كيف تستطيع بلدان التحول تقوية الاستقرار الاقتصادي الكلي وتوليد فرص عمل أسرع وأكثر؟
ماذا على بلدان التحول ان تفعل لتقليص مواطن الضعف الخارجي؟
ما هي الدروس التي يمكن اكتسابها من الخبرة الحديثة في البلدان الأخرى؟
كيف تستطيع بلدان التحول تقليص عجز الموازنة وتوجيه الإنفاق العام لزيادة النمو الشامل والعدالة، وكيف يمكن التغلب على عقبات الإصلاح المطلوب؟
ما هي الدروس التي يمكن اكتسابها من الخبرة الحديثة في بلدان التحول وفي أماكن أخرى في خصوص شبكات الأمان للفقراء؟ ما هو دور المجتمع الدولي في دعم بلدان التحول في تحولاتها الاقتصادية؟
لم يكن في الإمكان مناقشة هذه المواضيع المهمة في 90 دقيقة مع أكثر من 100 مشارك في الجلسة.
لكن أهم ما قيل في شأن موضوع الجلسة هو أن الإصلاح سواء كان اقتصادياً أو غير ذلك، يستوجب الاتفاق على رؤية واضحة وبرنامج إصلاح واضح للمديين القصير والطويل واحتضان من قبل القيادات والناس وقيادة راغبة وقادرة على الإصلاح، ومن دون الرؤية والقيادة الراغبة والقادرة لا أمل في النهوض ببلدان التحول.
وفي جلسة سوق العمل، نوقشت أربع قضايا هي: كيف تستطيع دول التحول تقليص البطالة المرتفعة بين الشباب وجني العائد بالنسبة الى سنهم؟ ماذا يفعل كل من القطاعين العام والخاص لتحسين جاهزية الشباب لسوق العمل وخلق فرص عمل جيدة بوتيرة أسرع؟ ما هي أعظم إصلاحات ضاغطة في سياسات التعليم وسوق العمل وبيئة الأعمال لخلق فرص عمل؟ ماذا تستطيع بلدان التحول أن تتعلم من خبرة أسواق العمل النشطة وسياساتها في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى؟
في اليوم الثاني افتتح المؤتمر رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور وشارك في الافتتاح كرستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي، والمدير العام رئيس مجلس إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي عبداللطيف الحمد.
الكلام الذي سمعناه من رئيس الوزراء مهم جداً ويمكن تلخيص أهم ما جاء فيه بالآتي:
التجربة الأردنية في الإصلاح الشامل تستحق أن تدرس، أمن المنطقة العربية بات مرهوناً بدعم اقتصادات دولها الفقيرة، البطالة أصعب مشكلة في المجتمع وهي نتيجة وليست سبباً بحد ذاتها، يجب على صناع القرار أن يحظوا بالصدقية والكفاءة والنزاهة التي تعزز ثقة الناس بهم وان لا يأتي الإصلاح على أيدي من يراه الناس فاسداً، ضرورة دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر «فالمشاريع الصغيرة باتت موضة سائدة في العالم، فالجميع يدعو لها ويطالب بها ولكن تظهر المشكلات عند التطبيق.
فمثلاً نجد صعوبات في تصميم المشاريع والتمويل والإدارة»، علماً ان حجم هذه المشاريع يصل إلى 90 في المئة من الاقتصاد الأردني.
كما ان إقدام «دول أوروبا الغنية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا التي ضخت البلايين من الدولارات لدعم اقتصادات جيرانها الفقراء، ليس نوعاً من الإحسان الخيري بل تريد من وراء ذلك أن يكون بيتها ومحيطها آمنين، أي أن الوحدة الأوروبية هي الدفاع عن الذات».
الى ذلك، قال رئيس الوزراء الأردني «إنني من المؤمنين بضرورة تنمية المنطقة بأكملها حتى يصبح كل الإقليم العربي آمناً، ولا يمكن ان نتصور دولة غنية وبجوارها أخرى فقيرة. لذا يجب أن ننمي المنطقة بأكملها وبالتالي سيسود السلام العالمي».
نقلا عن الحياة